آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

محاضرة ألقاها الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني في جامعة إكسفورد في بريطانيا

 

محاضرة ألقاها الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني في جامعة إكسفورد

حقوق الإنسان

أتقدم بالشكر أولا لجميع الحضّار الكرام وبالأخص لمن قام بالدعوة لإلقاء هذه المحاضرة لهذا المكان المحترم وأبدأ الحديث ببسم الله الرحمن الرحيم لما تحمل هذه الكلمة من معالم الرحمة والسلام الذي جاء به نبي الإسلام ومن لم يمثل من المسلمين قوله وفعله رحمة الإسلام وتسامحه لا يكون مسلما حقا لأن الدين كما قال محمد (ص) : هو المحبة التي جسدها الرسول بخلقه ومكارم أخلاقه وبفعله حينما فتح مكة و عفى عن أعدائه قائلا إذهبوا فأنتم الطلقاء وكذا عفى عن سقيف وغيرهم حينما انتصر عليهم , وقد رسم سنة الرسول (ص) علي عليه السلام حينما انتصر على أهل البصرة و خوارج النهروان فعفى عنهم جميعا أيضا.

وأما على صعيد الدعوة الى الإسلام فقال تعالى : (إدعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن) , بعيدا عن منهج العنف والإرهاب والسباب الذي ربما راح بعض المتشددين ليتخده منهجا للدعوة إلى الله تعالى.

وأما على صعيد تعايش المجتمع الإسلامي فقد قال تعالى : (وأمرهم شورى بينهم) ثم أمر نبيه الكريم بأن يشاور الناس أيضا فيما يرجع الى شؤون حياتهم قائلا: (وشاورهم في الأمر) حتى لا يدعي بعد ذلك أحد من المسلمين أن من حقه أن يرسم حياة أمة برأيه الفردي مهما كان من المكانة علما وعقلا ولهذا الفهم من نصوص الشرع الكثير في الكتاب والسنة ذهب جلُّ علماء الشيعة الى القول بعدم ولاية مطلقة للفقيه وما ذهب إليه النظام القائم في ايران لا يمثل مسلك المذهب الشيعي بمسألة الولاية للفقيه.

وأما على صعيد تكريم الإنسان بما هو إنسان رجلا او إمرأة قد قال تعالى:(ولقد كرمنا بني آدم) ولم يقل ولقد كرمنا الرجل فحسب , وقال أيضا : (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) حتى لا يتوهم البعض أن للرجل خصوصية في أصل الخلقة تفوق المرأة وبهذا المضمون الكثير من الآيات والروايات وقد اعتبر الشارع التكليف مشروطا بالعقل لكل من الرجل والمرأة ولو قدّر للمرأة أن تفخر على الرجل على ما عليه المشهور من العلماء من كونها مكلفة بأحكام الشرع عند تمام التاسعة لكان لها ذلك لأنها تصبح قبل الرجل محلا للخطاب الإلهي والخطاب كما قلنا منوط بالعقل والرجل كما عليه المشهور يخاطب عند الخامسة عشر.

وعلى صعيد التعايش قال تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وذلك لأن بالعدل تضمن الحقوق لكافة الأفراد والمجتمعات وبالإحسان تغرس روح المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع حينما يحسن البعض للبعض الآخر أو يتنازل عن حقه او بعض حقه لحساب الآخرين بدوافع حب الإنسانية.

وعلى صعيد لزوم جريان العدل لكافة أفراد البشر مسلمين كانوا او غير مسلمين قال تعالى : (وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل) ولم يقل اذا حكمتم بين المسلمين فاحكموا بالعدل .

وعلى صعيد الجهاد قال تعالى : (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) وقال : (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير) فلا يكون الجهاد إلا لردع المعتدي والدفاع عن النفس والمال والوطن و لم يكن كما يظن البعض لإكراه الآخرين للدخول في الإسلام ولذا قال تعالى : (لا إكراه في الدين) وقال تعالى : (فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر) وقال تعالى : (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) وكيف يجبرهم على الدين وهو جعل الدنيا دار إختبار وإمتحان ليميز الخبيث من الطيب ليوم الحساب والدين عقيدة اكثر من كونه عملا وعليه فيجب ان تحمله النفوس اختيارا ولا يكون فعل الخير فضيلة لو صدر من الإنسان مكرها عليه وما يحصل من بعض المنتسبين الى الأديان من إكراه الآخرين على الدين أو تكفيرهم ثم الحكم عليهم بالموت وحرمانهم من حق الحياة فذلك إنما ينبيء عن عدم فهمهم لنصوص القرآن والسنة وسيرة الرسول (ص) كما  وأنه ينبيء ايضا عن عدم فهمهم للغاية التي من أجلها خلق الإنسان على وجه الأرض وهي الإختبار ليوم الحساب والإكراه على الدين ينافي الإختيار.

ومن الغريب أن نسمع بإنسان في عصرنا هذا يريد التقرب الى الله تعالى بقتل الأبرياء في الشوارع والمطاعم والأماكن العامة ليصبح بزعمه في جوار النبيين في أعلى عليين.

وللإبتعاد عن هذا الفهم الخاطيء لشرع الله تعالى الذي كان حصيلة تراكم الزمن وظلماته ندعوا المسلمين ونحن في هذا القرن الذي اصبح فيه العالم كقرية واحدة أن يراجع اهل الإختصاص من المسلمين شرع الله بأنفسهم بعيدين عن إجتهادات الآخرين حتى لا يصبح الإجتهاد حكرا على أهل زمان خاص كعلماء القرن الثالث والرابع الهجري وذلك لأن للزمان والمكان والتقاليد والموروث وهيمنة أنظمة الإستبداد والرغبات الأثر العظيم في فهم الإنسان للكتاب والسنة وسيرة الرسول (ص) ولذا ربما فُهمت الكثير من أبعاد الشرع فهماً خاطئا وخاصا فكان ذلك مدعاة لضياع كثير من المفاهيم والحقوق كما نشاهد ذلك بالنسبة الى حق المرأة وحقوق الأقليات المذهبية والقومية فمثلا أين نحن الملسمين مما أشاراليه الإٍسلام من تكريم للمرأة وهي قد عاشت في أغلب القرون في الديار الإسلامية الحرمان والإضطهاد باسم الدين في حين أن الرسول (ص) قد قال : (النساء شقائق الرجال) وشق الشيء جزؤه المكمل له  وقال أيضا في مجال الرقة : (إنهن قوارير) مشيرا بذلك الى لزوم معاملة المرأة بكل عطف ورقة مشبها لها بالزجاجة للطافتها وقد قال (ص) في حجة الوداع : (أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقا و لكم عليهن حقا )ثم قال: (إتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا) وقال : (البنت ريحان اشمها) وقال: (الجنة تحت أقدام الأمهات) وقال في جواب سائل من أبر ؟ قال : (أمك ثم أمك ثم أمك ثم قال أبوك في الرابعة) وقال تعالى في حق النساء : (وعاشروهن بالمعروف) وقال :(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)ولكن مع كل هذا الكم الهائل من الآيات والروايات نجد المرأة عاشت ضياع الحقوق وحرمانها كما وأنه نجد في ظل المفاهيم الخاطئة أيضا لفهم الشرع عاشت الأقليات المذهبية والقومية أيضا الكثير من الحرمان والإضطهاد فقد كان الرسول (ص) إذا أسلم قوم جعل عليهم من انفسهم من يرونه كريم قومهم كما جعل سفير كسرى حينما أسلم زعيما على ما تحت يده وكذا صنع مع كل قوم أسلموا ولكن نحن نرى أن أي قومية استولت على قومية أخرى في الديار الإسلامية إضطهدتها وراحت لتضيع حضارتها تحت شعائر الإسلام وقد جائت إمرأة لعلي عليه السلام أيام حكمه تشكوا إليه الوالي في ظلامة فلما أقامت البينة رفع يديه الى السماء وقال : (اللهم اشهد بأنا لم نولهم ليظلموا عبادك ثم أمر بعزل الوالي).

ونحن في زماننا هذا راحت أمة بكاملها لتضج من جور الوالي السيد أحمد المدني والقاضي الشيخ الخلخالي وتقدم الناس الى الولاة وعلى رأسهم رجل من أكابر علماء الشيعة و مراجعها وهو آية الله الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني فلم يجدوا آذانا صاغية ومن الغريب أن نسمع على العهد الجاهلي أن تشكل قبيلة جُرهم ومن بعدهم بقرون قبيلة قريش حلفا للدفاع عن أي مظلوم بمكة المكرمة ولا نسمع اليوم العلماء ورجال الدين يشكلون حلفا للدفاع عن حقوق المظلومين في الديار الإسلامية وهم كثر يتجاوزون الملايين وقد أخذ الله على العلماء ألا يسكتوا عن ظلم الظالم ولا عن ظلامة المظلوم وإن أمكن ان نعطي بعضهم الحق أو بعض الحق تبريرا لصمتهم لأنهم يعيشون تحت ظل أنظمة مستبدة بإسم الدين أو الديمقراطية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

أما لليلك صبح أيها الوطن

قصيدة أما لليلك صبح أيها الوطن بقلم و صوت الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني  أما لليلك صبح أيها الوطن أما لليلك صبح أيها الوطن                      به تُسر قلوب لفها الحزن مالي أراك و منك الدمع منهمل           و الربع قد طاف فيه الهمّ و الشجن و أنت من كنت في سوح الوغى...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا