سؤال من الفاضل الشيخ أحمد حول ما ينسب الى السيدة زينب عليها السلام من دعائها على بعض أهل الشام الذين نالوا من قافلة الأسرى حين دخولها الى الشام بأنه اسهل من الممكن أن تدعو عليها السلام بأن يهتك سترهم و أن يوقعهم في الفحشاء؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل كما تعلمون ان القضايا تارة تكون بنحو القضية الحقيقية بحيث يكون الحكم واردا على الطبيعة و يكون الفرد الداخل تحت العنوان مصداقا من مصاديق تلك الطبيعة أينما وجد وفي اي زمان كأن يقال الصلاة واجبة على كل بالغ عاقل و الخمر حرام وحكم القاتل او الزاني كذا و لا يخرج من الأفراد من تحت عموم الحكم او إطلاقه الا ما يستثنى شرعا او عقلا كالإستثناء للإضطرار او العسر او الحرج مثلا فهاهنا محل جريان الاطلاقات او العمومات عند عدم المخصص او المقيد.
و تارة تكون القضايا خارجية فلا تكون شاملة الا لأفراد او مخاطبين معينين مدحا او ذما فمدح أهل اليمن في زمن خاص او المدح الوارد لجماعة معينة في زمن نبي او إمام فإنه لا يشمل أهل اليمن في جميع الأزمنة او من كانوا موردا للمدح من قبل نبي او إمام و إن كان ربما يشير إشارة الى طيب أبناء تلك البلاد بنحو العنوان لا بنحو الشمول الأفرادي وكذا هو حكم الذم الوارد بالنسبة الى البعض كأهل الكوفة مثلا فإنه لا يشمل أهل الكوفة في جميع الأزمنة بل أقول إن كل مدح او ذم كان بنحو القضية الخارجية لايعم حتى جميع الأفراد أنفسهم في ذلك الزمان و المكان بنحو العموم الساري في جميع الأفراد بل يكون عنوانا مشيرا الى الأكثرية و إلا فكم من كوفي في زمن نفس الخطاب كان من أهل الولاء و قد زج بكثير منهم في السجون او قتل.
وبالجملة جيمع الخطابات الواردة بنحو القضايا الخارجية لا عموم ولا إطلاق فيها وإنما يراد منها العنوان المشير إلى الأغلبية لا العموم الشمولي الإستغرابي وإذا لم يكن الخطاب شاملا لجميع أهل ذلك الزمن بنحو الشمول الأفرادي فبالأولى أن لا يكون شاملا لجميع الأفراد في جميع الأزمنة فإذا ورد مثلا عن الإمام علي عليه السلام ذما بنالسبة الى الأكراد الذين نقضوا عهدا وخلعوا يدا من طاعة او ارتدوا فأمرم بمقاطتهم وعدم التعامل معهم وأن لا يزوجوهم او أمر بمحاربتهم فإنه لا يراد من ذلك شمول الحكم او الذم لجميع الأكراد في نفس زمن الخطاب فضلا عن الأزمنة الأخرى كذا المراد من الخطابات الواردة بالنسبة الى أهل الشام فهي خطابات من باب القضايا الخارجية المتوجه على العنوان المراد منه الأغلبية العاقلة البالغة المعاندة في ذلك المقطع الزمني فلا تشمل كل فرد من أفراد الشام حتى في نفس زمن الخطاب فضلا عن بقية الأزمنة وبحسب قرائن المقال والحال يُفهم ان المراد هم الذين كانوا من أعوان الظلمة المتظاهرين بالتقوى رياءا او نفاقا.
لكن من المؤسف ان يندفع البعض إما لعدم التمييز بين القضايا الحقيقية ذات الإطلاقات والعمومات و القضايا الخارجية التي لا إطلاق ولا عموم فيها الى القول بأن أهل الكوفة كذا و أهل الشام كذا و أهل اليمن كذا و كأنه ينظر الى المجتمع اليوم وهو داخل تحت عنوان الخطاب وربما كانت الدوافع من البعض في بعض الأحيان مدحا او ذما من منطلق الطائفية او العنصرية فيذهب بتبع هذه الرواسب ليعطي مثل هذه الخطابات إطلاقا او عموما لجميع الأزمنة وما نحن فيه مما ينسب الى السيدة زينب عليها السلام مع غض الطرف عن صحة السند وعدمه وكون كثير مما ينقل قد لا يكون محققا فإنما هو من القضايا الخارجية وعليه فلا إطلاق ولا عموم في المقام حتى بالنسبة الى أهل زمن نفس الخطاب فضلا عن بقية الأزمنة والأمكنة وكيف يمكن او نتصور سريان الدعاء من السيدة زينب عليها السلام الى بقية الأزمنة حتى يقال ان البلاد او الناحية المعينة من الشام كانت مشمولة لتلك الدعوة ولذا صارت البلاد الى زمن بعيد مبتلاتا بالفحشاء.
وثانيا الدعاء من الأولياء على الأشقياء الذين يستحقون الإنتقام الإلهي إنما تكون دعوة ليصبحوا محلا للإنتقام و السخط الإلهي بأنفسهم لا لأن يشمل ذراريهم غير الداخلين في الجريمة بما يناسب ما يصدر منهم من جرائم وليس بمعنى ان يدعو المؤمن على كافر لم يشرب الخمر او لم يزن او لم يسرق او يبتليه الله تعالى بشرب الخمر او الزناء او السرقة لأن الدعاء يجب ان يتناسب مع الفعل كأن يدعو بالإنتقام بتشتيت شمل الظالم و هلاكه وذله وأن يكون موردا للعن الله بأن يجعله مطرودا من رحمته ولا يمكن ان تتجاوز الدعوات مرتكب الجرائم الى ذراريهم لأنه لا يجوز ان نزر وازرة وزر اخرى .
وأما كون بعض أهل الشام على مسلك آبائهم ليومنا هذا فهي مسألة اخرى لا ربط لها بما نحن فيه من مسألة الدعاء وذلك لأن من طبع أغلب الناس أنهم على مسلك آبائهم حضارة ودينا في أغلب المجتمعات البشرية وذلك للتهاون في الدين لأن المتأمل يرى ان أغلب المجتمعات في العالم الديانة عندهم تقليدية وليست نابعة عن معارف ومن كان راضيا بفعل الطواغيت الذين ارتكبوا تلك الجرائم العظمى في حق الأولياء و أهل البيت عليهم السلام يكون الحكم شاملا لهم لأنهم على دين آبائهم ولكن ليس معناه ان يشملهم حكم الفاعل للجريمة لأنهم لم يفعلوا تلك الأفعال.
نعم هناك امر لابد من الإلتفات اليه وهو ان الكثير من أعوان الظلمة وبالأخص المتظاهرين بالدين والتقوى منهم الذين خدعوا العباد مرضاة للطواغيت وكانوا السبب للتأثير على السواد الأعظم الذين ينعقون مع كل ناعق فإن هؤلاء الذين يوجهون افعال الطواغيت ويعطونها شرعية وينالون من المؤمنين إفتراءا وبهتانا وهم في السر يرتكبون كل فحشاء وخسة ودناءة قد يطلب أولياء الله تعالى من ربهم ان يهتك ستورهم ويفضحهم بما هم عليه من الفحشاء والمنكر فهي دعوات لهتك ستر الدجالين و الانتقام منهم وأن لا يتركهم الله تعالى لفضيحة يوم القيامة فقط حتى يشفي صدور قوم مؤمنين ولكي لا يخدع بهم البسطاء من الخلق الذين لضلالة لا لعناد وجحود يسيرون وراء الظالمين وبالجملة الدعاء لهتك الستر بالنسبة الى المرائين او المنافقين المرتكبين للفحشاء سرا ليس من الدعوة للوقوع في الفحشاء التي قلنا انها لا يمكن ان تصدر من أولياء الله تعالى بالنسبة الى الظالمين كأن يطلب المؤمن من ربه ان يصبح الظالم غير الشارب للخمر شاربا له او ان يطلب المؤمن من ربه ان يصبح الظالم الذي ليس من فعله ارتكاب الزناء ان يصبح زانيا اذ لا مانع من أن تكون الدعوة من السيدة زينب عليها السلام بناءا على صحة الخبر بالنسبة الى اولئك الذين يتظاهرون بالزهد وهم يرتكبون الفواحش سرا من أن يهتك الله ستورهم لكن ليس من المعقول ان يكون في مقابل شتم الشاتم الدعاء عليه بأن يقع في الزناء الذي هو ليس من فعله وان الدعاء لهتك ستر مرتكب الفحشاء المؤيد للظالمين المتظاهر بالزهد والصلاح ليس من حب إشاعة الفحشاء في المؤمنين وان الدعاء على هؤلاء لا يكون شاملا لذراريهم لأن لكل انسان عمله و إذا كان الأمر مما أشرنا إليه فإنه لا يكون من الأمور العقلية التي لا يجوّز العقل صدورها من الأولياء بالنسبة الى الأشقياء والعلم عند الله ندعوه ان يوفقنا الى الصواب وان يتجاوز عن أخطائنا إنه ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هي حينما دعت ذلك هو كان معه عصا هي تتكلم و هو يضع بها بين اسنان رأس الحسين يلعب بالرأس المفصول عن الجسد و اهل الشام تستحي بهن