قصيدة في مولد الإمام علي (ع)

مولد الإمام علي ع

قصيدة لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

******************

يا كعبةً طفتُ فيها للهوى طربا — وعشتها العمرَ معراجاً ومكتسبا

وقد وجدتُ بها الأسماء قاطبةً —- تتلى لمن شاءها في سيره رُتَبا

وقد رأيتُ بأعماقٍ لها رُسمَت —- صحائفٌ كانت الآلاء والذهبا

فبتُّ ليليَ في أعتابها سَهرا —- يغازلُ الطرفُ مني للجوى القِبَبا

حتى إذا ما طويتُ الكونَ مُرتَفعاً —- شهدتُها الحقَ والمحرابَ والكتبا

كما رأيتُ سناها في الدجى قمراً —- يهدي إلى الرشدِ من قد باتَ مغتربا

وسوفَ تصبحُ في يومِ الرشادِ غداً —- للحقّ في سوحه الميزانَ والخطبا

وأنها الآيُ إيماناً ومعرفةً —- والجودُ إن بات من علياءه سُحُبا

مُزناً يُصبُّ على حوض السلامِ ضحىً — ليصبحَ الكأسُ منه الشهدَ والطربا

فتلكَ كعبةُ عشاقٍ بأفق علاً —- أضحتْ بلوحِ قضاء للورى سببا

وأصبحت بعدَ حمدِ الكونِ معتَصَماً —- صدقاً تكونُ بها الأفعالُ أو كذبا

كما يناطُ بها في كلّ منعطفٍ —- شأنُ الحياة سلاماً كان أو عطبا

فلا تلم عاشقاً يا صاحِ إن طربت —- منه الجوارحُ حتى أصبحت صخبا

حيثُ الهيامُ لمن بالعرش محدقةٌ — منه الأناملُ قدماً كائناً ذهبا

ذاك القسيمُ لجناتِ الخلودِ غداً — والنارِ من كان من كنز العلا شُهبا

به تجلت موازين الهدى صحفاً —- لتصبحَ الشرعَ والإيمانَ والحُجبا

والفيضَ والحقَ آياتٍ مكرّمَةً — والزهدَ والمجدَ والإحسانَ والنسبا

ليصبحَ القولُ منه في الورى حِكَماً — والسيرُ ميراثَ صدقٍ يورثُ الأدبا

ولو بليل شقاءٍ كائناً قمرا— ينيرُ درباً لمن شاء العلا سببا

وكانَ حشراً به الأعلامُ واضحةً — سيراً لخلدِ سلامٍ كانَ أو كُرَبا

نفسَ الرسولِ بنصّ الآي منزلةً — وصاحبَ الحوضِ إن صار الندى سحبا

وليسَ يصحبُ يومَ الحشرِ حيدرةً — من كان في ذا الدنا الأدرانَ والكذبا

والصمتَ عن كل ما قد باتَ مرتَكَباً — باسم السلامِ نفاقاً كان أو لعبا

ولا الأولى هم على الأعوادِ مدرسةٌ — وفي المحاريبِ دمعٌ يحرقُ الهُدُبا

ملائكٌ هم إذا ما جئتَ تنظرهم — في محفلٍ صار من أورادهم لهبا

وأسدُ غابٍ إذا ما جئتَ تشهدُهم— قبل الوقيعةِ ما دام الوغى خُطَبا

لكنهم في لظى الأهوالِ إن خطفت — سمرُ القنا اللمحَ كانوا الوهنَ والزُغُبا

وهم على البُعدِ منها في معاقلهم — أمناً يعيشونَ دنيا مكرهم طربا

يلقون بالشعبِ في أهوالها زُمُراً — وهم يبيتونَ عنها البُعدَ والهربا 

فأصبحَ الدينُ من بعد العلا شَرَكاً — في كفّ من صيّرَ الأديانَ مكتسبا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *