أين تكمن الأزمة
بقلم سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
بادر العديد من مثقفي هذه الأمة المسلمة من ذوي العلم و الرأي و ممن يرى نفسه سائرا في ركب الغيارى على كرامة الأمة و مصيرها و كيانها و تراثها الشامخ الأصيل لتعليل أسباب الانهيار و التخلف و التمزق و ما يمكن أن تكون من السبل للعودة إلى مدارج المجد و العز الذي أسس أركانه رائد السلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة و الكمال من بعد ما وجد هؤلاء المثقفون الحصون قد تدكدكت و الأبواب قد اقتلعت و الجيوش الغازية قد تدفقت كالسيل قادمة من شتى بقاع الأرض تتصارع فيما بينها بعد زهوة الانتصار على تقسيم الغنائم حيث لم يبق لهذه الأمة المنهزمة من تراثها المنشود وصرحها الشامخ موضع قدم إلا وقد ناله التصدع و وطئ بأقدام الطامعين سوى بعض الأحاديث التي يتداول نقلها في زوايا الأكواخ بعض المساكين ليلا لتسكين ألم النفوس تارة و للفخر برفات الدهور تارة أخرى على الرغم من عظم شأن المرسل و الرسول و الرسالة.
فراح كل واحد من هؤلاء السادة طبقا لمجال اختصاصه وأصول تربيته و منظار مذهبيته و ظرفه المكاني و الزماني ليعلل تدهور هذه الأمة المسلمة بعلة اعتبرها المستند الوحيد لكافة ما يعاني منه أبناء هذا الدين القويم من تخلف و انهيار و تمزق و شتات حتى قيل اتفق العرب على أن لا يتفقوا و إن كان في هذا التعبير تضييق لدائرة المأساة حيث أنها راحت لتعم الأمة المسلمة كافة عربا كانوا أو غير عرب في عصر أصبح المسلم يعيش صفر اليدين من عظيم تراثه المادي و المعنوي و إن كانت بقية العصور التي مرت لا تقل فيها المأساة عن يومنا هذا في ميادين الاضطهاد و الكبت و الضياع الحضاري و المعرفي مما يجعل القلم عاجزاً عن الخوض في بعض مجالات الأزمة فضلا عن رسم عميق أبعادها.
فحاول البعض بهالة من الخطاب الشعري محفوفا برقيق نغم الألفاظ و همس نسيم حلم عالم الخيال أن يعزو جميع هذه المأساة لشأن معرفي ناتج عن خطأ في الرأي لفهم البشرية في مواطن التفسير و التأويل و مجال التطبيق لأبعاد الكتاب و السنة أفرزته توالي الأيام و الدهور.
و أندفع آخر بعد تدقيق و تحقيق في المقام بحسب ما ارتآه ليعلن جازما أن المشكلة إنما تكمن في بُعد خارجي ألا و هو الغزو الفكري و العسكري الغربي ليلقي باللائمة كل اللائمة على عنصر خارج عن الهيكل الإسلامي لينام قرير العين هادئ البال من تأنيب الضمير وعبئ المسؤولية دينية كانت أو قومية حيث أنه لم يكن بحسب رأيه جزء علة قي تحقيق هذا العدوان و مأساة الأمة التي هو أحد أفرادها و على إثر هذا التحليل و المعتقد بادر الكثير من دعاة الإصلاح و بالأخص رجالات الدين للدعوة إلى إحياء تراث الإسلام و مجد المسلمين بالوقوف أمام هذا الزحف الغربي داعين الأمة للنهوض صفا واحدا لمواجهة المد العلماني أو الصليبي من بعد ما انهار المد الأحمر في كثير من بقاع الأرض و أصبح بدلا من الهجوم و الغزو مدافعا.
وإعتلى صهوة جواده ثالث في هذا الخضم من تلاطم الآراء تنافسا أو تصارعا ليطل بمنظاره الخاص من فوق قمم العلياء على قوافل المسلمين وهي تنحدر من علياء قممها إلى سفح الجبال قاصدة الوديان حتى إذا ما أمعن النظر و هو يعاود الكرة بعد الكرة صاح بأعلى صوته هلم إلي أيها المسلمون فها أنا قد أبصرت من مكامن سلالم العلياء منازل الأفق المبين حينما تعاليت عن الظلمات عالم الناسوت سالكا سبل ربي عروجا إلى عوالم الملكوت و اللاهوت و من ثم إلى سماء إشراقة الجبروت حيث قدس تجليات النور بما منحني تبارك اسمه من خصائص فيض المقربين و الأولياء المخلصين حيث يكون هنالك شهود السبب الرئيس لأزمة هذه الأمة جليا بأعين العارفين فأبشروا فإني قد جئتكم بالخبر اليقين ( وعند جهينة الخبر الصحيح ) فلا أكتمكم خفي ما أطلعت عليه من نعم الحق و آلائه و هو القائل } و أما بنعمة ربك فحدث{ و أي نعمة هي أعظم مكانة من العلم وما نبأني اللطيف الخبير في خلوات مكنون السر و معالم شهود العارفين فأصغوا إليّ بمسامع القلوب و لا تغفلوا حتى تصبحوا محلا لتلقي هذه الفيوضات التي لا يتلقاها إلا ذو حظ عظيم فإني قد رأيت فيما يرى المستيقظ الفطن كيف راح ماكر غادر ليشق صفوف المسلمين و يخرق سليم عقولهم قبل أن يوردهم موارد الهلكى ينال من قيم دينهم و عز مكانتهم باذلا قصارى جهده في تثبيط عزائمهم ليوقع الشر في نفوسهم تجاه قياداتهم السليمة و ولاة أمرهم أمراء المسلمين فياله من رجل خبيث كافر فاجر يعبث بكرامة الأمة و أسس معتقدها ألا وهو عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل المسلم بالعنوان مكرا و كذبا و زورا.
ثم عاد فارسُنا المغوار بعد طي القرون و توالي الدهور ليطلق عنان بصره ثانية من فوق علياء سماء المقربين ليطل على سير قوافل المسلمين من وراء حجب النور و مطاوي سجل الغيوب ليشاهد الأزمة بكل ثقلها عائدة متمثلة في خطط رجلين أحدهما يسمى الخواجة نصير الدين الطوسي و الآخر بابن العلقمي فهؤلاء الرجال باعتقاد فارسنا المغوار و محللنا السياسي و الاجتماعي و مستشارنا الأخصائي في محافل المتألهين و الفقهاء المتنسكين كثّر الله تعالى أمثاله من أذكياء هذه الأمة وبورك له في مكنون سرّه و واسع علمه و لا حرمنا الله تعالى من فيض تجليات إشراقه هم تمام العلة لمأساة المسلمين و تدهور كيانهم بقياداتهم السليمة و أسسهم الناطحة للسحاب.
و إندفع رابع بلواءه إلى ميادين الصراع و النزاع حيث تشابكُ أسنة الأقلام و زئير أسد الأعواد يدويّ في كل حوب و صوب يخفق بلوائه يسنده جل السواد الأعظم بمختلف الرايات في هذا العصر فرحا على الرغم من شدة ألم المأساة حيث وجد نفسه نزيها كل النزاهة من الاشتراك في دواعي تحقيق هذه الأزمة ليعبر عن نفسه بالأصالة و عن الأمة بالنيابة بأنه قد عرف سبب العناء و التخلف و المأساة حين لمس كل ذلك مجتمعا في حكام المسلمين و وعاظ السلاطين حيث سار يدا بيد لمحق الحقوق و نهب الثروات أعم من كونها مادية أو معنوية و تضليل المجتمع و إضاعة الحقائق حتى أوردوا هذه الأمة موارد الذل و الهوان لتصبح بذلك تستجدي الرحمة من أعدائها الغازين تاركا وراءه ألف سبب و شرط و معد ربما كانت جميعا مع ما إرتآه تمام العلة لمأساة هذه الأمة.
و اعتقد خامس بأن السر مكتوم تحت طيات غطاء أضفت عليه ليالي الدهور سنن الشرع بعدما كان انقلابا على الأعقاب لإعادة سنن الجاهلية مصدقا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (و لتتبعن سنن من كان قبلكم ….. حيث يكون كلامه صلى الله عليه وآله وسلم تبيانا لأسس الكتاب المجيد القائل : } وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ….{
و هكذا راح كل ذي رأي و مسلك يعلل الأزمة بعلة لتعدد الآراء في هذا المقام بحثا عن موجبات المأساة و التدهور المتواصل المستمر طيلة القرون حتى بات تدهور القيم و الأمة يعم ما نملك مقاليد أمره بلا حاجة إلى كسب علم أو استيراد أدوات أو أجهزة من الخارج كحسن الخلق و رد الأمانة و صدق المقال في التعامل و غير ذلك من بدايات الفضائل فضلا عن الالتزام بدقائق موازين الشرع القويم التي لا ريب في جليل تصدعها في الديار الإسلامية، كل ذلك يحف بنسيج من عشرات الآلاف من التبريرات و التفاسير للتخلي عن المسؤولية، أشرت إلى بعض أمهات الأقوال و الآراء تاركا جلها للقارئ الكريم وفقنا الله تعالى و إياكم إلى حسن الصنيع بدلا من التدرع بدروع مخادعة النفس للتخلص من عبئ المسؤولية التي لا ريب في تحمل كل واحد منا قسطا منها إن أنصف الحكم و إن كانت بعض الأسباب أقوى تأثيرا من بعضها الآخر إن كان المشهود منها له السببية في نفس الأمر و الواقع.
فتركت و رائي أكداسا من صحائف التعليلات و التبريرات و وقفت في العراء ألتحف السماء و أفترش الحصى حَيران مثقلا مما يحز في النفس من شدة الحزن و الأسى، تصهرني حرارة الشمس تارة و يزعجني رعد البرق و وابل المطر تارة أخرى أدير الطرف حيث الحسرات و الآهات تذيب أعماق وجودي لا تحملني قدماي لعظيم مصاب هذه الأمة أمعن النظر في كم هائل من سجل عظيم الآراء المتدافعة المتجاذبة يسحق بعضها بعضا تتخبط في مسالك جريها و منازل وصلها، أبلت زخارف الألحان زهرة بريقها الناصع عندما اندفعت من معازف أوتارها بدوافع الشنآن و روح التضاد و حب الظهور و النقد الهدام و تتبع الثغرات و التخلي من المسؤوليات إلا نادرا بدلا من تكريس صفو قواها و جمع نفائس جواهرها المبعثرة الملقات على قارعة الطريق و زوايا المنازل الخاليات لإعادة بناء صرحنا المائل و تراثنا المنهوب.
فيا لله كم بات الجرح عميقا، عميقا، عميقا و أنا أتستر بقميص رقيق أبلته طوارق الحدثان، كل ذلك من أجل الهروب من طعن تأنيب الضمير لحظات الوعي و اليقظة و إن كانت هي ثوان من صروف الحياة سعيا وراء إلقاء اللائمة على قوم آخرين إن أمكن أن أجد لهم مصداقا على الأرض الواقع و لو في لفيف شجر الغابات أو في أعماق ظلمات البحور و إلا أبدعت في ميادين الخيال و واسع سمائه المرهف فاصطنعت دمية لأصبح بذلك بحسب الوهم من مظاهر تجليات الحق تعالى حيث الإيجاد للأشياء إبداعا ثم حمّلتها عبئ المسؤولية و عار الخيانة و تمام السببية لأبعاد الأزمة ثم عاودت بعد ذلك مقبلا بتمام الوجه أستقرئ وجوه حشد القابعين في نفق الأوهام لتبادل رقيق الكلمات على عظيم الصبر بازاء هذا الامتحان الصعب المرير ليبشّر بعضنا بعضا بجنة عدن عند مليك مقتدر حين يكون الجزاء وفاقا بازاء الصبر و اكتشاف علل الأزمة.
أجل أنه لمشهد حسن المظهر تتجلى أعلامه في مواطن الجدل و الإفراط في ميادين حب الذات لصاحبها نقية زكية ناصعة سليمة تأخذ به إلى وادي السلام حيث الأنس و الخلود بعيدا عن مزالق الاقدام في نفق ظلمات الجاهلين و المكرة الخائنين الذين خانوا الأمانة لرب العالمين و قد كان ذلك من دواعي بقاء الأمم على الموروث حتى راح الوثني ليجزم بحقانية مسلكه فضلا عن إتباع الرسالات السماوية بعد كون جل سلاك الطرق على كثرتها لا يترددون أن الحق واحد لا تعدد فيه لكن من المؤسف أن يراد تابعا لا متبوعا تبعية الواجب لحب الذات بدواعي أناخير منه تبعا لخطوات الشيطان، لكنها سرعان ما تسلم حاملها دار الحسرة و الندامة حيث الفراغ من مسالك الإصلاح و مواطن التطبيق حتى و لو سلم المعتقد عن الخطأ و الانحدار في الحضيض بحسب الواقع لا بحسب المعتقد التابع لمناشيء قيوده في الغالب في المجتمعات البشرية و إن تلبّس بلباس المثقفين و الأحرار وتردى رداء البررة و الأخيار.
و بعد برهة من الزمن عاودني رشدي بعيدا عن المشاتمات باسم المحاورات الدينية و المجاملات باسم المقربات بين الطوائف الإسلامية حيث ضياع الحقائق على حساب شرع الله القويم فشاهدت كيف راحت الأمم يتلو بعضها بعضا كأنها تساق قسرا إلى محافل حتفها تاركة وراءها سليم العقل و سديد الحق و ناصع العبر لتعيش الموروث و حضارة الجاهلية باسم صراط الله المستقيم.
و علمت أن الأمم لا تأخذ إلى قمم العلياء أو حضيض الوديان لمجرد سبب واحد ما لم تتوال الأسباب كحلقة متواصلة لتحقيق واقع أمة رفعة أو إنحطاطا.
و شاهدت كيف تجري سنن الله تعالى في فسيح أرضه بلورة لحياة الاختبار و الاختيار و لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة هي أمة السلام حيث العقل و الفطرة.
وشاهدت من خلال المطاف كيف اتبعت أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم سنن الماضين شبرا بشبر و ذراعا بذراع، تؤخذ البيعة تحت ظلال السيوف على حساب الدين على مرأى و مسمع من عامة المهاجرين و الأنصار على الرغم من تسميتها باسم الشورى حينما جاء زعيم القوم قائلا: من ينازعنا سلطان محمد و نحن عشيرته ناسيا أو متناسيا أنها النبوة التي رفع أعلامها سيد الكائنات لترسم مكارم الأخلاق رحمة للعالمين لا لسيادة قريش على رقاب الأمم لتُسحق الشورى و النصوص الدالة على الإمامة معا تحت أقدام الجبابرة المستبدين و شاهدت كيف باتت تقَسم الأموال لبيت مال المسلمين بالرغبات و الشهوات و هي تسمى بجود السلاطين و سخاء أمراء المؤمنين بدلا من أن توسم بالسرقات لأموال الفقراء و المستضعفين و اليتامى و الأرامل المعدمين.
فأقول عودا على بدء: إنه لا ريب أن مفتاح الرشاد و سبيل الرقي نحو الكمال و التطلع إلى الآفاق هو العلم، فللمعرفة شأن لا يدانيه أي شي آخر، فالعلم نور و الجهل ظلمة، و العلم حياة و الجهل موت، و قد قال تعالى في محكم كتابه المجيد: { قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون } وقال أيضا: {إنما يخشى الله من عباده العلماء }
والمتتبع في هذا المقام يجد مئات الموارد في الكتاب و السنة تشيد بالعلم و العلماء على اختلاف مراتب العلم و أنواعه و قابليات النفوس لتلقيه سعة وضيقا و تمنح العلماء مكانة لا يضاهيها في المنزلة أحد من الخلق حتى جعلت سكان الملأ الأعلى سجدا لعظيم مقام العلم حينما خلق الله تعالى آدم عليه السلام معلَما للملائكة الأسماء كلها، لكن ذلك كله لا يعني أن العلم وحده هو تمام العلة لتدور مداره السعادة وجودا و عدما في دار الدنيا والآخرة فقد يوجد العلم ولم تحصل الغاية المنشودة منه و قد ذم تعالى في مواطن عدة من كتابه المجيد علماء السوء واصفا إياهم تارة بالكلاب كما قال تعالى حكاية عن أحد أكابر علماء اليهود كمثال لعلماء السوء المتواجدين في كل دين و مذهب { وأتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين } { ولو شئنا لرفعناه بها و لكنه أخلد إلى الأرض و اتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث } كناية عن سجية فيه على كل حال سواء منعته أو أعطيته هو مادٌ لسانه في حديث طويل يذم عوام اليهود بتقليدهم لعلمائهم بلا فحص و لا معرفة وقال الإمام الصادق عليه السلام ما مضمونه أن عوام شيعتنا إن قلدوا علمائهم بهذه المقاييس فهم كعوام اليهود و العامة وأخرى واصفا لعلماء السوء بالحمير التي تحمل أسفارا قال تعالى: { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا } وذم علماء السوء الذين يكتمون الحق وذم علماء السوء اللذين يكتمون الحق ويخونون أمانة العلم أو يتخذون عليه ثمنا قليلا لدنيا زائلة.
فقول البعض: إن مأساة الأمة و أزمتها إنما تكمن في شيء معرفي فقط لو قُدَر أن يرتفع لعاشت الأمة كمالها و عزها المطلوب، كلام فيه الكثير من التأمل و ذلك لأن الأمة ما كانت لتعيش جهلا في ظل سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله وسلم حينما راحت لتحي سنن الجاهلية في نزعتها القبلية في سقيفة بني ساعدة ورائد السلام بعد لم تجرعليه حتى مراسيم التوديع فضلا عن أدب التكريم و سنن التدفين.
و إن المتتبع لحياة الأمم بعد أنبياءها سيجد بجلاء أن بوادر الانحراف عن منهاج الحق و الضياع لموازيين العدل ما كان رهين جهل ولا قرين شبهة بل كان ناشئا من حب الدنيا وبقاء رواسب حضارة الجاهلية في النفوس وقد حذر القرآن المجيد أتباع الأنبياء من رواسب الجاهلية حينما أشار في مواطن عدة إلى قصص بني إسرائيل مع موسى عليه السلام حينما عبدوا العجل وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها كما لعبدة الأصنام آلهة وأن يروا الله جهرة و هو ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وآله الأمة الإسلامية لمزيد من العلم حينما نهاهم من الإنقلاب على الأعقاب من بعده أو التنافس فيها أي في شأن الدنيا وقد ورد ذلك في صحاح العامة كثيرا وفي المستندات الخاصة أيضا.
فمحمد صلى الله عليه وآله نبي العرفان و الصلاح ما كان ليعيش في كنفه المهاجرون الأوائل و الأنصار حياة الجهل و الشبهات حتى بالنسبة لمسلمات الشرع و بديهياته و أسسه الواضحة كالخلافة و من هو أهل لها و الشورى و تقسيم الأموال بالعدل بين الأمة بلا تمييز لعربي على أعجمي أو قديم في الإسلام على جديد فيه.
و ها هو باب مدينة علم النبيين إمام المتقين علي أمير المؤمنين عليه السلام يرشد إلى هذا الواقع المرير وهو أن انحراف الأمة ما كان ليكمن في بداية الانحراف عن مجرى الرسالة في براثن الجهل و الشبهات تفسيرا أو تطبيقا حيث يقول في خطبته الشهيرة الشقشقية } أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى …….{ أي أن الرجل لعالم علم اليقين أن الرسالة بكل أبعادها علما و عملا هي حركة و حياة و كمال و عروج بوجود علي عليه السلام وهي سكون و ضياع حين عدم تصديه لمقاليد أمرها.
أجل تتجلى المعرفة لكل من أمعن النظر في أدوات التأكيد المستعملة في هذه الفقرة من كلام الإمام عليه السلام و انه لا حركة للإسلام إلا بوصي رسول الله صلى الله عليه وآله فإذن الشأن المعرفي إنما يحمل في طياته جزء العلة للكمال لو اجتمعت معه بقية الأجزاء كان علة تامة.
و بالجملة لو كانت أزمة المسلم معرفية فقط لوجب أن تحدث الخلافات بين المسلمين و الانحراف عن كثير من المناهج الإسلامية تفسيرا و تأويلا و تطبيقا للحكومة الإسلامية بعد عقود من الزمن على رحيل رائد السلام النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لكن المتتبع يجد بصمات الانحراف و رواسب حضارة الجاهلية في السقيفة واضحة جلية حينما وقع النزاع بين المهاجرين و الأنصار على الزعامة و الرئاسة حبا لعروش الدنيا الفانية و لو كان السواد الأعظم من الصحابة قد لمس بقرارة النفس أن التصدي للخلافة ثقل و تكليف عظيم يحمله راعي الأمة على عاتقه لأخذ كل واحد منهم حيطة على دينه و خوفا من سؤال رب العالمين مسلك الابتعاد عن التصدي لهذا المنصب الخطير ولرأى نفسه غير أهل لتحمل ثقل هذه المسؤولية التي تسوقه يوم القيامة أن يجيب عن كل صغيرة وكبيرة في ميادين العلم كتابا وسنة فضلا عن العدل بين الرعية في مواطن تطبيق الشريعة و الحكومة الإسلامية و لما راح بعضهم ليهدد بعضا حتى ضرب في السقيفة بعض أكابر الأنصار و أصبح بعد ذلك الوصول إلى سدة الحكم أمرا يستحق أن تسفك من أجله الدماء و تقطع الأرحام و تستباح الحرمات وتنصب المجانيق من أجل الوصول إليه ولو على الكعبة المكرمة.
وإن المتتبع بروح الحرية بعيدا عن قيود العصبية يشاهد معالم الانحراف لحضارة الجاهلية ملموسة والرسول صلى الله عليه وآله بعد يعيش بين ظهراني هذه الأمة حيث ينسب إليه الهجر و الهذيان بمشهد و مرأى من بعض أكابر المسلمين كل ذلك خوفا من أن يبت بكلمة تمنع من تسلق البعض من الوصول إلى غاياتهم التي طالما دبر لها بليل.
إذن الأزمة المعرفية إحدى الأسباب التي حدثت فيما بعد ثم راحت يدا بيد لتعصف بكيان الأمة و تأخذ بها إلى مسالك الهوة و التخلف حتى أصبحت بركانا يسنده الطوفان لاقتلاع جميع قيم هذه الأمة حينما راح الكتاب المجيد ليفسر بل يؤول بواسطة وعاظ السلاطين وراحت السنة هي الثانية أيضا ينقلها للأجيال أتباع البلاط الأموي كأمثال أبي هريرة بمعزل عن قاطبة المهاجرين و الأنصار ناسبا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله عدم الاعتناء بالشريعة مدعيا في حقهم أنهم كانوا مشغولين بتجارتهم كالمهاجرين أو بمزارعهم كالأنصار أو بالكحل والخضاب كأمهات المؤمنين.
وراح آخر ليقيم دعائم هذه الأزمة من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ليومنا هذا بكتمان الحق خوفا من السلطات على حساب الدين أو طمعا بما في أيديهم و ربما أعان على تحقيق هذه الأزمة ماكر استخدم كلمة حق أريد بها باطل أعانه على تحقيقها الجهال الناسكون و البسطاء المستضعفون ومهّد الطريق لهم حَمَلة روح العزلة ظنا منهم أن ذلك نسكا يتقربون به إلى الله تعالى أو اتخذوا العزلة غطاء للتخلي من المسؤولية فراحوا يفسرون الصبر بالاستسلام و الزهد بعدم التدخل في الأمور ناسين قول الرسول صلى الله عليه وآله } كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.{ و } إن من أصبح و لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.{ ثم وعدوا الأمة على ذلك بالثواب الجزيل وتناسى آخرون الغاية التي دعت إليها الأنبياء عليهم أفضل الصلاة و السلام وهي إقامة العدل و محاربة الظلم و الجور و إنه قد أخذ الله تعالى على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم و لا سغب مظلوم ففسروا الدفاع عن حق المظلوم و الشعوب المضطهدة على أيدي الحكام بالسياسية، فتركوا الأمة فريسة بأيدي الظالمين حتى أصبح من أبرز مصاديق الزهاد من أصبح و لم يهتم بأمور المسلمين.
وهناك من صنع من الأمة قطيعا من الغنم و سلّمه بأيدي الطواغيت قائلا بملئ الفهم : يجب على الأمة أن تطيع ولاة أمرها و لو كانوا فسقة ظالمين و تقف جنبا إلى جنب مع إمامها و لو كان المخالف عدلا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر مدعيا أن ذلك ما أمر الله تعالى به في قوله تعالى } أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم …..{ مسميا كل من هب ودب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله و لو تسلط على رقاب الناس بالسيف أو الوراثة بلا شورى و سار فيهم بالجور و العدوان قائلا بأن الإمام لا ينعزل بالفسق ثم راح ليدعي أن ذلك ما قام عليه إجماع المسلمين فيا له من إجماع خير وبركة و سلام على حساب شرع الله القويم!!!
وظن البعض خطأ أن حب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم حسنة لا يضر معها شيء وإن لم يكن المحب مشايعا في العلم و العمل لعلي بن أبي طالب و الأئمة الأطهار من بعده.
فأخطأ في فهمه لمفهوم الحب ونسي المراد من معنى المشايعة و كأنه لم يقرأ الأحاديث التي تشير إلى أن من شيعة علي عليه السلام الحسن و الحسين و إن من شيعته نخبة من الأبرار كأمثال أبي ذر و عمار و سلمان و المقداد و ذو الشهادتين و مالك و حجر بن عدي و إن واقع المشايعة و الحب لا يتمشى مع الكثير من المنتسبين إلى آل البيت عليهم السلام بالوراثة أو التقليد في حين أنه لو وُجد على وجه الأرض من شيعة آل البيت حقا مئات الألوف لغيروا وجه العالم برمته و لكانوا أسوة للخلق و الكمال.
وزاد في الطين بله لضياع أبناء الطائفة بعض المتحدثين جهلا أو طمعا بما في أيدي الناس فلم يفسروا لهم من هو الشيعي و ما هي شرائط الشفاعة و من هو المحب حقا لأهل البيت عليهم السلام وغير ذلك كثير وجدت الصمت عنه أولى من أن…
واندفع آخرون بروح ( أنا خير منه ) ليمزقوا الأمة عربية أعجمية و ربما تجاوز البعض منهم هذا الحد ليبث روح (أنا خير منه ) لتصبح الطائفة نجفية كربلائية و طهرانية رشتية إن لم نقل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك ليمزق شمل هذه الأمة أو الطائفة باختلاف الشوارع فضلا عن الأحياء و القبائل و هناك من بذر روح الشحناء بين الطائفة لاختلافات علمية اجتهادية لا ترجع من قريب و لا بعيد إلى أسس المذهب و ركائزه فهدم أركان الأسرة الواحدة لعناوين الأصولية الإخبارية الشيخية و كأنه لم يبصر المقاسم المشتركة التي دعا الله تعالى إليها في كتابه المجيد بين أبناء الديانات السماوية بل بين أفراد البشر و أرشد إليها الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في عهده لمالك الأشتر حيث يقول فيه مخاطبا مالك الأشتر حين ولاه مصر يا مالك…
{ فإنهم (الرعية) صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق… } فأين ضيق هذه الصدور التي تضيق حتى من سماع النقاش و الحوار مع أبناء الطائفة أنفسها من إنشراح صدر المسلم المتسع للإنسانية في خطى الرسالة المحمدية السمحاء مع المحافظة على قيم الرسالة بروح الحب لله تعالى وروح خدمة الإنسانية لا الأحقاد و البغضاء كما هو المشاهد في تربية من يسمي نفسه التابع للسلف الذي لم يفهم من الدين إلا جفافا و ضغينة و حقدا على الإنسانية جمعاء.
إذا هناك من راح لينظر إلى الأزمة من زاوية عقائدية بحتة ليلقي باللائمة على الآخرين فقط و إن كانوا هم يحملون وزرها الأكبر متخليا بحسب منظاره من عبئ المسؤولية ناسيا الشريعة بأبعادها المعرفية و العملية بلزوم الالتزام بمباديها ظانا أن العقيدة السليمة و إن لم تقترن بالعلم و العمل الصالح كافية لإصلاح النفس ودخول الجنان العاليات و جوار سيد الكائنات و آله الأطهار، فأصبح كمن يجادل شخصا منكرا لوجوب الصلاة حيث يراها واجبة و إنها سلم المقربين إلى رب العالمين لكنه لا يصلي وإكتفى بما هو عليه من الرأي المصيب ظانا بأن صواب رأيه بأزاء المنكر لوجوب الصلاة يجعله من المقربين و الزهاد الناسكين.
فيا لها من طبيعة إنسانية حين ضياع المقاييس للتخلي من تأنيب الضمير و التخلص من روح المسؤولية حيث يصبح عندها كل واحد يلقي باللائمة بكل ثقلها على الآخرين فالعالم يلقي باللائمة على العوام و هم على العلماء و الناس على الدولة و الدولة على الرعية أو المسؤولين وقد يصل بنا الأمر للتخلص من عبئ المسؤولية أن نلقي بكاهل الأعباء التي أثقلت ظهر هذه الأمة على البخت و النصيب و الحظ بدلا من البحث عن واقع الأسباب و السعي بعد ذلك لإصلاحها التي هي علل و أسباب تأصلت في عمق تأريخ المسلمين أكثر من أربعة عشر قرنا حيث يكون على عاتق كل واحد منا بدلا من البحث عن مثالب الآخرين بروح التغالب، السعي للإصلاح و قد خسر لهذا المنزلق الرهيب كل من الأطراف منهجية السير نحو الكمال و العز فضاعت النخبة في مطاوي هذا الخضم ضياع نداء المنبه في سوق الحدادين أو ما بين مدافع الجند المتصارعين.
ولا ننسى عنصرا مشتركا بين البشر ساق أكثر الأمم بعد العز إلى هوة وديان الضياع و الهلاك ألا وهو ظن العظم الداعي إلى روح التعالي و الكبر و الغرور حيث يكون الحكم عنده على الفرد أو النظام القائم بالتوقف عن مسيرة الكمال وفتح الأبواب لتسلق ركب السائرين لرقي الحصون وأخذ أهلها أخذ عزيز مقتدر بطشا ونهبا و إضاعة لجميع تراث الأمم السابقة بروح الزهو و الحقد.
وان الأمة الإسلامية لم تكن بعيدة عن هذه المزالق ليرثها على الأرض قوم آخرون سنة الله تعالى في عباده و بلاده ما لم يسكن الإيمان و حب الرقي و الكمال في قلوب الأمم لترى فقرها الذاتي بأزاء الغني المطلق لتصبح عند ذلك حركة لا هوادة فيها نحو غاية الكمال ليكون عمر الدهر فيها قصيرا فضلا عن عمر الإنسان وعندها يكون العروج نحو مبدأ اللاتناهي سلوكا في ميادين الكمال حيث شهود الأسماء الحسنى لله تعالى رب العالمين مسايرة مع الأيام الربوبية ليصبح الإنسان المؤمن مظهرا من مظاهر أسماءه تعالى وهو العليم الحكيم والصانع والمبدع والعزيز …..
فالمؤمن مظهر العلم والعزة والحكمة والتدبير والإبداع و……لأن الإسلام منهج الحياة وليس صلاة لا حراك فيها في زوايا الكهوف.
و لكن أين الأمم أو الأمة الإسلامية من لمس هذا الواقع الرفيع وهو{ لايمسه إلا المطهرون } و هم نوادر البشر الذين لمسوا فقر ذواتهم { فعظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم } فساروا إليه للتخلق بأخلاقه سير الوالهين لا يهجعون عن طلب العز و الكمال ليلهم و نهارهم و لم يبعضوا الشريعة و لم يجزؤوها لتصبح شرع عبادة بالتخلي عن المسؤوليات باتجاه النفس كمالا و المجتمع خدمة.
فعشاق الحقيقة وجدوا الله تعالى بأسمائه حكيما عزيزا مقتدرا رحمانا سلاما عفوا غفورا فصار الواحد منهم مظهر العلم و الحكمة و العز و الرحمة و العفو و السلام بما يمكن للممكن من التجليات والآليات الربوبية.
و في الختام أقول: لا بد من النظر و البحث السليم لشهود أسباب التخلف و موجبات إصلاحها بعيدا عن روح أحقاد الطائفية و عصبيات المسلكية و دوافع العنصرية لنشاهد ببصيرة الإيمان شرعا أخرج به الأنبياء أممهم من ظلمات الجاهلية إلى قمم علياء النور و العز و الكمال فصنعوا منهم خير أمة أخرجت للناس بقيم الرسالة و مثلها العليا بدلا من السيادة تحت ظلال السيوف لاسترقاق الآخرين للمصالح الشخصية و من لم ير هذا الواقع و كان مترددا في ما أشرنا إليه فعليه بالسير بعض الوقت في أعماق تأريخ المسلمين و بالأخص في مطاوي سجل قادتهم في زمن ما يسمى بالفتح الإسلامي ليشاهد الإماء و العبيد في أسواق النخاسين و يسمع ضجيج البائسات و فرار الصبية يلوذ بعضهن ببعض خوفا من أن يفرق القدر المشؤوم بينهن وبين أمهاتهن ليلتذ السيد المؤمن بهذه الطفلة باسم الدين الذي صنعه حد السيف و أعطاه الشرعية وعاظ السلاطين.
و من يعش بدافع فطرة الذات لحب معرفة الحقيقة و نهج الصراط المستقيم يلمس هذا الواقع المؤسف المخزي لحياة غالبية قادة الأمة و أنظمتها الخاوية على عروشها لحضيض الجهل و الاستبداد حيث راح السواد الأعظم بمنظار زهو عالم الدنيا وفخرها الكاذب لينبهر بزخارف البسط الجغرافي على وجه الأرض لسيوف الغزاة الطامعين في خيرات الأمم باسم الدين الإسلامي غافلا عن ضياع قمم الرسالة و مثلها العليا في مسالك عدلها و إحسانها و عظيم ميادين حريتها و بعدها العلمي الذي هو قوام أسها الشامخ لا فتح البلاد الذي طالما فخر بها المعتدون على طول التأريخ البشري حتى نال منه مكانة لا يستهان بها أمثال جنكيز خان وهولاكو و الحجاج بن يوسف الثقفي و من تردد في ضياع القيم في ظل ما يسمى بالفتح الإسلامي في أغلب مواطن جريه فعليه بالغور في أعماق التأريخ الإسلامي حرا نزيها عن العصبيات و إفراط حب الذات ليصبح في الأفق المبين مشاهدا كيف راحت سيوف المقاتلين لتسترق الأمم و تنهب ثرواتها و تبيد صرح حضارتها وتملأ أسواق الرقيق من حسناوات حور عينها ليعود فخر الجاهلية في ربوع الإسلام بكثرة العبيد و الإماء بعد ما كان المسلمون على عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يتسابقون إلى عتق الرقيق و حياة البساطة لينالوا بذلك رضاء ربهم و نبيهم نبي الرحمة الذي جاء لتتميم مكارم الأخلاق.
و لو تركنا الرسالة بقيمها و شامخ مثلها العليا و جئنا لنفخر في الدنيا و عزها لكفانا التخلف عن ركب أبنائها ما نحن عليه من إستجداء أبسط التقنيات و أول الأوليات لحياة كريمة و لو أمعنا النظر على الرغم من كل الإدعاءات و ضجيج الشعارات و جئنا لنساير الشعوب لأقررنا بواقع المأساة حينما يجد الواحد منا كيف راحت لتزحف بعض الأمم على الرغم من عظيم ألم الجراح و نزف الدماء لتواكب الزمن مرة ثانية وإليك مثالا لذلك اليابانيين و الألمانيين من بعد ستين عاما من الزمن كيف بدؤوا من الصفر أو دون ذلك ليصبحوا اليوم ممن يشار إليه بالبنان في حاضرنا القائم و لكن لما كان التعرض للأزمة بأبعادها يحتاج إلى فصل خاص تركت ذلك للأجزاء اللاحقة إن شاء الله تعالى.
0 تعليق