آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » تفسير القرآن الكريم » تفسير القرآن الكريم (المحاضرات الكتابية) » المحاضرة السادسة تفسير (مالك يوم الدين*إياك نعبد وإياك نستعين) من سورة الفاتحة

المحاضرة السادسة

تفسير (مالك يوم الدين*إياك نعبد وإياك نستعين) من سورة الفاتحة

قد تقدم تفسير الرحمن الرحيم في تفسير البسملة فلا نعيد و أما بالنسبة الى (مالك يوم الدين) فالمراد منه المقيم ليوم الدين أي ليوم الجزاء والحاكم فيه والقاضي فيه بالحق والعدل وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأنه لا ملك لأحد ظاهر فيه وقد قريء أيضا ملك يوم الدين حيث يظهر الله تعالى للخلائق طرا بإسم المالك المهيمن والملك القهار بما للملك والمالك من حقيقة هي القيومية وسقوط جميع الاعتبارات والملكيات حيث تكون المالكية والملك الحقيقي لا الإعتباري وحيث يكون واقع السلطان والهيمنة لله تعالى متجليا عندما ينكشف الغطاء و يصبح البصر حديدا ويوم الدين هو يوم الجزاء والحساب وله أسماء عدة وردت في الكتاب المجيد كيوم التغابن مثلا.

فإذن لا مانع من ذكر هذا الإسم او هذا النعت بالخصوص مع أن الله تعالى هو المالك والملك للكون سواءا في ذلك أمس او اليوم او غدا بلحاظ أنه لا ملك ولا سلطان لأحد غيره يكون له تحقق او ظهور في ذلك اليوم وعندها يقول تعالى بعد إنكشاف الغطاء(لمن الملك اليوم) فيجيب الجميع وهم خاضعون مستسلمون لواقع الأمر على الرغم من كون الكثير قبل ذلك كانوا من الغافلين قائلين (لله الواحد القهار) أو هو تعالى من يجيب من بعد ما يهيمن الصمت على المحشر لهيبة الله تعالى جبار السموات والأرضين قائلا (لله الواحد القهار) حيث يتجلى للجميع أن الأمر كله جزاءا وحكما وعفوا وشفاعة وتعذيبا لله عندما يصبح الجميع يلمسون فقرهم الذاتي وهيمنة الحق وقيوميته وهم خاضعون مذعنون راجون ثوابه وعفوه وخائفون من أخذه بعدله.

أجل يكون الظهور في ذلك اليوم لجميع الأسماء والصفات قهرا ولطفا وإن كانت صفات القهر والجبروت أكثر ظهورا بخلاف ما كان عليه تعالى في دار الدنيا حيث كان الظهور للرحمة لغاية الإختبار فتكون الهيمنة التي هي تأخذ بالقلوب وبالأخص في حق الذين كانوا قبل ذلك بعيدين عن شهود المحضر الربوبي في دار الدنيا وإلا فاولياء الله تعالى وهم في دار الدنيا كانوا قد عاشوا هذا الشهود ولذا لا يحزنهم الفزع الأكبر حيث أنهم يومئذ بمعزل عن الخلائق لطفا من الله تعالى حيث أنه قد أخذ على نفسه لطفا بحال أوليائه ألا يجمع عليهم خوف نفسه في دار الحق وخوف أعدائه في دار الدنيا و هو أرحم الراحمين فأولياؤه يعيشون السكينة بل السرور وهم من فزع يومئذ آمنون.

و إذ بجبابرة الأرض وشياطينها يومئذ مهطعين أذلة خاسئين صغارا تطأهم الخلائق بأقدامها إذلالا لهم قبل ذل النيران جزاءا وفاقا لمن كان من قبل ذلك من المتكبرين, و إن كان قبل ذلك من تبرأ منهم كان لهم من العابدين وذلك لبعد مكانهم عن الرحمة و نتانة اجسامهم وبشاعة صورهم وسواد وجوههم وقذارة انفاسهم وظهور ظلمة بواطنهم حتى كأنهم بالأمس ما كانوا ربّان هذه الدنيا وغاية طلابها وكعبة عشاقها إليهم تخضع الأعناق وفي اعتباهم تنثر لئاليء الكلمات تزلفا لهم وطمعا او خوفا من بطشهم لضعف النفوس.

أجل إنهم كانوا بالأمس آلهة من دون الله يعبدون يحرمون الحلال و يحلون الحرام بواسطة أذنابهم من وعاظ السلاطين من المتظاهرين بالنسك والتقوى وقد كان بالأمس القريب ظلمهم عدلا و باطلهم حقا وجهلهم علما وخطأهم صوابا وثرثرة كلامهم جواهر يكتبها طلاب الدنيا في سجل أسفارهم حيث راحوا يختزلون حضارات الأمم وتأريخها في الحديث عن الملوك والجبابرة تاركين الشعوب بمأساتها وفقرها تأن في أكواخها لكن الحق نقول إن الأمم كانوا لأنفسهم ظالمين تصديقا لقول الرسول (ص) كيفما تكونوا يولى عليكم حيث أن حكّام الجور والضلال هم نتاج حضارات الأمم و واقع إراداتهم ونوادر الخلق على طول التأريخ منار هدى لمن شاء إلى ربه سبيلا وهم الحجج ليوم الحساب.

(إياك نعبد وإياك نستعين) :

ينتقل الحديث من الغيبة الى الخطاب و الشهود وكأن المؤمن بعد السير والسلوك في معارج الربوبية بلحاظ إسم الجلالة والرحمانية والرحيمية وبعد الحمد والثناء قد تحقق له القرب فأصبح يعيش حضورا لو كان واقعا ممن قد عاش واقع هذه الأسماء والحمد و الثناء حيث يصبح أهلا ليخاطب مولاه بلا أي واسطة ولا أي حجاب من حجب الخارج او ظلمات النفس وغشاواتها ليقول بعد المعرفة يا مولاي أنا العبد الذي اصبح محض العبودية والخضوع والطاعة وإن تقديم المفعول وهو إياك على الفاعل يدل على الحصر ومقدمة لابد من التوجه الى أمر حتى لا يقع الإنسان في خلط بين المفاهيم فيظن أنما يقوله الجاهلون حقا ظانا أن الإستعانة بغير الله شرك مطلقا والحال أن الانسان يستعين في حياته بالأكل والشرب و الصديق والجار وبجميع الأسباب للوصول الى المسببات وبالكتب والمعارف ومن أبرز مواطن الإستعانة الإستعانة بهدى الأنبياء وشرح الأوصياء وتطبيقهم لمناهج رسالات السماء بعيدا عن أوهام المشركين الذين جعلوا ما ليس بسبب سببا كالأوثان والأصنام.

أجل العَالم عالَم علل و معاليل ومعدات ومؤهلات مادية ومعنوية وقد جعل الله تعالى لكل معلول علة وسببا وقال بالنسبة الى ذي القرنين (وأتبع سببا) حيث أن من عاش المحضر الربوبي ذاتا وصفة وحمدا وثناءا عاش مستعينا بالله نورا وبالعلم والعدل والحكمة التي هي في الله وأسماءه وآياته المتجلية في جميع السماوات والأرضين وبالأخص بآياته العظمى و كلماته التامة من الأنبياء وخلفائهم الصالحين وإنما الفارق بين المؤمن وغيره أن غير المؤمن يعطي الأسباب المادية طابع الإستقلال والمؤمن يراها فعل الله تعالى وأنها لولا إذنه لما كانت عاملة مؤثرة ولذا قد تصبح النار بردا وسلاما وقد يدعو المؤمن ربه بحق ومكانتة أوليائه إن لم نقل أن لهم حضور فعل بإذن الله تعالى كما للملائكة الكرام المدبرة أمرا حيث أن العوالم الأعلى محيطة بالعوالم الأدنى وهم أحياء عند ربهم يرزقون و حيث انا لو أردنا أن نبحث عن الأمر بحثا علميا لوجدنا لذلك مجالا واسعا من الإمكان إن لم يكن مؤيدا بدلائل النقل لكن هاهنا نقول بحق جاههم وعظيم مقامهم أن يحقق الله تعالى لنا ما هو الخير ويدفع عنا الشرور.

فالشرك هو أن يعدل الإنسان بربه أحدا او شيئا من الأشياء في العبادة او الإستعانة ويعطيه طابع الإستقلال منكرا لربه او غافلا عنه بعد كونه لامؤثر في الوجود إلا الله وما له الأثر إنما هو سبب بإذنه تعالى ولذا نقول من صلى وهو يلاحظ أحدا بنحو الاستقلالية او بنحو الاشراك في صلاته كانت صلاته باطلة لأن الشرك من الاشراك والاشتراك في الأثر والأمر حيث أنه لابد من الخلوص وشهود الحق في كل أمر قيوما وقد كان من أكبر الكبائر الشرك وليس ذلك في حق من وجد كل شيء خاضعا لله ومظهرا من مظاهر اسمائه وصفاته لكن ماذا يكون المقال مع قوم خلطوا بين المفاهيم ولم يميزوا بين الاستقلالية والفناء والتبعية وبالاخص حينما دفعت بهم الأحقاد الطائفية من ناحية وكبر الجهل المركب من ناحية اخرى ليحكموا على الأمة الإسلامية طرا بالكفر ويا ليتهم حكموا على الأمة بالفسق او الخطأ وهم مع ذلك كله يظنون انهم يحسنون صنعا والحال من فسق مؤمنا كان مصيره النار فضلا عمن كفر أمة وهو يعبد الحكام ويرى في وجوههم وجه الملك العلّام وسيد الاكوان والأنام محمدا عليه افضل الصلاة والسلام وقد وجد الحكام مصاديق لقول الرسول (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية حيث أنه يرى أن من لم يعرف حق هؤلاء الجهال الظالمين الفسقة المجرمين يموت ميتة جاهلية وحكام الأمس ليسوا هم إلا نسخة بدل من حكام اليوم الذين هم بلا شك و لاريب إلا ما ندر منهم مظاهر الجبابرة والفراعنة والشياطين وهو تعالى كما تشير بعض الروايات (أنه المالك لما ملّكك والقادر على ما عليه أقدرك) لكن أنى لجهال الجهل المركب من الرقي لفهم هذه الدقائق من آية او رواية طهرنا الله تعالى و إياكم من جهل المتكبرين بحق محمد وآله الطاهرين.

 

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

المحاضرة السابعة عشر تفسير قوله تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب)

المحاضرة السابعة عشر تفسير قوله تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب) من بعد ما تكلم الله تعالى عن المتقين جاء ليبن خصائصهم حتى يُعرف بسيماهم لدى من عرف الحق لا بألقاب قد تُفدى للرجال لزخارف الأقدار كحكم قد يهب طاغية عنوان أمير المؤمنين ومكرا قد يهب دجالا صفة الأولياء...

المحاضرة الخامسة عشر تفسير : (ذلك الكتاب لا ريب فيه)

المحاضرة الخامسة عشر تفسير : (ذلك الكتاب لا ريب فيه) كلمة ذلك يؤتى بها للإشارة الى البعيد في حين أن الكتاب المجيد بأيدي الناس ينظرون إليه ويشاهدونه فكيف يؤتى للقريب بما هو من شأن البعيد؟ فنقول إن ذلك واضح لدى أهل الأدب والمعرفة حيث أن المراد بالإشارة للبعيد في المقام...

المحاضرة الرابعة عشر بداية عرض الأخبار الأمرة بالعرض على الكتاب المجيد ثم تفسير (ألم)

المحاضرة الرابعة عشر بداية عرض الأخبار الأمرة بالعرض على الكتاب المجيد ثم تفسير (ألم) سورة البقرة مدنية كلها إلا آية واحدة كما قيل. قبل الدخول في تفسير سورة البقرة لا بأس بذكر الأحاديث الآمرة بلزوم العرض على كتاب الله تعالى ليعرف القاريء الكريم أن الأساس في كل شيء هو...

المحاضرة الرابعة عشر تفسير قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين

المحاضرة الرابعة عشر تفسير قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين من بعد أن طلب العبد المؤمن من ربه أن يوفقه ليصبح من الذين أنعم الله عليهم أرشده تعالى الى أن يدعو أيضا بألا يصبح من المغضوب عليهم ولا الضالين إما من باب التأكيد أو لأن العبد قد يظن نفسه من الذين...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا