آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » الحقيقة الضائعة » قسم الحقيقة الضائعة » ضياع الأمة بين نسيج التقديس وهذيان التفسيق

ضياع الأمة بين نسيج التقديس وهذيان التفسيق

هلم معي يا أخ السلام لنمشي ساعة في ظلال سماء تجلى أفقه ناصعا حيث السكينة وصفاء القلوب لنشم نسيم الصبح بعيدا عن كدر مهب عواصف الدهور في ليلها المطبق ولنسمع في فسيح من الآفاق أنغام الملكوت همساً هادئا يناغم بصدى أوتاره بطون صحائف الوجدان حيث يكون طرب العشاق حين أنسها بدقائق الألطاف على ضفاف شواطئ النور لنطلق الطرف حرا غير مقيد بنسيج زخارف التقديس وهذيان شطط التفسيق لنرقى بمدارج عزلة أصحاب الكهف لشهود بحور قدس هي الأنفاس المحمدية العلوية لتهدأ النفس بعد اضطرابها وضياعها في بقاع خلد هي سماوات ذوي الألباب في محفل صدق لنعيش لحظات من العمر في رحاب عظيم قام ليطفئ شمعة كان قد أشعلها بعمق مدارج الإيمان ثم راح ليطفئها بقرارة الإيقان، لم تأخذه في الله لومة لائم.

        عندما يكون تجسيد الحق بعيدا عن معرفة الحق بالرجال وتقديسهم على حساب رسالات السماء عندما تتهاوى العناوين مهما طالت وكانت قطارا من الألقاب ليعيد بعدها الكرة صاحبها بإشعال شمعة أخرى يؤتى بها إليه من بيته كان قد ملك قوام أمرها بعرق السعاة إلى مسالك الرضوان، نزيها عن صنع قوائم رسالات السماء بأوتار عناكب الأوهام وأكداس الصحف المجوزات لنهب بيت المال المدعومة بجيوش الشأنيات وجميل زخارف التأويلات بدوافع المبررات ثم لنلقي يا أخ السلام نظرة أخرى إلى حديدة محماة يدنيها من أخيه وهو يأن من ألم الفقر والحرمان قبل أنينه من لظى النيران، كل ذلك خوفا من تقديم ذي رحم على حساب الشرع القويم لنعيش لحظات من العمر في سوح وصال العاشقين ليصبح البصر حديدا يربو بطهر النفس عن مزالق حضارات الجاهلين وإن أجلست بزخرفتها في مسالك المتقين.

        فأين رجل الحق والعرفان من هذه الأزمنة ليشهد إعطاء عشرات الآلآف من العاطلين علما وعملا من بيت المال والحق الشرعي تحت شعارات فارغة منها….. ومنها….حتى راحت لتصبح بعد طي القرون شريعة، المتأمل في صحتها منكر لضرورة من ضروريات الشرع القويم وهو في الوقت نفسه متطاول على أعاظم رجالات العلم والدين.

        فيالها من مأساة حينما تسحب الشريعة لتتمشى وخطى الرجال بدلا من ركوع قوامها أمام صفاء نداء الأنبياء والصديقين الذي به حياة القلوب حينما يدعو داعية السلام محمد (ص) قائلا: (إعرفوا الحق تعرفوا أهله) وحينما يقول لسان صدقه علي (ع) :( إن الحق لا يعرف بالرجال اعرفوا الحق تعرفوا أهله).

        لكن الأمة أبت إلا أن تعرف الحق في نواصي الرجال فذاقت وبال أمرها في ضنك ديار الجاهلين لنعيش حلّية الربا تحت ذرايع الحيل الشرعية وأكل الثلث من الحق الشرعي تحت ذريعة الجباية والتسابق لإعطاء الوكالات لغير أهلها من البعض تحت شعار تشخيص الأولويات والتمويه في صياغة التعابير بإعطاء البعض ما يبدو منه عند العامة بإجازة اجتهاد وفقاهة تحت غطاء عدم المسؤولية إن كانت العامة لا تفهم المصطلحات.

        وليس الكلام مع من رفع عنهم القلم أتباع بيعة الفلتات الذين صنعوا من الأمة قطيعا يتبع رغبات الحكام بل من يعنيهم الخطاب من أهل الولاء ولكن قبل الدخول في صلب الموضوع رأيت من اللازم التعرض بقدر ما لظاهرة التقديس التي دفعت بالبعض إلى وديان التشنيع والتفسيق حيث يسوق التقابل إلى التضاد وهو أمرمعقول حيث أن الإفراط يدعو إلى التفريط عندما تفقد موازين الإعتدال.

        فكلمة قدس قدسا بمعنى طهر وتبارك وقدس الله عزوجل فلانا أي طهره وبارك عليه ونزهه والتقديس هو التنزيه.

        والقدوس من أسماءه تعالى وهو الواجب الوجود بذاته المنزه عن كل نقص وتقديسه تعالى تنزيهه عن شؤون الإمكان وليس بخفي لدى العارفين لا الجهال المتحجرين بأن له تعالى في عالم الإمكان مظاهر لإسم القدوس وهم الذين أرادهم مظاهر أسماءه الحسنى فنزههم عن الخطأ والنسيان حينما اختارهم وانتجبهم في قديم علمه بواسع رحمته أزلا ليقيم بهم الحجج ويجعلهم منار هدى على اختلاف مراتب أولياءه وتجليات أسماءه وصفاته فيهم وعلى رأسهم محمد المصطفى ونفسه الزكية علي المرتضى وأبناءه الهداة الميامين عليهم السلام.

        فالعلماء الربانيون الراسخون في العلم أظهر مظاهر أسماء الله سبحانه وتعالى والفقهاء الصالحون المتقون هم المتعلمون على سبيل الرشاد، لكن علينا كمسلمين أن لا نقع فيما وقع فيه الكثير من الأمم من تقديس الرجال بدلا من تقديس الحق المتجلي في الكتاب والسنة والسيرة لأولياء الله تعالى أو تقديس الصحابة والعلماء بدلا من الشرع.

        فالتقديس شأن نصراني تربت عليه نفوس النصارى في نظرتهم إلى قساوستهم ورهبانهم وهكذا هو شأن اليهود بالقياس إلى الأحبار حيث راح اليهود يقدسون الأحبار وبالأخص الحبر الأعظم في حين أن المتتبع لحياة الأنبياء والأوصياء يجدهم قد عاشوا أشد ما يكون من العناء والبلاء من أممهم والكثير من المنتسبين إليهم حينما كان الحق واقعا والشرع صراطا وذلك لأن الناس عبيد الدنيا، حينما تدخل الأهواء لأصحاب المصالح بصنع دين تستذوقه العامة يرضي التابع والمتبوع ويناسب جهل الأمة.

        أجل تقديس الرجال يسوق إلى التصنيم وعبادة الفرد على حساب الدين ويفتح الباب بمصراعيه أمام أبناء الدنيا لتحقيق كلمة حق يراد بها باطل كما شوهد ذلك بعد وفاة رسول الله (ص) حينما انقلبت الأمة على الأعقاب فراحت لتقدس الصحابة والرجال مع خروج بعضهم عن مسلمات الشرع وتلاعبهم بمقاييس الدين المبين.

        وقد ورد في تفسير الآية الشريفة وهي : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) فعن رسول الله (ص) : (بأنهم قبلوا منهم التحريم والتحليل بخلاف ما أمر الله تعالى).

        والأحبار جمع حبر وهو العالم وغلب استعماله في علماء اليهود والرهبان جمع راهب وهو المتلبس بلباس الخشية وغلب استعماله على المتنسكين من علماء النصارى.

        فاتخاذهم أربابا من دون الله تعالى إصغاءهم إليهم وإطاعتهم لهم من غير قيد وشرط ومعرفة، متبعين إياهم بلا دليل ولا برهان.

        وقد ورد في جواب سؤال سائل من أبي عبدالله عليه السلام أنه قال (أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون) وفي حديث آخر (والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم) وقد أخبر بتحقيق ذلك الرسول الأعظم (ص) في أمته كما عن أبي سعيد الخدري حيث قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن!)

        تاركين وراء ظهورهم قول رسول الله (ص) : اعرفوا الحق تعرفوا أهله، وقد حدثنا أهل السير عن علي (ع) أنه لما قرب من مشارف البصرة بعث رسله إلى رؤساء المتمردين الناكثين للعهود والبيعة يذكرهم بما هم به عالمون، فإنه من بعد إقامة الحجة وإصرار القوم على العناد أخذ عليه السلام يكتّب الكتائب ويقسم الرايات وإذ بكثير ممن جهل حقائق العرفان جاء مستغربا يسأل باب مدينة علم النبيين قائلا: يا أمير المؤمنين أأنت مقاتل هؤلاء القوم وفيهم طلحة والزبير حواري رسول الله (ص) وكذا فيهم أم المؤمنين زوج رسول الله (ص) فأجاب عليه السلام (إن الحق لا يعرف بالرجال لكن اعرفوا الحق تعرفوا أهله).

        أجل القداسة والتقديس للحق المتجلي بالكتاب والسنة ومن هم القرآن الناطق وهم المعصومون عليهم السلام لكن الأمة قد أصيبت جراء الإنقلاب على الأعقاب بما أصيبت به الأمم السابقة من تقديس الرجال بدلا من تقديس الرجال بالحق و قد عم هذا الإنحراف الأمة على اختلاف مذاهبها فصار حضارة في النفوس بحكم هيمنة منهج الأغلبية وقد عانت الأمة وما زالت تعاني طيلة هذه القرون من رواسب حضارة الجاهلية عندما راحت الأمة بعد ابتعادها عن مناهج الشرع بعدما أمرت بمعرفة الحق لتعرف أهله لتنظر الحق في وجوه الرجال صحابة أو علماء.

        وإني لم أقصد بقولي هذا التقليل من شأن رجالات العلم والرشاد الذين جسدوا العلم بواقع العمل بخطى الرسالة الذين هم من جملة حجج الله تعالى على خلقه ولكني أريد القول بأن الأمة تحتاج إلى معرفة مقاييس الرسالة حتى لا تفتح الأبواب لمن يصطاد في الماء العكر من علماء السوء في كل دين ومذهب الذين يلعبون بمقاييس الحق علما وعملا باسم الله تعالى وأنبياءه وخاصة أولياءه.

        وإن من المعلوم أن هناك حقا وباطلا وأن رجال الباطل هم الأكثرية في كافة ميادين الحياة وأن من سنن الله تعالى اختبار الأمة بكافة ما اختبر به تعالى الأمم السابقة ومن جملة أشد مواطن الإختبار اختبارهم بعلماء السوء وبالأخص إذا كانوا بمظاهر القدس والصلاح بما لهم من المقدرة على تلبيس الباطل بالحق أو بكلمة حق يراد بها باطل وإن كان لا مجال لذلك إلا من خلال جهل الأمة حينما تريد أن تعرف الحق بالرجال.

        اللهم وفقنا لمعرفة رجال الحق بالحق واجعلنا أعوانا لهم لتحقيق سبل الرشاد والشرع وأبعدنا عن حضارات الجاهلية بتقديس الرجال على حساب دينك القويم.

        وقد كتبت هذا وأنا على علم بتألم كثير من أصحاب المصالح وضجيج المقلدين لكل سيرة ضربت بأركانها على وجه الأرض ولو كانت خطأ كما وأني على علم تام بمقالة قوم آخرين بأن كاتب هذه الأسطر مدفوع من قبل البعض للنيل من قداسة ما لا تضر بهم مثل هذه الأباطيل بدلا من السعي لإصلاح ما يعلمون بقرارة نفوسهم من عشرات الأخطاء والتحريف لسنن رب العالمين لكنني اعتدت منذ زمن طويل أن لا أبالي بمثل هذا الزبد في مجتمع راح الكثير منه ليعبد الرجال من دون الله تعالى.

        ولمزيد من التوضيح والبيان أذكر نموذجا من سيرة الهداة المعصومين عليهم السلام وأدع الحكم لأهل العلم والإنصاف مقرا بعجزي التام ومعلنا استسلامي المطلق بأزاء أهل الجدل وأصحاب الإختصاص في مواطن تأويل الواضحات ولو كان المقام نصا جليا لا يقبل التأويل والتفسير،

        فمن سيرة رسول الله (ص) ما أشار إليه علي (ع) قال : (كان رسول الله طبيبا دوارا بطبه).

        أي كان بعيدا عن الشأنيات والعناوين والألقاب والتفاسير للعناوين الثانوية بمنظار المصالح الشخصية التي أخرجت الأمة في كثيرمن المواطن عن سيرة المعصومين تحت عناوينها الخلابة فقد كان رسول الله (ص) يذهب بنفسه داعية للحق ليرشد الناس في مدنهم وقراهم إلى الله تعالى طاردا رواسب الجهل،معالجا أمراض القلوب.

        وقد كان علي (ع) يعيش حياة الأمة يتفقد بنفسه الأرامل والأيتام ويقضي حياته بين الجموع في المسجد أو السوق عند ميثم التمار وهو آنذاك زعيم الأمة الإسلامية.

        وقد رويت الأحاديث المتعددة عن الأئمة الكرام عليهم السلام تبيّن سيرتهم لإحياء الأمة ومن جملة ذلك ما ورد عن الإمام الصادق (ع) بما مضمونه أنه بعث أحد أصحابه المقربين إلى بعض قرى الحجاز أو العراق ليخبرهم بعزم إمامهم القدوم عليهم ولكن المبعوث لما صار إلى تلك القرى ووجدهم بما هم عليه من الجهل، لا يميزون بين الحق والباطل ولا بين طهارة ونجاسة وإن كانوا من محبي آل محمد (ص) فكتم الخبر ولم يبلغهم بعزم الإمام ورأى أن مقام الإمام أرفع من النزول إلى مثل هذه القرى ولما عاد إلى الإمام واخبره الخبر غضب عليه الإمام (ع) غضبا شديدا وأمره بالرجوع إليهم مرة ثانية واستمر عليه السلام بالذهاب إلى تلك القرى ثم بعد اكثر من عشر سنوات خاطب صاحبه قائلا يا فلان: أتريد أن يكون هؤلاء كأنت وقد عاشرتني وعاشرت أبي من قبل اكثر من أربعين سنة؟ فما تقول في حقهم الآن؟ فأجاب إن الحق ما رآه سيدي جعلت فداه.

        فنتساءل بعد هذا المختصر لجانب من السيرة لأهل البيت عليهم السلام لإحياء الأمة،هل نجد لهذه السيرة مصداقية في حوزاتنا وبين علماءنا على اختلاف طبقاتهم وبالأخص أكابر الفقهاء منهم أم أنهم معتصمون بالنجف الأشرف وقم المقدسة لم يرهم أهل المدن فضلا عن القرى والأرياف فلماذا هذه العزلة عن واقع حياة المجتمع ومتى تعيش قرى البصرة والناصرية وكرمان وخراسان صيفها وشهر رمضانها مع علماءها الأعلام حياة الآباء مع الأبناء.

        وأدع الإجابة والحكم لأهل العلم والإنصاف كما قلت مسبقا بعد الإقرار بالعجز المطلق عن مناقشة رواد الجدل وأصحاب الإختصاص في التبريرات بدلا من الإصلاح لثغرات راحت لتعصف بالطائفة وتراثها لو لا اللطف الإلهي وأنفاس قدس صاحب الأمر (عج).

        وهناك العشرات إن لم تكن المئات من الثغرات التي يجب إصلاحها قبل فوات الأوان داعيا الله تعالى أن يوفق الأمة بقياداتها العلمية لإصلاحها إنه ولي التوفيق.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

أما لليلك صبح أيها الوطن

قصيدة أما لليلك صبح أيها الوطن بقلم و صوت الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني  أما لليلك صبح أيها الوطن أما لليلك صبح أيها الوطن                      به تُسر قلوب لفها الحزن مالي أراك و منك الدمع منهمل           و الربع قد طاف فيه الهمّ و الشجن و أنت من كنت في سوح الوغى...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا