آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

العلم واليقين إجابة لسؤال أحد السادة الأجلاء

ليس العلم بالشيء علة لحدوث اليقين للنفس وبتعبير آخر ليس اليقين نتاج علمٍ حاصلٍ من الجزم بالنسبة في قضية من القضايا أو في أمر من الأمور ولو بلغ العلم بالشيء ما بلغ من الوضوح وذلك لأن اليقين تابع لقرارة النفس فهو فعل نفساني مترتب على العلم أي حاصل من بعده، فاليقين المراد في الشرع هو صفة إيمان والعلم قد يحصل لكافرٍ أو ماكر لكن اليقين على إختلاف مراتبه شدة وضعفاً هو من سبل العبودية لله تعالى فأصحاب اليقين هم من المؤمنين سواء كان متعلق اليقين توحيداً أو نبوةً أو إمامة أو غيرها أو كان عملاً من الأعمال أقرّت به النفس صلاحاً كان كالصلاة أو طلاحا كشرب الخمر وقد قسّم اليقين بتبع ما يفهم من الآيات والروايات من حيث المراتب قوة وضعفاً أو من حيث الأسباب الموجبة له إلى ثلاثة أقسام: علم يقين وعين يقين وحق يقين، حيث قد أضيف اليقين إلى العلم تارة وإلى العين أي شهود الواقع الخارجي تارة أخرى وثالثة قد أضيف إلى الحق حيث إتحاد الحقيقة مع النفس وصيرورة الحق عين العالم به إما لإتحادٍ بين العالم والعلم والمعلوم لفناء الذات مع الحق وصيرورتها شيئا واحداً أو لأنها هي الحقيقة وهي المرتبة الأعلى من جميع المراتب طراً وهي مقام أولياء الله تعالى الذين هم القرآن الناطق ومظاهر الأسماء وعليه فيفهم من ذلك أن مرتبة حق اليقين التي هي أعلى المراتب يقيناً تقسّم إلى قسمين مكتسبة تحصل بالسير والسلوك وقد يعبر عنها بالعصمة الصغرى وذاتية هي واقع عظم النفس سعة و وجوداً حيث تكون النفس عقلاً وفطرة بواقع إطلاق الكلمة لا إثنينية بينهما.

وإن كان اليقين بما هو يقين بمعنىً واحد في جميع مراتبه وهو قرارة النفس واطمئنانها بما تعلّقت به من علمٍ أو عين وخارجٍ أو إتحادٍ و وحدة مع الحق لكن هذا الإطمئنان تابع لمناشئه وأسبابه حيث في الصورتين الأوليتين يكون بين الواقع والعلم إثنينية وفي الصورة الثالثة وهو حق اليقين لا إثنينية في المقام بل وحدةٌ بنحو الإتحاد تارة وأخرى بنحو تجسيد الحقيقة وظهورها لسعة الوجود ولذا يستحيل الخطأ عقلا او فطرة في هذه المرتبة من اليقين وهذا هو مقام الولاية حيث أن صاحب اليقين في المرتبة الثانية من حق اليقين هو الحق والواقع وإن كان شهود الحقيقة في عين اليقين أقوى طمأنينة من علم اليقين حيث يكون اليقين بتبع الدليل والبرهان وأين مقام المستدل الذي بينه وبين الواقع واسطة دليل كمن تقام لديه البينة وبين من يشهد الحقيقة شهوداً عينياً أي من يشاهد الأعيان في مواطنها بلا زيادة ولا نقصان تحقيقاً لمقالة الأولياء (اللهم أرني الأشياء كما هي) لكن هذا ليس معناه أن من يدعي الشهود والمكاشفة كالعرفاء هم أعظم مقاما من الفلاسفة أصحاب المناهج العقلية برهاناً وكيف يمكن التصديق بذلك واكثر من يدعي العرفان والشهود هو لم يشهد الحق تعالى بمظاهر أسماءه وقرآنه الناطق وهم خلفاء الرسل ومن يخطأ في الواضحات حقا وباطلاً فيشهد الكتاب المجيد والسنة القطعية والسيرة النبوية متجلية بغير أهلها من الرجال والنساء بل وأحياناً بمظاهر الشياطين لا يكون شهوده إلا وهماً وضرباً من الخيال وإن قبلنا له قولاً كعلم في بعض سبل السير والسلوك المستفاد من الكتاب أو السنة القطعية.

وأصحاب الإيمان حقاً بتبع واقع اليقين من أشار إليهم الحق تعالى في كتابه المجيد قائلا: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) وذلك لأن مجرد مصادفة الواقع لا تعتبر إيمانا ولا يقيناً فالمقلد ديناً والتابع لغيره جهلاً ليس من أتباع الرسل الكرام حقاً بل هو من أتباع الحضارات فهذا بمقتضى القدر قد ولد في شرق الدنيا وذاك في غربها وصار بتبع ذلك منتسباً إلى بعض المسالك والمذاهب والأديان في حين أن المسلم حقاً من شهد بواقع شرع السلام شهود صدقٍ فهو يعلم ما يقول ولا شهادة صدقٍ إلا بتبع يقين تابع لسلامة عقل بتبع آيةٍ أو سنة ثابتة أوسيرة قطعية واليقين كما تقدم تابع لمناشئه وأسبابه الحقة وإلا فأكثر أبناء الدنيا هم جازمون معتقدون ولهم من الأدلة أسفاراً بها يعيشون الطمأنينة ولو كانوا من عبدة الأوثان والهوى.

وقد أشرنا إلى أن حق اليقين أي اليقين الذي يكون حقاً الذي لا ريب فيه ولا يعتريه الخطأ هو مقام أولياء الله تعالى المخلصين وليس نتاج زكاة وسير وسلوك وإن كان السالك قد يكون من أهل اليقين وإن كل يقين له مراتب وذلك لأن الإيمان واليقين كالوجود والنور هو من الحقائق المشككة أي القابلة للشدة والضعف، ضعفاً في مقابل شدة فهو نسبيٌ وإلا فالإيمان واليقين لا يوصفان بالضعف أبداً وقد أشار الله تعالى إلى هذه المراتب قائلاً (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) وقد ورد أيضا (هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون) كما ورد أيضا عن الإمام الصادق عليه السلام شاهد صدقٍ على واقع هذه المراتب : إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة) .

وفي أهمية اليقين ورد عن الإمام علي ع : (اليقين رأس الدين وفي حديث آخر عماد الدين ) ولذا كان ضعف العمل تابعا لضعف اليقين وبالأحرى أن يقال كان تابعا لظنٍ رآه صاحبه يقيناً وقد ورد أنه ربما عبّر العرب بالظن عن اليقين وباليقين عن الظن وليس ذلك تابعا لقلة العلم لأن العالم قد يكون شيطانا ماكراً جاعلا العلم جسراً للوصول إلى غاياته وهو لم يحمل من اليقين ذرةً.

نعم العلم شرط لليقين فلا يقين لجاهل وإن ظن نفسه من الزهاد ومن المعلوم أن العلم يقابله الجهل بسيطا كان أو مركباً وما بين العلم والجهل مراتب هي الوهم والشك والظن.

وبالجملة المراد من علم اليقين علماً يستوجب اليقين ومن عين اليقين واقعاً مشهودا خارجياً يستوجب اليقين أيضاً ومن حق اليقين أن صاحبه بنفسه هو اليقين كوناً مجسداً للحق علماً وعملا وقد نعتبر الفناء للنفس في واقع المعتقد والعمل به حق يقين أيضاً وقد نطلق عليه العصمة الصغرى قال تعالى (وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين) ففسر ذلك بالموت أي تجب العبادة حتى الموت وهذا وإن أمكن أن يكون مراداً بلحاظ وإعتبار إلا أن كون الحياة الأخرى بها يتحقق اليقين للخلق جميعاً فلا يكون دليلاً على أن المراد هو هذا فقط دون غيره ولست هاهنا بصدد تفسير الآية الشريفة وقد أفسرها في مقام آخر.

كما وأنه قد فسر اليقين بالتوحيد والعلم والمعرفة أيضا التي لا لبس فيها فكون بعض المصاديق هي من واقع اليقين أيضا ليس تحديدا للمراد من اليقين.

وليست الميزة في اليقين بما هو يقين للمؤمنين فأكثر أبناء الدنيا متيقنون فيما يعتقدون به قد اطمأنت نفوسهم بمعتقدهم وإنما العظم فيما هي أسباب هذا اليقين وإلا فربما إعتبر الشخص لجهل أن الأكثرية من معالم الصدق الداعية إلى اليقين ولذا ربما رآى السني لأكثرية نفسه مصيبا للواقع متيقنا مؤمناً وأن يقينه هو الحق وربما شاكله في السببية بوذيٌ ليستدل على صحة معتقده بنفس هذا الإستدلال والمنهاج.

ومن كان عقلاً وفطرة كان ميزانا للحق ويقيناً يجد ما تحير فيه العقول أو تتردد فيه بديهياً فيقول قائلهم : بك عرفتك- فالوجود لديهم هو البرهان ويقول قائلهم: يا من دل على ذاته بذاته- فبواقع الوجود شاهدوا كل شيء شهود يقين في مواطنه الثلاث فكانوا علم يقين وعين يقين وحق يقين وهم الصديقون حقاً ولا يمكن أن يتصور متصور أن هناك من قد بلغ حق اليقين وهو لم يكن عين يقين أو علم يقين.

وللإيمان مراتب بتبع عظم العقل وسلامة الفطرة ومدارج العلم والإلتزام بالعمل الصالح حيث منازل المخلصين بواقع رفيع اليقين المبني على أسس الحق بعيدا عن التقاليد والحضارات والعصبيات حيث لا يكون ذلك بالأماني بل لمن شهد بالحق وهم يعلمون كما تقدم وإلا فقد يصادف المقلد والجاهل الحق كما تقدم ويتطابق معه قولا أو عملا.

أجل ليس كل من يدعي الإعتقاد بالتوحيد موحدا ولا من يقول بمقالة حق بتبع آية او رواية هو من أهل الحق واليقين وكذلك هو شأن من صادف مذهب الحق لخلفاء الرسل بعيدا عن مناهج أبناء الدنيا من تسميه الناس بأمير المؤمنين أعني من وجد نفسه من أتباع محمد وآله الكرام فإنه ربما كان قدراً كما كان قدر زيد أن يولد في مجتمع يهودي أو نصراني وآخر أن يولد في مجتمع وثني إو إلحادي وعشر رجال قد يتفق كلامهم على أمرٍ كتوحيدٍ لكن لو تأملنا في الأمر لوجدنا ناظرا منهم ينظر إلى دقائق الامور بمنظارٍ بينه وبين الآخر ما بين السماء والأرض من حيث أسس اليقين وأعماق المعتقد حيث أن البعض مع قولهم بالتوحيد هم كالريشة في مهب الرياح عند أول شبهة والآخر تزول الجبال من مواقعها ولا يزول كمالك الأشتر حيث يقول في حقه علي عليه السلام في أمة مسلمة أو مجتمع ينسب نفسه إلى أهل البيت عليهم السلام : ليت فيكم إثنين كمالك، وحيث يقول : وهل موجود كمالك، وحيث يقول : عقمت النساء أن يلدن كمالك وحيث يقول: كان لي مالك كما كنت لرسول الله ص، أجل هكذا هوواقع الإيمان واليقين داعياً الله تعالى أن يوفقنا إلى قدرٍ ما لما وفق إليه أهل الولاية حقاً لنكون بواقع معارفنا وصدق إيماننا تقديساً للكتاب المجيد والسنة القطعية والسيرة العطرة لمحمد وآله الكرام لا تقديسا للرجال على حساب الدين فأولئك هم الشيعة حقاً أصحاب علم اليقين برهاناً بشموخ عقولهم وأصحاب عين اليقين شهودا للحقائق في مواطنها بطهر نفوسهم وأصحاب حق اليقين تجسيداً لشريعة السلام في مقال وفعل فهم لسان الشريعة الناطق صدقاً ومنهاجها القائم بتبع محمد وآله الكرام وفي الختام أستودعكم الله تعالى سيدنا الجليل داعيا لكم بكل خير عاجله وآجله.

محمد كاظم الخاقاني

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

محاضرات في الفطرة

محاضرات في الفطرة لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني  المحاضرة الأولى: هل الحمض النووي او ما يسمى بالـ DNA هو الفطرة؟

أين كانت الجنة التي أخرجَ منها آدم عليه السلام؟

بسم الله الرحمن الرحيم  أين كانت الجنة التي أخرجَ منها آدم عليه السلام؟ بسم الله الرحمن الرحيم وبعد فقد ورد سؤال من بعض الإخوة الكرام يقول فيه أين كانت الجنة التي أنزل منها آدم (ع) فهل هي جنة الخلد التي ستكون مقراً للأنبياء والصالحين بعد هذه الحياة الدنيا أم هي جنة في...

كيف يأتي الإمام الحسين (ع) بطفله للمعركة طالبا له الماء وهو يعلم قطعا أنه سيقتل؟

بسم الله الرحمن الرحيم يقول بعض الأخوة الكرام إن هناك تسائلات تطرح بنحو الإستفهام أو النقد العلمي على بعض المرويات التي تعتبر من المعتقد الشيعي والتي منها أنكم تقولون بأن الحسين عليه السلام يعلم الغيبَ وكان عالما بأنه إذا جاء بولده وطلب له ماءً سيرميه حرمة أو أنه...

سؤال حول مسألة التطبير

سؤال حول مسألة التطبير بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله الطاهرين. و بعد فجوابا لسؤال قد ورد من قبل بعض المؤمنين حول مسألة التطبير في ما يتعلق بعزاء الإمام الحسين عليه السلام من أن ذلك هل هو من إحياء أمرهم او أنه من...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا