سلام عليكم شيخنا سماحة الشيخ الخاقاني
سؤالي ما رأيكم في اللعب بالشطرنج والورق _الباصور_ وهل صحيح ان حرمة اللعب بالشطرنج لان يزيد بن معاوية لعنه الله لعبها على رأس الحسين وسؤالي الآخر عن مسجد الجامع في المحمرة هل صحيح انه يرجع الى جدكم آية الله المرحوم الشيخ عيسى الخاقاني وشكرا.
الجواب:
اعلم ايها السائل الكريم ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد فما كان منها راجحا قد يكون واجبا او مستحبا وما كان مرجوحا قد يكون محرما او مكروها ولا تحرّم الاشياء لمثل هذه الامور التي ذكرت حتى ولو صدقت القصة ومن المعلوم ايضا ان الاحكام الواردة على الطبايع شرعت في عهد رسول الله (ص) ككون الخمر او القمار او غيرهما محرما وكل ما يكون وجوبا او تحريما لغير الطبيعة انما يكون لخصوصية زمان او مكان كأن يحرم في زمان او مكان لمصلحة من المصالح شيئا من الاشياء كأن يقال شرب البيبسي حرام لأنه يخدم مصالح البهائية لكن مثل هذه الاحكام لا تكون على طبيعة البيبسي وانما هي من حيثية خارجة عن نفس الشيء ويرتفع الحكم بمجرد ان يصبح البيبسي ليس ملكا للبهائية او تصبح البهائية ليست خطرا على المذهب.
فإذن ما يقال من أن الشطرنج حرمت لان يزيد بن معاوية لعبها على طست كان فيها رأس الحسين عليه السلام كلام لا يستوجب الحرمة بل حرمة الشطرنج او عدم حرمتها انما يتبع الدليل الشرعي من آية او رواية ومن المعلوم ان الاحكام الشرعية على نحوين احكام مسلّمة ضرورية ومن انكرها يكون كافرا ككون الصلاة واجبة وكون الخمر و القمار محرما والنحو الثاني من الاحكام ما ليس ثابتا بالضرورة والدليل القطعي من الشرع القويم وانما هي احكام ترجع الى اجتهادات لفقهاء الامة بتبع ما يرونه من صحة الاخبار وعدم صحتها وما يستفيدونه من الدليل بحسب مفهومه او منطوقه ومن تلك الاحكام العائدة الى اجتهاد الفقهاء مسألة الغناء وحلق اللحية واللعب بالشطرنج والنرد والكثير من الامور الاخرى ومثل هذه الاحكام قابلة للنقاش ولربما راح الكثير من المتأخرين لينظر الى ما توصل اليه المتقدمون من كبار فقهاء المذهب ارسال المسلمات وراح آخرون ليعطوا تلك الاحكام عنوان ما قام عليه الاجماع او انه يجب الاخذ بما ذهب إليه المشهور ولو بتأييد مثل هذه الكلمات كقول القائل انه من الاحوط العمل بما ذهب اليه المشهور وما شاكل هذه العبائر من المؤيدات لما توصل اليه المتقدمون وليس من غريب القول لو قيل ان الكثير من المتأخرين لاكبار بعض من تقدم من الفقهاء راح ليسير على ما سار عليه حتى اصبح لفترات من الزمن لا يجرء احد ان يأتي بما يخالف بعض الاكابر كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي والعلامة الحلي وأضرابهم من اكابر فقهاء المذهب وبعد هذه المقدمة نقول :
هل حرمة اللعب بالشطرنج او النرد او الورق _الباصور_ من الحرمة المنصبة على هذه الاشياء بأنفسها او ان الحرمة انما كانت لكون هذه من ادوات القمارفتكون محرمة لأنها ما كانت لتُشترَى الا من اجل هذا العمل المحرم الذي لا شك ولا ريب في حرمته وايضا قد تكون هذه الادوات محرمة من ناحية اخرى وهي انها قد يلعب بها البعض حتى تصبح من مصاديق اللهو الداعية لنسيان ذكر الله تعالى ولترك ما اوجب على الانسان من الوظائف بأزاء عائلته او مجتمعه ومن المعلوم ان كل ما يصبح مصداقا للهو يكون مضيعة للحياة محرما لأن الحياة الدنيا الغاية منها الرقي بالعلم والعمل الصالح لا أن تضيع بمتاهات اللهو او بمفاسد الخمر والميسر وعلى هذا نقول ان كان اللعب بالشطرنج او النرد للقمار او كان اللعب بهما لهوا موجبا لضياع الحياة وعدم القيام بالتكاليف الشرعية تكون الحرمة ثابتة بلا ريب وأما لو كان اللعب بمثل هذه الامور للتسلية او التفريح في بعض الاحيان فالادلة ليست ناصة على الحرمة في هذا المجال وسنشير بنحو مختصر الى الأدلة في هذا المقام.
فالروايات الواردة في حرمة الشطرنج والنرد وغيرهما ظاهرها انها لو لعب بها للقمار تكون محرمة كما و أن ما دل منها على انها رجس من عمل الشيطان تشير ايضا الى ما هو من صفة القمار وهذا مما لا ريب فيه من انها لو استخدمت للقمار تكون محرمة كما وأنه مما لاريب في الحرمة لو اصبحت الشطرنج او غيرها لكثرة اللعب بها لهوا ومضيعة للحياة مستوجبة لنسيان ذكر الله ومناهجه الداعية الى الكمال والصلاح.
و أما ما ورد من الروايات الناهية عن اللعب بالشطرنج والنرد بنحو الاطلاق فإنها تقيّد بالروايات الصريحة الدالة على أن الحرمة لكونها من ادوات القمار كرواية ابي بصير الدالة على ان الشطرنج والنرد هما الميسر وكما عن امير المؤمنين عليه السلام : (النرد والشطرنج هما الميسر) أي القمار وكذا ما ورد عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى : (إنما الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) حيث جاء : (أما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر وهو رجس من عمل الشيطان ) .
وأما رواية ابي ربيع الشامي عن ابي عبد الله عليه السلام: ( انه سئل عن الشطرنج والنرد فقال لا تقربوهما )حيث راح ليستدل البعض على الحرمة مطلقا بهذه الرواية لكن قلنا ان المطلقات تقيدها الروايات الدالة على ان الحرمة لكونهما من الميسر اي القمار.
وكذا صحيحة محمد بن خلاد عن ابي الحسن عليه السلام فانها واضحة في ان الحرمة فيما لو كان اللعب قمارا حيث قال عليه السلام : (النرد والشطرنج وكل ما قومر عليه فهو ميسر) فإن هذه الروايات ايضا تشير الى ان الحرمة للقمار.
فإذن اللعب بالشطرنج والنرد للتسلية والتفريح لا تدل الادلة بوضوح على الحرمة وغاية ما يمكن ان يدعى في المقام هو الكراهية لان اللعب بمثل هذه الادوات قد يسوق الى اللهو تدريجا او قد يكون مدعاة في بعض الاحيان للوقوع في القمار ولذا نجد فتاوى الاعلام حتى من ذهب الى القول بالحرمة راح ليستدل على ذلك بانه لا يجوز اللعب بها على الاحوط لانها قمار وقال آخرون الاحوط تركه وقال ثالث انه يحرم اللعب بكل ما عُدّ آلة للقمار وقال آخر اذا أحرز خروجها عن آلة القمار فلا بأس وسئل آخر عن لعب الشطرنج لو كان مع جهاز الحاسوب_الكومبيوتر_ فأجاب لا يبعد الجواز مع عدم الرهان والله العالم وقال في موطن آخر حينما سئل ان المعروف ان لعبة الشطرنج خرجت عن كونها آلة للقمار فصارت في جميع العالم مجرد لعبة للتسلية والرياضة فهل تبقى الحرمة ؟ فأجاب اشتهار خروجها عن آلة للقمار لا يكفي لجواز اللعب بها ما لم يحصل العلم بذلك وكأنه يريد ان يقول اذا أحرز عدم كونها قمارا فلا يدل الدليل على الحرمة .
وخلاصة القول انه لا دليل قطعي في المقام يدل على حرمة اللعب بهذه الآلات مالم يصبح اللعب بها من مصاديق اللهو او القمار , وأما سؤالك عن مسجد جامع المحمرة فإن هذا المسجد هو مسجد جدنا المرحوم آية الله الشيخ عيسى الخاقاني والولاية ترجع إليه ومن بعده الى العلماء من ذريته , هدانا الله واياكم الى سبيل النجاة إنه ولي التوفيق.
0 تعليق