آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » آخر الأخبار » في رحاب الإمام الكاظم عليه السلام

في رحاب الإمام الكاظم عليه السلام

الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

الحلقة رقم ١

هل للأسماء علاقة بالمسميات في الكتاب و عند أهل البيت

نقولُ و قبل الحديث عن السيرة و ما ورد عنه من الأدعية و ما هي دواعي الحزن والألم من حياته أن للتسميات و الألقاب عند العظماء دواعيها و ليست كما هي عند الأمم عادةً تابعةً للحضارات و الموروث أو المفاخرات و التباهي و لو جهلاً أو إدعاءً حيثُ أنها لا تحكي معانيها . فهذا قد يسمي ولدهُ حسناً و آخرُ قد يسميه عباساً و ثالثٌ قد يسميه أسامة لبعض الدواعي و الكلُ لا يريدُ من الحسن الُحسن و لا من العباسِ عباسةَ الأسد الذي تهربُ منه الأسود أو الإنسان العبوس الشرس و لا كذلك من أسامة الأسد بل إنما هيَ تسميةٌ لتمييز شخصٍ عن نظيره من بني البشر و كذلك هو الأمر في بقية الأمور و الأشياء تسميةً في حين أن التسميات و الألقاب عند الأولياء أو ما كان منها حاصلاً من قبل الله تعالى ليس الأمر فيها كذلك بل هيَ تابعةٌ لواقع صلةٍ بين الإسم و المسمى كما في قوله تعالى (وعلم آدمَ الأسماء كلها) و الإمام موسى الكاظم عليه السلام هو المنقذ من الجهالات و المخرجُ من الظلمات التي عمت الأمةَ في زمانه لقوة السلطان الباطل المتلبس لباس الحق و الدين حتى بلغ الأمرُ أن قبلت الأمة لطاغوتٍ أن يسمى بالرشيد لسلطانٍ دنيوي بدلاً من أن يسمى بفرعون زمانه حيثُ بلغ الأمرُ إلى قمة الطغيان في زمن بني العباس على عهد هارون العباسي و بلوغ الحضيض من الضلالة و الإستهتار و المجون. و الآنَ و بعد هذه المقدمة المتعلقة بالإسم و اللقب للإمام الكاظم عليه السلام نقول: ما هو وجه الشبهِ بين الإمام و نبي الله موسى عليه السلام ؟ فهل كان ذلك لأنهما كانا في زمن أعظم جبابرة التأريخ؟ و أنه كيف يجب أن يكون التعامل في مثل هذه الظروف بما يستفادُ من حياةِ نبي الله موسى عليه السلام والإمام موسى الكاظم. و من الدروس التي يمكن أن تستفاد من الإمام الكاظم عليه السلام ما وردَ عنهُ من الأدعية فهيَ علومٌ لو دققنا النظر فيها حيثُ يقول في بعض هذه الأدعية وهو صاحب البلاء العظيم سجناً و عذاباً (إلهي كم من عبدٍ أمسى و أصبح سقيما موجَعاً في أنين و عويل يتقلبُ في غمه و لا يجدُ محيصاً و كم من عبدٍ أمسى خائفاً مرعوباً مسهداً هارباً طريداً و كم من عبدٍ أمسى و أصبحَ في ظلمات البحورِ و عواصف الرياح و الأهوال و الأمواج يتوقع الغرق و الهلاكَ و كم يا إلهي من عبدٍ أمسى و أصبحَ مسافراً شاخصاً عن أهله و وطنه و ولده متحيراً في المفاوز تائهاً مع الوحوش و البهائمِ وحيدا فريدا لا يعرف حيلة و لا يهتدي سبيلا إلهي و كم من عبدٍ أمسى و أصبح فقيرا عائلاً عارياً مملقا مهجورا جائعا خائفا إلهي و كم من عبدٍ أمسى و أصبح شريداً طريدا إلهي و كم من عبد أمسى و أصبح في مضايق الحبوس و السجون و كربها و ذلها و حديدها فلا يدري أيُ حالٍ يفعلُ به و أي مُثلةٍ يمثلُ به كلُ ذلكَ قياساً بما أصابه من البلاء لتهونَ علينا الصعاب حينما نقيس أنفسنا بغيرنا من الأولياء أو من بعض الناس الذي ابتلاهم الله بصعاب الأمور و هو عليه السلام لم يتكلم بكل ذلكَ لأنه كان يعيشُ في نعيمها و أمنها و سلامها بل كان يعيش أهوالها لكنه كانَ يقيسُ ذلكَ بما هو أسوء حالاً من نفسه لكي يكونَ درساً للمسجون و الفقير و الخائف بأن هناك من هو أسوء حالاً منه و هناك الكثير الكثير من الأدعية ما يتعلق بالمعارف كقوله عليه السلام (الحمد لله الملهم عباده الحمدَ و فاطرهم على معرفة ربوبيته الدالِ على وجوده بخلقه و بحدوث خلقه على أزله و من ذلك قوله عليه السلام (سبحان من ملأ الدهر قدسه سبحانَ من لا يغشى الأمدُ نوره سبحانَ من يدينُ لدينه كلُ دين و لا يدانُ لغير دينه دين سبحان من ليسَ لخالقيته حد و لا لقادريته نفاد سبحانك اللهم و بحمدك أُثني عليك كنتَ إذ لم يكن شيء فكان عرشك على الماء إذ لا أرضٌ مدحية و لا سماء مبنية و تبقى وحدك وحدك كما كنت وحدك علمتَ ما كانَ قبل أن يكون لا إله إلا أنت وحدكَ لا شريكَ لك أنتَ اللهُ اللهُ اللهُ العلي العظيم الحي القيوم الفرد الصمد) فعلينا أن نتأمل في كل ذلك ليكون سبيلا للمعارف و السلوك و الحمد لله رب العالمين .

 

المحاضرة رقم ٢

شرح قول الإمام الكاظم عليه السلام: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ الْكُبْرَى)

إنَما وردَ عن الإمام عليه السلام فيما يتعلق بالأدعيةِ فهو كثيرٌ كثير يحتاجُ شرحه إلى كتاب مستقل لأن الأدعية في واقعها هذه الأدعية هي مناهجُ ودروسٌ لكلِ مؤمن و مؤمنة بعيداً عن طلب الرزق أو الصحة أو الرجاءِ و البكاء و الأحزان و لكن هاهنا بعض المقتطفات من أدعيته عليه السلام نشيرُ إليها و التي منها قوله عليه السلام (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ الْكُبْرَى) حيث نتسائلُ من أنفسنا ما هي هذه الوحدانية أولاً و لماذا وصفها عليه السلام بالكبرى فهاهنا محتملاتٌ نقول: إن مسألتهُ تعالى يعني ما سأل عليه السلام ربه به ، لجميع مطالبه دنياً و آخرة جمعها في مسألة الوحدانية الكبرى و هذا يستدعي التأمل في المراد منها و إلا فهو عليه السلام كانَ قادراً أن يطلبَ حوائجهُ عن طريق صفاته تعالى ذاتاً يذكر صفات الذات ، كحيٌ و قيوم أو يذكر مثل سميعُ أو يا سميع و يا بصير أو بتوسط صفاته الفعلية يطلب حوائجه كيا خالق و يا رازق وهي كثيرة فلماذا هاهنا أعرض عن تفاصيل الصفات ذاتية أو فعلية و جاء بكلمة واحدة و اعتبرها جامعةً للجميع فإذن للوحدانية الكبرى صفة الجامعية التي تدخل تحتها جميع الأمور و هذا ما يستدعي معرفةُ المراد من هذا الأمر وهي الوحدانية الكبرى حتى لا ندعوا بها تبعاً للائمة و نحن نجهل واقع المراد منها نحن نريد إذا تكلمنا بشيء نفهم ماذا يقصد و ماذا يراد من ذلك الشيء فإذن هاهنا إحتمالات في المراد من الوحدانية الكبرى يجب علينا أن نتأمل فيها . الإحتمال الأول: أن يكون المرادُ من ذلكَ وهي مسألة الوحدانية الكبرى ما يحومُ حوله العرفاء ، العرفاء دائما يتكلمون عن وحدة وجودٍ هذه الوحدة الوجودية هل يمكن أن تكون هي المراد و اولئك قصدوها و لربما أخطأوا التعبير أحياناً فإن مما لا شك و لا ريب فيه أن هناك حقيقة هي واقعُ التمام و الكمالِ أزلاً و أبداً سواء عبرنا عنها بوحدة الوجود أو عبرنا عنها بأي تعبير آخر هذه ما كانت كثرات ، كثراتها بلحاظ العقل البشري حينما ينظر إلى التمام و يتصور أن ذلك التمام له الأسماء الحسنى ، في الإنسان إذا تصور الإنسانيةَ كحيوانية ناطقية جوهراً ثم جاء ليتكلم عن طول عن إيمان عن بياض كان صفةً وراء أصل الذات ، لكن هل الصفات التي نريد أن نتكلم عنها التي هي من واقع تلك الوحدة اللامتناهية الأزلية هي هذه الصفات نقول كلا الصفات في الإنسان ، الصفات في الأشياء هي أمورٌ وراء أصل الذات و هاهنا بالنسبة إلى الحق سبحانه وتعالى هي إدراكات عقلية منتزعة من أصل الهوية فإذن فرق واضح ، فإذا جئنا هاهنا لنتكلم عن هذه الوحدة ، أي وحدة؟ تلك الوحدة التي تكلم عنها العرفاء سميناها بوحدة الوجود ، سميناها بأي وحدة أخرى ، نحن لا نريد أن نقول أن الإمام الكاظم عليه السلام قصدَ ما يقصده العرفاء ، نريد أن نقول إن العرفاء الموحدين ، إن الفلاسفة الموحدين إن المتكلمين الموحدين ، إن المتدينين و أمثال هؤلاء جميعاً يريدون أن يتكلموا بمنهج تابعٍ للكتاب و السنة النبوية و ما شرحَ بواسطة الائمة عليهم السلام فإذن إذا كان الأمر من هذا الباب فهم لا يقصدون أمراً من أنفسهم هذه الوحدة التي تكلم عنها الإمام عليه السلام هل هي الوحدة العرفانية؟ وهي وحدة الوجود التي بها كلُ الحقائق تنطوي و تحت ظلها جميع الأمور تنطوي نقول لعل الفيلسوف العارف المؤحد فهم هذا من كتاب الله ، فهم هذا من كلام لنبي لمعصوم و ما شاكل هذه الأمور ، فإذن نقول الإحتمال الأول أن يكون المراد من ذلك ، المراد من ذلك ما هو؟ كلمة بالوحدانية الكبرى ، ما يحوم حوله العرفاء وهو المعبر عنه بالوحدة الحقة الحقيقية ، يحتمل أن يكون بعض العرفاء تكلموا شططاً خرجوا عن المنهاج ليس كلُ مَن يدعي العرفان فهو عارف ، و ليس كلُ من يدعي الفلسفة فهو فيلسوف ، نحن لا نتمكن أن نقيس كلَ أحد بإبن سينا ، و لا نتمكن أن نقيس كل أحد بابن العربي في العرفان ، و ما شاكل هذه الأمور ، فإذن هناك وحدة ٌعرفانية ، هذه الوحدة ُالعرفانية هي وحدةُ الوجود ، هذه الوحدة الوجودية التي يتكلم عنها العرفاء يقصدونها بكل أبعاد الحقيقة ، يعني الحقيقة هي وحدةٌ وجودية ، هذه الوحدة الوجودية تارةً يقصدونها أزلاً ذاتاً بجامعيتها تارة بتجلياتها تارة بمظاهرها ، تارة بما يدركونهُ من أسماءها و صفاتها و هلم جرا ، لا الباطلة بتبع الجهل ، نعم إذا تكلم عارف قد يأتي إنسانٌ باسم العرفان يتكلم شططاً ، إذا تكلم فيلسوف قد يأتي إنسان بإسم الفلسفة و باسم معرفة الوجود يتكلم شططاً و هلم جرا ، فإن الوجود بواقع حق الكلمة ، هذا الوجود الذي هو كلُ الحقيقة ، تمام الحقيقة ، الذي يستحق أن تطلق عليه هذه الكلمة و هي وحدة الوجود ، هذا هو محط كلامهم و غرضهم من الكلام ، فإن الوجود بواقع حق الكلمة ، الوجود حقُ من؟ حق ذلك الوجود الأصيل الأولي ، الوجود حق ذلك الأمر الذي طرد العدم أزلاً فإذن تارة تطلق الكلمة بواقع حقانيتها و تارة تطلق الكلمة بلحاظات أخرى ، الوجود بما هو وجود حق كلمة ذلك الوجود اللامتناهي ، الأبدي الأزلي و ما شاكل هذه الأمور ، أما إطلاق الوجود على الوجودات الماهوية و ما شاكلها فهي بالتبع لأنها من تجليات و مظاهر ذلك الوجود.

المحاضرة رقم ٣

تكملة باقي المحتملات في شرح قول الامام الكاظم

تقدم الإحتمال الأول بما يتناسبُ مع مسلك العرفان في مسألة الوحدانية الكبرى لكن الفلاسفة له ينظروا إلى الحقيقة بهذا المنظار ما جاءوا ليتكلموا عن الوجود بما له من الشأن و التجليات و إنما قالوا المدركاتُ ثلاث ، و هي أمورٌ بديهيةٌ لا نترددُ في إدراكها ، الوجود في مقابل العدم و هما أمران نقيضان لا يجتمعان و لا يرتفعان لكن لعل قائلاً يقول عرفوا لنا العدم ، عرفوا لنا الوجودَ يقولون الذي يعرف يكون متأخراً في المرتبة إدراكاً أما ما كان بديهي الهوية لا يعرف ، ينبه عليه ، فلا تطلبوا منا أن نحدد لكم الوجود تعريفاً و لا تطلبوا منا أن نحدد لكم العدم تعريفاً و كذلك ما هو واقع اللاإقتضاء ، اللاإقتضاء تلك الهويات التي هي ليست وجوداً بالفعل و لا يمكنُ أن تعتبر عدماً بالفعل و إنما هي قابلياتٌ فإذن الدخول الفلسفي بنيَ على أيِ شيء؟ على إدراك الحقائق البديهية وجوداً في مقابل العدم وهناك ثالث و هو اللااقتضاء ، فلما جاءوا لينظروا للأمور بهذا المنظار و أنه ثلاثة أمور ، قالوا علينا أن نتأمل في هذه الحقيقة نحنُ لا نتردد أن اللااقتضاء بما هوَ لا يبحث عنه و أن العدمَ بما هوَ صرفُ لاشيئية و لا موضوعية ليسَ أمراً حتى يكونَ مورداً للبحث نحتاج إلى موضوع ، فالذي له هوية و موضوعية من الثلاثة هو واحد و هوَ الوجود . و أما الإحتمال الثاني : فنقول: الإحتمال الثاني في كلام الإمام الكاظم عليه السلام فنقول: لعل المرادَ منها من أي شيء؟ من الوحدانية الكبرى ، هي وحدانيةٌ فلسفيةٌ ، أي وحدة؟ هذه الوحدة التي أدركها الفلاسفة و هي الوجود في مقابل العدم ، فلسفيةٌ عقلية حيثُ بداهةُ الوجود ، ما هي هذه حددوها لنا؟ نقول هي بديهيةٌ يدركها كلُ عاقل بفطرته ، بلا أي قيدٍ و شرط ماهوي ، نحن لا نتمكن أن نعرفها بأي تعريف لأنه يدخلُ تحت الإطار الماهوي ، التعاريف كلها لابد و أن تقوم على واقعها الماهوي و نحن جعلنا الماهية في مقابل الوجود و العدم فلا يمكن أن نجعلها مبيناً للوجود فالوجود مدركٌ بنفسه و لم يستعن الفهم و الإدراك من غيره ، بلا أي قيد و شرط ماهوي هوَ من عالم الإمكان ، هذه الأمور التي تحتاجُ إلى شرطٍ و إلى قيد و ماهيات هي من عالم الإمكان بلا أي قيد و شرطٍ ماهوي وهو من عالم الإمكان ، عالم الإمكان متأخر عن الهوية الوجودية ، المتأخر رتبة ، فإذن اللاإقتضاء من عالم الإمكان متأخر هويةً ، العدم لا موضوعية له فالبحثُ فقط و فقط عن الوجود ، فهل الإمام عليه السلام قصد بالوحدانية هذا الوجود الموحد الصرف أم قصدَ شيئاً آخر ؟ ولا ثالث بين الوجود و العدم فعليه فقد يكونُ المراد للإمام عليه السلام من الوحدانية الكبرى هي التي طردت العدمَ أزلاً و مطلقا و أبداً ، و أما الواقعُ الإمكاني ، إذن الواقع الإمكاني ماذا يكونُ عمله هنا؟ العدم لاموضوعية له فهمناه ، الواقع الإمكاني وهي الماهويات أو الماهيات التي هي لا إقتضاء الذات لا تكونُ متحققة إلا بتبع غيرها بتبع عللها و عدم عللها تلك ما حكمها؟ و أما الواقعُ الإمكاني فهو ليس إلا نسبٌ و إعتبارات ، لو جئنا إليه بنفسه فهو ليس إلا نسبٌ و إعتبارات ، ينسبُ إلى الوجود فيحصل على هوية ، نعتبره إعتباراً بحسب ذاته فهو معتبر بحسب ذاته إعتباراً و إن جئنا إلى واقعه الخارجي كوجودٍ رابط هو محض النسبة إلى غيره و هو الوجود الأصيل. إلا نسبٌ و إعتبارات أوهوياتٌ مندكة الذات لا تلحظ بالإصالة و إنما تلحظ بتبع غيرها بل بالتبع . عندنا قضيتان يجب التأمل فيهما في كلام الإمام عليه السلام الوحدانية ، و الكبرى ، هل في مقابل الكبرى صغرى؟ فإذن ما المراد من الكبرى هاهنا؟ و الوحدانية الكبرى إما أن يرادَ منها ذلك الوجودُ الأزلي القديمُ الطارد للعدم ، هذه الوحدانية ، ذلك الوجود الذي أدركناه بدون أي قيد ، وجود في مقابل عدم ، ذلك الوجود المدرك الذي تكلم عنه الفلاسفة و أنه في مقابل العدم ذاك هوية واحدة ، ذاك ليس بمتكثر ، لعل الإمام قصد هذا ، نعم بما له من الإشراق ، لكن هذا الوجود لما كان وجوداً كان نوراً ، لما كان وجوداً كان طرداً للعدم ، و هلم جرا بما له من الإشراقات و التجليات كمظاهر لوجوده في المرتبة الثانية ، المرتبة الأولى هو الحقيقة ، المظاهر في المرتبة الثانية ، في مرتبة عالم الإمكان ، كمظاهر لوجوده في المرتبة الثانية كنور يكون سبباً لظهور غيره ، فالوحدانية الكبرى بما هي الأزليةُ أو بما هي تعمُ إظهار الهويات الماهوية ، كلامنا عن هذا ، هذه لعله أرادها الإمام على أنه اللهم أسئلك بتلك الحقيقة ، أي حقيقة؟ الوجودية يعني هل سأله بذاته ، اللهم إني أسالكَ بالوحدانية الكبرى ، وحدانيةُ ذاته أو وحدانيةُ فيضه قبل تكثرها و قبل مجاريها و عللها فإذن إحتمالين موجودات ، هل الإمام عليه السلام سأل من ربه بعظم الوحدانية الكبرى ، هي وحدانيةُ ذاته لأنه لا شيء بأزاء ذاته وهو ذلك الوجود الحقيقي و هذه تجليات و مظاهر أو سأله بالوحدانية الكبرى ، الوحدانية الكبرى ذاتاً وهي الحق ، الوحدانية الكبرى فيضاً وهي الفيضُ قبل الخلق و التكثرات .

المحاضرة رقم ٤

الإحتمال الرابع في شرح كلام الامام الكاظم عليه السلام

و أما الإحتمال الرابع: فيما هو المراد من الوحدانية الكبرى فنقولُ لعل المرادَ منها ما يعودُ إلى الوحدة الجامعة بين جميعِ من هم من الموحدين هاهنا لابد من التأمل أن هناك جامعاً يجمعُ الأولين و الآخرين و يجمعُ الناس على إختلاف مذاهبهم و معتقداتهم في الله تعالى و إن اختلفوا في كيفية عدله أو اختلفوا في فهم بعض الأمور حتى وصل البعض لعله إلى التشبيه أو التجسيم لكن ذلك ليس معناهُ إنكاراً أو جحوداً لحقيقة التوحيد فنقول لعل المراد منها ما يعود إلى الوحدة الجامعة ، أيُ جامعٍ؟ ذلك الجامع الذي يجمعُ الله تحت ظله أو تحت واسعِ رحمته جميع الموحدين الذين كانوا من أتباع آدم عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و إن إختلفت الأمم بعد أنبياءها إلى فرق و معتقدات لكن ذلك لا يخرجها برحمة الله تعالى عن واقع التوحيد و إن لم يجعلها منكرة جاحدة كافرة كفر إلحاد و ما شاكل ذلك. ما يعودُ إلى الوحدة الجامعة بين جميع من هم من الموحدين ، الله يوم القيامة يعتبر أتباع الرسل جميعاً تحت وحدة الرسل ، تحت وحدة دعوةٍ إلى الله سبحانه وتعالى ، الصاعدات النازلات في المعتقد و الخرافات و ما شاكل هذه الأمور لو شاء اللهُ أن يحاسب الناس بعدله لأخرجهم من الدين ، لكن الله سبحانه وتعالى لن و لم يعامل البشر يوماً من الأيام بواقع عدله أو بواقع المعارف و إلا لأخرج أكثر الناس من التوحيدِ و المعتقدات و من كونهم من أتباع الرسل و نحنُ نرى أن الذين جاءوا من الأنبياء ما اعتبروا لخلل أن من ينسب نفسه إلى عيسى و إلى موسى ولعياذُ بالله أنهم قد خرجوا تماماً من دين الله ، على الرغم من كثرة الأخطاء و كذلك يوم الحساب ، أمة محمد التي إفترقت لعلها إلى أكثر من 70 فرقة و ما بينهما لا يجمعه جامع كيف الله سبحانه وتعالى يجمعهم جميعاً تحت عنوانِ أمة محمد؟ فإذن هناك غمض طرفٍ عن كثيرٍ من الأخطاء ، إلى الوحدة الجامعة بين جميع مَن هم من الموحدين ، من هم الذين يعتبرهم الله بصفحه و رحمته من الموحدين؟ الذين يعتقدون باللهِ ، أصل وجوده يعتقدون به ، و أنه الخالق على الرغم من إختلاف فهمهم للتوحيد و أغوار و أبعاد هذا التوحيد ، حيثُ قد يوجدُ البعضُ ممن يرى نفسهُ حقاً من الموحدين ، ليس تابعاً لخرافة وليس تابعاً لمن خرجوا عن دين الله و المناهج ، هم من أتباع موسى عليه السلام من أتباع عيسى عليه السلام ، من أتباع إبراهيم عليه السلام ، من أتباع محمد لكن بعد كل نبي حصل البغيُ و حصل الإنحرافُ و حصل الإبتعاد عن الصراط المستقيم عملاً و عن واقع الفهم إدراكاً و ما شاكل هذه الأمور ، حيث قد يوجدُ البعض ممن يرى نفسه حقاً من الموحدين سواءً كانوا من المسلمين على إختلاف مذاهبهم و مسالكهم أو أهل الكتاب و هو يعتقدُ بنحوٍ خفيٍ بالتشبيهِ أو التجسيمِ أو الثالوث و شاكل هذه الأخطاء التي طرت على أتباع الرسل من بعدهم و سواء كان هؤلاءِ من أتباع الرسل الكرام أو كانوا من أتباعِ أهل الفكر و العقل كالفلاسفة ، الله سبحانه وتعالى الكثير من الفلاسفة لهم ما لهم من الأفكار و لعلها تعودُ إلى نبيٍ من الأنبياء ، حيث يجمعهم جميعاً وحدةُ وجودٍ قديمٍ أزليٍ لله و اعتقادٍ بعدله و خالقيته و إعتقادهم أيضاً بما جعلَ الله تعالى مِن نظمٍ للكائنات. و بعد هذه الجوامع تصبحُ الخلافاتُ بين الموحدين سواء كانوا أتباع رسلٍ أو أتباع فلاسفة و عقلاء و كأنها صغرويةٌ في تشخيص بعض المصاديق و ما هو واقعُ سلامة المعتقد أو زلل الأقدام فيه و هذا هوَ ما قد يكونُ المرادُ في قوله تعالى تلك الوحدة جامعة لكن كلٌ جحد جانباً من الجوانب لجهة من الجهات (﴿وَجَحَدُوا۟ بِهَا وَٱسۡتَیۡقَنَتۡهَاۤ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمࣰا وَعُلُوࣰّاۚ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِینَ﴾ [النمل ١٤] أي فسادُ معتقد البعض على الرغم من أنهم في أصول المعارفِ هم من الموحدين المعتقدين باللهِ القديم الأزلي الحكيم فالجوامع ُهي الأساس الذي به يجتمعُ الموحدون على الرغم من اختلافهم في دركهم لواقع التوحيد في مقابل الكفرة الملحدين المعتقدين بالعدم حيثُ أن الزللَ أو الشركَ عارضٌ فإذن الأصل هو التوحيد المشركون ينسبون أنفسهم إلى الله و الكثير من الخاطئين ينسبون نفسهم إلى الله وهذا حصل بعد جميع الأنبياء خطأً في الفكر أو بغياً أو ما شاكل ذلك ، فالجوامع هي الأساس التي به يجتمعُ الموحدون على الرغم من إختلافهم في دركهم لواقع التوحيد في مقابل الكفرة الملحدين حيث أن الزلل أو الشرك عارض على أصل المعتقدِ هاهنا بالنسبة لله تعالى. ثانياً :كما و أنه لو حاسبَ اللهُ الناسَ على قدرِ ما منحهم من واقع العقلِ لما نجا منهم أحد و كذلك لو عاملهم على قدر ما أعطاهم من القابلية صبراً و ثباتاً للحق أيضا لما نجا منهم إلا النوادر ، كما و أنه لو حاسب اللهُ الناس على قدر ما منحهم من واقع العقل و القابلية للثبات و ما شاكل هذه الأمور ، و كم هم كانوا ضياعاً و زللاً في مواطنِ الخارج عملاً لما نجا أيضاً منهم إلا القلائل الذين استخدموا عقولهم فهماً و عزمهم عملا لتطبيق الواقع و الخارج ، القلائل الذين استخدموا عقولهم بواقع الصدقِ فهما للحقائق وكانوا في الخارجِ قدمَ صدقٍ عملاً على صراط الله المستقيم وهؤلاء نوادرُ من البشر. و للحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام سيرةً وغير ذلك ما سيأتي بيانهُ في الحلقات القادمة إن شاء الله و الحمد لله رب العالمين.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

تفسير سورة الإخلاص

تفسير سورة الإخلاص الدرس الأول: لماذا قال الله "باسم الله" وليس "بالله الدرس الثاني: كيف استخدم تعالى ضمير الغائب و الحاضر معا الدرس الثالث: شرح قل هو الله أحد وكيف اجتمع ضمير الغائب مع اسم العلم و الأحدية الدرس الرابع: التوحيد و الفطرة: قراءة في مفاهيم سورة الإخلاص و...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا