بيان هام حول الوضع في إيران و مهزلة الإنتخابات
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين لتحقيق الحق و العدل و السلام الذي ما بقي منه إلا إسمه كما نستعين به تعالى أيضا للخلاص من سطوة الجبارين و الدجالين و المنافقين الذين يتلونون ألوانا في كل يوم لخداع الشعوب و الذين ظلموا العباد و البلاد و أفسدوا في الأرض بإسم الدين او القيم الإنسانية و الذين إستغلوا بساطة الشعوب او جهلهم للنهب و العدوان من بعد ما فسروا لهم شرايع السماء أو القيم الإنسانية بتبع الرغبات و الشهوات و المصالح الشخصية.
و بعد فالحديث في هذا البيان إنما هو عن مأساة الشعوب المضطهدة المحرومة حتى من أبسط حقوقها كما و أن الحديث أيضا عما تحلم به الشعوب من عدالة تعيش في ظلها حياة الكرامة و رفاه العيش و الأمن و الحرية في حين أنها عادة و تحت ظل حكم الماكرين تعيش الأماني الكاذبة حيث يلعب على وترها عادة و على طول التأريخ البشري القادة و الساسة و رجال النفاق علماء دين كانوا او كانوا ممن يُنسب الى العلم و الثقافة او الزهد و التقوى او من يُدعى في حقهم من الرجال مالا يُدعى حتى في حق الأنبياء من معارج عرفان و كشف و صلة بالله تعالى تظهر الخفايا و الأسرار و أبعاد الغيب في حين أن أغلب هؤلاء الرجال المُدعى في حقهم المراتب العليا من الخلوص و الإيمان هم ممن قد أرضى بالمصانعة و المداهنة كلا من الظالم و المظلوم و المبطل و المحق و ما كان كل هذا المكر ليتحقق من هؤلاء لولا جهل الكثير من الناس من جهة و إحراز الحاكم الظالم و أعوانه من جهة أخرى بأن هؤلاء المكرة هم أعوانه على تضليل الأمة و تخديرها و سوقها الى عدم المطالبة بأي حق من حقوقها و انشغالها ببعض الأوراد و الذكر او بعض الخرافات بإسم الدين.
كما و أني أحذر الناس و أبناء الوطن الكرام من بَيَعة الضمير و الدين كما هو شأن الكثير من الخطباء و الشعراء الذين لمصالحهم الشخصية باعوا القيم و تركوا مسيرة الشرفاء و الأحرار والتحقوا بركب الظالمين كل ذلك لينالوا خسيس عيش و لو كسبوا من ورائه خزي الدنيا و سخط يوم الجزاء عند مليك مقتدر.
كما و أني احذر الناس أيضا من بعض مشيخة العشائر الذين أصبحوا محض التأييد للسلطة لمصالحهم الشخصية لا من يعيش منهم بعض المصانعة و المداهنة لدفع الشر و الأضرار و الأخطار.
و نحن يا أبناء الوطن الأعزاء إذ نقف على بوابة العقد الخامس من الثورة في إيران و قد خلفنا وراء ظهورنا أكثر من أربعين عاما من الظلم و الأكاذيب و المواعيد الفارغة المبنية على الدجل و النفاق و نحن في كل يوم يسير بنا قادة الظلم و الجهل من هوة الى أخرى و من سيء الى اسوأ في جميع الميادين الإجتماعية و الإقتصادية و الدينية و ها هي السرقات قد وصل صداها الى عِنان السماء و هاهو جور القضاة قد ضجت منه السماوات و الأرضون و هاهي العنصرية بإسم الدين ما أبقت للعدل و الحق قائمة إلا و قد هدمتها و هاهو الإستبداد المسمى بولاية الفقيه المطلقة ما أبقى للحرية و الشورى و العقل و قيم العلم ركنا إلا و سحقه تحت الأقدام حتى ألغت هذه الولاية المفتراة على الله تعالى و على مذهب أهل البيت عليهم السلام الفكر بل و حتى علماء الدين و لو كانوا فقهاء إلا من كان محض العبودية و التبعية منهم للحاكم.
و مع كل الأسف أن كل ذلك يجري بمرأى و مشهد من علماء الدين على اختلاف طبقاتهم سواءا كانوا يعيشون في داخل إيران او في خارجها او في أي حوزة من الحوزات فهم محض صمت لمرضاة الحاكم و من يؤيده في الداخل او الخارج من أصحاب المصالح او الجهال, في حين أن الله تعالى قد أمر رجال الدين أن يكونوا مع المظلوم ضد الظالم و أن لا يكتموا الحق و شريعة رب العالمين التي هي قائمة على الحق و العدل و الحرية و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا على التظاهر بالنسك و التقوى و كثرة الصلاة و التسبيحات.
أجل, ما وجدنا طيلة هذه العقود من رجال الدين لا في داخل إيران و لا في خارجها أحدا يتكلم عن الحق و واقع الشرع إلا نادرا و كأنهم قد نسوا يوم الجزاء و الحساب.
فهاهو الشعب و هاهم أبناء الوطن يعيشون و بعد أكثر من أربعين عاما الفقر و الحرمان و الظلم و الإضطهاد و التقتيل و التهجير و هاهو صوت الحق او المعارضة و من له رأي مستقل يعيش التصفية من قبل النظام سواءا كان في الداخل او الخارج حتى ولو كان في شرق الدنيا او غربها إلا و قد قُتل او اختُطف ليرتكب في حقه أبشع أنواع التعذيب او الموت في داخل إيران و قد تؤخذ منه الإعترافات تحت الإرهاب و التعذيب.
و هاهي الأكاذيب و مصادرة أموال الناس و أراضيها قائمة على قدم و ساق فضلا عما يجري في حق الثروات و الخيرات من سرقات و نهب من نفط او غاز او منابع طبيعية.
و قد إستلم البلاد إضافة على حكم ولاية الفقيه المطلقة من لا أهلية له من حرس الثورة و القضاة الذين لا صلاحية لهم شرعا و لا بحسب القانون الدولي و ما كان ليُسلط هؤلاء و أمثالهم على الناس لولا انهم من أعوان النظام و قد راحوا ليعيثوا في الأرض فسادا أكثر من أربعين عاما.
و ها نحن نسمع و في كل يوم تفسيرا للآيات و الروايات و السنن الإلهية و السيرة لمحمد و آله الكرام بتبع الهوى خداعا للشعوب.
و من الواضح أنه ما راحت هذه الثروات الطائلة العائدة الى الشعب لتكون بناءا و إزدهارا للبلاد و العباد بل لتكون نعيما للسُراق و ليشترى بها الضمائر و الأسلحة لقمع الشعوب و المطالبين بالحرية و الحق و العدل و ما وجدنا أصحاب الادعاءات الكبيرة و الشعارات الرنانة الدينية قد حرروا فلسطين و قد كانت إحدى الأهازيج لإستمرار الحرب الإيرانية العراقية أن طريق القدس يمر على كربلاء او العراق و هاهم اليوم و قبل ذلك بسنين القادة في إيران و معهم حلفائهم في العراق و كذلك هو شأن حلفائهم في سوريا و أعوانهم في لبنان و ما وجدناهم قد تحركوا لتحرير فلسطين إلا بشعارات ضحكا على البسطاء من الخلق بجعل آخر جمعة من كل شهر رمضان مسماة بإسم يوم القدس العالمي و بقي هذا شعارا لخداع الشعوب و ليومنا هذا.
و أما مهزلة الإنتخابات في إيران من بعد الثورة و إلى يومنا هذا من بعد ما كان الناس يتطلعون بعد سقوط نظام محمد رضا بهلوي الى الحرية و العدالة و الإزدهار حتى إذا ما استيقظوا بعد سبات عميق طال عقودا من الزمن راحوا ليجدوا أنفسهم على بساط الفقر و الحرمان كما وجدوا أنفسهم أيضا مكبلي الأيدي بسلاسل الإستبداد تحت غطاء الدين و كما وجدوا أن ربيعهم الإسلامي ما كان إلا كالربيع العربي خريفا قاحلا و أن بريق الماء ما كان إلا سرابا.
و وجدوا أيضا أن الوجوه المتبسمة و النواصي التي كان يظهر منها الزهد و التقوى ما كان إلا قسوة و مكرا صُنع كل ذلك للقفز على الكراسي و إن كان الحق يُقال بأنه و قبل كل ذلك قد لمس أصحاب العقل و الوعي و المعارف الحقة الدينية بأنما يُدعى من حرية على صعيد الإنتخابات او غيرها ما كان إلا خُداعا و مهزلة من مهازل رجال السياسة و النفاق.
و لذا أقول إنه يتحتم على أصحاب الوعي و الدين اليوم أن لا يعيدوا و بعد أكثر من أربعين عاما من الوعود الكاذبة الكرة بإنتظار المعجزات و نتائج الإنتخابات القادمة و عليهم أن لا يشتركوا فيها فما الذي صنعته الإنتخابات السابقة لتصنع لهم اليوم هذه الإنتخابات و متى كان المتسلطون على الحكم في إيران بعد الثورة صدقا مع الشعب ليكونوا بعد هذه الإنتخابات صدقا و خيرا و ليصبح الشعب بعد هذه الإنتخابات يعيش الرفاه او العدل بل هذه الإنتخابات ليست إلا للضحك على البسطاء و تبديل وجوه بوجوه جديدة من العملاء هم على منهاج المتقدمين خدمة للأسياد و اصحاب المصالح و هل وجد الشعب يوما من الأيام أن من وصل الى رئاسة الجمهورية او مجلس الشورى او غيره كان له الأثر في تغيير الحال من سيء الى حسن في حين أن المرشح هو من يؤيده النظام و يعتبر صلاحيته بلا أي قيمة لإرادة الشعب حيث أن هؤلاء جميعا ليسوا إلا محض تبعية لمن بيده القرار في إيران و هو من يُدعى في حقه أن له الولاية المطلقة كما و أن المرشح للإنتخابات المؤيد من قبل النظام هو أيضا محض تبعية لمن كانوا من كبار القادة حيث أن المرشحين لا يُؤيَد الواحد منهم إلا أن يكون مسبقا قد اثبت الولاء و العمالة و محض التبعية للنظام القائم لا للشعب و مصالحه و لا للوطن أو الدين.
أجل كل هذا الفقر و الظلم لقد كان واقع أمر من يوم سقوط النظام السابق و ليومنا هذا حيث راحت لتجري الأمور في كل يوم من سيء الى اسوأ و هذا ما شهده أبناء الشعب أنفسهم و ليس إفتراءا او إدعاءا على الحكم القائم في إيران بل هو ما تعيشه الناس من مأساة على أرض الواقع.
و أما لو جئنا لننظر الى الإنتخابات من خلال رصيدها الدستوري القائم في البلاد فسنجد أنه ما من مُرشح لرئاسة الجمهورية او مجلس الشعب إلا و يجب أن تؤيد صلاحيته مراكز ترجع الى الدولة و معنى ذلك أنه لا يرتقي لرئاسة الجمهورية او الى مجلس الشورى إلا من كان من أعوان النظام ظاهرا او باطنا و ليس للشعب ان يختار أحدا من نفسه أبدا و مطلقا و فوق كل القوى و صاحب القرار هو المسمى بولي الفقيه.
و من جهة ثانية نرى أن ما يسمى بمجلس الخبراء او صيانة الدستور او القضاء كل هؤلاء ليس حتى الواحد منهم من هو من مراجع الشيعة و لا كبار علماء المسلمين و لا هو من أكابر الحوزات بل جميعا إنما هم من الوعاظ و الخطباء و إن سماهم النظام بالفقهاء.
و ذلك حيث أن واقع الأمر أن مجلس صيانة الدستور ستة من أعضائه يعينهم كفقهاء ولي الفقيه و ستة أخرون تحت عنوان خبراء القانون يعينهم رئيس السلطة القضائية الذي هو قد عينه مباشرة ولي الفقيه أيضا و عليه يكون جميع أعضاء مجلس الخبراء هم مباشرة او مع الواسطة يرجع أمرهم الى التعيين من قبل ولي الفقيه و هذا المجلس هو من يُعين صلاحية المرشحين لرئاسة الجمهورية او مجلس الشعب و هؤلاء لا يؤيدون إلا من كان محض تبعية بل عبودية للنظام فأين محل الشعب من الإعراب في إختياره للمرشحين على صعيد رئاسة الجمهورية او مجلس الشعب إلا ضحكا على هذا الشعب المخدوع بمظاهر الحرية و الديمقراطية.
و بالجملة قد عرفنا إن الذين يؤيدهم مجلس صيانة الدستور هم المؤيدون للنظام و العملاء له او هم من كانوا من المداهنين و المنافقين و بقي الشعب و علماء الدين على إختلاف مذاهبهم و كذلك بقي المطالبون بالحرية و الحق من الشعوب غير الفارسية من العرب الشرفاء او الأتراك او الأكراد او البلوش او من كان من القوميين او الأحزاب الذين يطالبون بالحرية او الحق بقي كل هؤلاء لا محل لهم من الحق و العدالة في إيران و ذلك لأن المطالب بالحق الديني او القومي او الحرية في قاموس النظام من الخونة و أن الشرفاء هم مؤيدوا النظام.
و من حقنا أن نتسائل أيضا أين محل مراجع الشيعة الذين ترجع إليهم الناس في التقليد او مراجع بقية المسلمين إفتونا أيها العقلاء و يا من تدعون المعارف الإسلامية إذا كان في واقع الأمر لا قيمة لواقع الشعب و لا لعلماء الأمة و لا لمثقفيها و إني إنما أردت كل ذلك البيان إقامة للحجة ليوم الحساب و لتنبيه الغافلين و أما المعاندون و المنافقون و أصحاب المصالح الذين باعوا كل شيء لغاياتهم و لمصالحهم الشخصية فلهم يوم لا ينفعهم فيه الندامة و ذلك يوم الحق عند المليك المقتدر حين يحضرهم للحساب و يسألهم كيف تلاعبوا بقيم الدين و الحق و العدل و كيف ظلموا العباد و كيف عثوا في الأرض فسادا.
و في الختام و على أمل الحرية و العدالة و فجر قريب أستودعكم الله.
الداعي لكم بالخير محمد كاظم الخاقاني
0 تعليق