السلام عليكم و رحمت الله و برکاته
فی سوره السجده فی القران الکریم الایه رقم 3: الله الذی خلق السماوات والارض و ما بینهما فی سته ایام
و فی الایه رقم 4 :یدبر الامر من السماء الی الارض ثم یعرج الیه فی یوم کان مقداره الف سنه من ما تعدون
السوال الاول:الم یکن الله سبحانه و تعالا قادرا ان یخلق السماوات والارض و ما بینحما فی لحظه واحده؟
السوال الثانی :یرى من ظاهر الیه الکریمه ان الله محاطا فی الزمان و فی ایاية اخرى فی المکان ایضا فارجو من الشیخ الکریم توضیح هذا الامر
السوال الثالث:لماذا لا یوجد لدينا تفسیر دقیق لهذه الایات؟
وشکرا
أما جواب السؤال الاول :
مقدمة لابد من التوجه الى امر و هو ان هناك امرا يرجع الى الفاعل والموجد اي الله سبحانه وتعالى وهناك ما يرجع الى القابل وهي الممكنات اي المخلوقات وأضرب لذلك مثالا للتقريب الذهني قبل توضيح المراد من الفاعل والقابل فأقول قد يكون الاب عالما كبيرا وله طفل صغير فالاب مع كل ما لديه من العلم والرغبة في ايصال كل ما لديه الى ولده العزيز لكن لعدم قابلية الولد للدروس العالية يأخذ معه بالسير والسلوك التدريجي ليستعد الطفل بواسطة المراحل الاولى الى قبول المراحل اللاحقة وهكذا حتى يصل به الى آخر مراحل الكمال وكذلك هو شأن الكائنات بالنسبة الى الحق تعالى فإنه يعطي كل شيء بما يناسبه من الفيض فإذا قبل المرحلة الاولى استعد للمرحلة الثانية وهكذا يكون حال الممكنات في سيرها التكاملي كما قال تعالى فسالت اودية بقدرها فالاودية ضيقة من حيث القبول للفيض وليست المشكلة في ما عند الله تعالى من بحور فيضه وقدرته المطلقة على كل ممكن فالقبول شرط لقابلية القابل وهي السماوات والارضين وما بينهما والله تعالى مع كونه جوادا فياضا إلا انه حكيم لا يفعل الا بمقتضى الحكمة وأضرب مثالا آخر أيضا من حيث الحكمة وبلوغ الاشياء الى غاياتها بحسب مجاريها الطبيعية فأقول ان الله تعالى ازلا عالم بالسعيد والشقي والصالح والطالح وعلمه ليس من باب الاحتمال والظن بل هو الحق واليقين لكن من أجل ان يتحقق الشيء في الخارج بالفعل ولكي لا يكون علما الهيا فقط خلق الجن والانس وجعلهما يعيشان واقع الاختيار والاختبار ليصل كل منهما الى غايته بمسعاه ولو جعل كلا منهما بتبع علمه الازلي فيما يناسبه وهو ما يستحقه كل من الفريقين لكان حقا لكنه خلاف الحكمة والسير التكاملي او الطبيعي للكائنات والمدركات.
فإذن خلق السماوات والارضين في ستة ايام ليس عائدا لعدم القدرة الالهية ولا لعدم الامكان بل القدرة تامة ونافذة في كل شيء وكل ممكن اذا قال له تعالى كن فيكون فمن الممكن مثلا ان يخلق تعالى انسانا بمائة رأس لكنه خلاف الحكمة فكما وان ما يخالف الحكمة لا يوجد كذلك ما يخالف قابلية القابل والسير التكاملي لكل ممكن بحسب مراحل وجوده لأن الفيض إنما يكون على حسب قابلية المفاض عليه ولو طويت مراحل القابليات للقدرة الالهية المطلقة و وجد كل شيء بحسب مجرد الامكان لما خلق الله تعالى هذا العالم الموجود بالفعل بكله وتمامه بما له من سيره التكاملي لأن هذا العالم بكله وتمامه سوف يبَّدل ويغير بعدما يؤدي ما عليه الى عالم آخر يوم تبدل الارض غير الارض وكذلك يوم تبدل السماوات غير السماوات بسماوات وارضين تناسب عالما آخر والعالم الآخر سوف يسير سيره التكاملي أيضا بما يناسبه من الايام الربوبية الى ان يأتي دور نقلة أخرى تبدل فيها جميع العوالم ايضا لتنتقل الى مرحلة ثالثة ورابعة وهلم جرى الى مالا نهاية له فلا عالم شهادة باقٍ على ما هو عليه ولا عالم مثال ولا عالم عقل ولا عالم نور وبتبع ذلك السير ستبدل الجنان والنيران مادامت القاعدة وحقيقة الامر تابعة لفيضها اللامتناهي مبدءا وهو الحق تعالى وغايتها اللامتناهية وهي الرجوع إليه (إنا لله وإنا إليه راجعون) لأنه تعالى المبدأ والغاية ولما كان غاية لا تحد بحد فسير الكائنات بحسب قبولها للفيض وبحسب سيرها الى الحق تعالى لا تقف عند حد ولا يمكن ان تطوى هذه المراحل للعوالم لكون الحق تعالى قادرا ان يقول للشيء كن فيكون فإذن جميع الكائنات لابد وان تسير سيرا لا متناهيا ولو كان مجرد امكانها مع القدرة الالهية اللامتناهية توجب طي المسافات لوجب ان تطوى جميع المراحل للعوالم في سيرها وسلوكها من مبدئها الى غايتها اللامتناهية وهذا غير معقول ولا يناسب قابلية القابل.
فخلق السماوات والارض في ستة أيام يعقبه خلق لسماوات وارضين في يوم آخر او أيام أخر وهكذا يتحقق بعد ذلك خلق جديد من سماوات وارضين وعوالم أخرى إلى مالانهاية له وليس من المعقول كما قلنا ان تطوى مراحل السير للكائنات لكون الحق تعالى قادرا ان يقول للشيء كن فيكون نعم لذلك شأنه لو استدعت المصلحة ذلك.
اذن اذا اقتضت الحكمة في موطن ان يوجد الله تعالى شيئا دفعة واحدة يوجده لأنه تعالى في ايجاده للاشياء لا يحتاج الى شرط ولا يمنعه مانع كما وانه تعالى قادر ان يحقق للقابل الشرط ويرفع المانع لكن هذا لا يكون إلا نادرا والكائنات تسير الى مالانهاية له لأن المبدأ في فيضه غير متناه وكذلك الغاية المطلوبة غير متناهية.
وأما ما يرجع الى السؤال الثاني فنقول ايضا للتقريب الذهني انه حينما يقال كان الله عالما ليس معناه انه كان في الزمن الماضي عالما بل المراد الكلام عن أصل الكينونة والتحقق وهكذا كل ما يرجع الى الله تعالى فإنه لا يقيد بمكان ولا زمان وكيف يعقل ذلك والزمان والمكان والممكنات طرا هي تابعة لفعل الفاعل وموجودة بايجاده ولايعقل ان يكون الفاعل محتاجا الى معلوله وإلا لما كان علة لأن المعلول شأن من شؤون العلة حدوثا وبقاءا فإذن حينما يقال يعرج إليه ليس المراد من ذلك انه تعالى في مكان وتصعد إليه الاشياء بل العروج هو القرب المعنوي بحسب ما لكل ممكن من الكمال وجميع اسماء الله تعالى كذلك لا تقيد بالحدود ولا الكيفيات كما يقال هو الاول والآخر او انه المبدأ والمنتهى فالمباديء والنهايات ليست حدودا كما وان القرب والبعد ليس مكانيا ولا زمانيا بل هو سعة الوجود وكماله وضيق الوجود وضعفه.
وأما ما يعود الى السؤال الثالث فأقول ان جميع العلوم الحرة وكذا المذاهب والمسالك التي لا ترجع الى تنظيم او حكومة وسياسة خاصة لا يمكن ان تفسر بتفسير واحد ولا تحد بحدود معرفية معينة تتبع لفرد او تنظيم لأن لكل عالم وباحث فيها قد يكون رأيا ومسلكا مادامت الآراء والمسالك تحت اطار عام لا يضرب اسس المعتقد وهكذا هي التفاسير للقرآن الكريم عند المذهب الشيعي فإن لكل عالم رأيه وتطلعه بحسب ما لديه من المعرفة والتطلع للآيات والروايات وان كانت الاصول الاصلية في جانب العقائد لا يجوز تخطيها ان كانت من مسلمات المذهب وعلى هذا فمن يريد ان يحيط معرفة بآية او رواية عليه ان يرجع الى عدة تفاسير ويسأل العديد من العلماء حتى يتمكن بعد اصول المعارف ان يختار ما يناسب الشرع والعقل.
وفقكم الله تعالى لمزيد من المعارف انه ولي التوفيق كما واني احب ان لم تكن الاجابة واضحة او انها سيقت بمساق قد يحتاج الى مزيد من التوضيح فأرجوا ان تخبروني بذلك فانا على استعداد ان اشرح ما كان غامضا منها بتفصيل اكثر انشاءالله تعالى كما وانه ان كنتم ترون بعض الايات او الرويات ظاهرة في القيد الزماني او المكاني بالنسبة الى الله تعالى فاشيروا اليها فسنحاول بيان ذلك بما يدفع الشبهة ان شاء الله تعالى .
0 تعليق