في خطى الرسالة المحمدية 2
كتبت من محاضرات صوتية لسماحة الشيخ محمد كاظم الخاقاني قبل سنوات في سورية
المحاضرات كما تعلمون في خطى الرسالة لكن تزامناً مع المعراج العظيم ومع مولد الإمام الحجة (عج) ستكون هذه الليالي متعلقة بهذين الأمرين، فمسئلة المعراج تشير إلى كثير من الأمور يجب على الإنسان أن يلحظها بدقة وإمعان.
تقدم أن هناك نزاعا بين الفلاسفة وغيرهم من أن المعراج هل كان روحانيا مجردا لأن الجسم لا يتمكن أن يرقى إلى عالم العقل والمجردات وفي مقابل مقالة قوم آخرين أن المعراج إنما كان رؤيا رآها رسول الله (ص) في مقابل مقالة علماء الشيعة من أن المعراج كان روحانيا جسمانيا ونحن نتبع لرسالة السماء التي لا تتكلم إلا بالحق المبين، قلنا لابد من ملاحظة الأمور حتى لا تتدخل الأهواء والأذواق في المقام فيقول قائل بمقالة قوم قالوا: إن المعراج كان في المنام أو كان عروجا روحانيا لأن الإنسان ما بلغ مبلغا يتمكن أن يحكم على الحقائق وهو يعيش في نقطة من هذا العالم على وجه هذه الأرض ليس قادرا أن يحكم حكما باتا على الإنسان بكل أبعاده جسما وروحا بأنه ليس قادرا أن يعرج إلى السماوات العلا، تقدم في مسألة المعراج أن الله تعالى كشف لنبيه سبعين ألف حجاب من النور، فهاهنا تسائل يجب أن نلتفت إليه وهو كيف يكون من المعقول أن يكون النور حجابا، النور كشف وانكشاف، النور إضاءة، فكيف يمكن أن نتصور أن يكون النور حجابا، الظلمة تكون حجابا وغشاوة وحاجزا ومانعا من مشاهدة الحقائق فإذا تحققت الظلمة هاهنا يصبح الإنسان غير قادر أن يشاهد أقرب الأشياء إليه أما كون النور يكون حجابا فلعل هناك تساءلا يجب أن يلتفت إليه الإنسان أنه كيف يعبر عن النور حجاب وأن الرسول (ص) كشف الله تعالى له سبعين ألف حجاب من النور .
إخواني: النور بحسب الأذواق ربما يكون حجابا، فمن كان محبا للنور الأخضر ويدخل في مكان قد يصبح النور الأخضر سببا لكي يحجبه عن مشاهدة النور الأصفر والأحمر والأبيض وربما يكون النور لإختلاف مراتبه سببا للحجاب، النور القوي لبزوغ الشمس مثلا يكون سببا وحجابا أن تغفل عن نور الشمعة التي كنت محتاجا إليها قبل ساعات فتغفل بعد طلوع الشمس عن نور الشمعة فيكون نور الشمس حجابا ومانعا من التفاتك إلى نور الشمعة وهما نوران، فقوة النور قد تكون حجابا والرغبة إلى نور معين قد تكون حجابا أيضا.
نضرب أمثلة لتوضيح ذلك: فرب إنسان مؤمن ملتزم بكل أبعاد الشريعة يكون له ما في هذه الدنيا حجابا عن مراحل عليا في العوالم المختلفة فالإنسان الذي يتوصل إلى الله تعالى بكثير من الآيات في عالمنا هذا قد ينتقل بواسطة الكثير من مخلوقات الله تعالى في هذه الدنيا فتكون هذه المخلوقات مع كونها من آيات الله سبحانه وتعالى التي تدفع الإنسان المؤمن إلى التوجه إلى الله سبحانه قد تدفعه أن يتوقف عن نور عالم الدنيا عند آيات عالم الدنيا فيغفل عن كثير من أسماء الله وصفاته وعن ذاته المقدسة فتحجبه أنوار دار الدنيا بكل آياتها وأبعادها النورانية، لأن كل وجود هو نور من أنوار الله تعالى لكن الإنسان لعقلية محدودة لمعرفة خاصة ربما يكون عالم الدنيا مع كل أنواره وآياته وأدلته حجابا يحجب الإنسان عن عالم آخر فلا مانع من أن يكون النور حجابا.
والمراد بالحجاب الذي تشير إليه الروايات بالنسبة إلى المعراج إلى رسول الله (ص) ليس من هذه الأنوار، ليس نورا لعلاقة خاصة منع التوجه إلى نور آخر كما يحصل بالنسبة إلينا.
هل كانت الحجب التي تشير إليها الروايات أنها حجبت أو كانت حجابا لرسول الله (ص) فكشفها الله له من سبعين ألف حجاب، هل كانت من هذا القبيل من الحجب والأنوار، والنور كشف وانكشاف وإضاءة ومشاهدة تمكنا أن نتصور النور حجابا كما تصورنا الظلمة حجاب، الظلمة حجاب مطلق لكن النور حجاب بأزاء أمر آخر، هل كان الحجاب المتكلم عنه في الروايات من هذا القبيل، قلنا كلا ثم كلا.
رسول الله (ص) معجزة عالم الإمكان، ميزان عدلها، مظهر الأسماء والصفات الإلهية من المستحيل أن يكون هناك شيء سببا لغفلة رسول الله (ص) ولو كان من عالم النور، رسول الله (ص) ليس كأنا وأنت حتى تكون بعض مراتب عالم الإمكان بأنوارها سببا لغفلته أو حجابه أو توجهه إلى جانب دون جانب وهو ميزان عدل الله في عالم الإمكان، رسول الله (ص) هو ذلك الإنسان العظيم الذي عرج وتجاوز سدرة المنتهى وعاد إلى الدنيا مرة ثانية بعد ما شاهدت السماوات السبع وبعد ما شاهد في عالم النور اللدني الإلهي الذي شاهد فيه سبعين ألف حجاب من النور، عاد وهو بنفسه ذلك الإنسان الذي كان أباً وزوجا و جنديا وقائدا، لم تفقده هذه المراتب إتزانه بأي مرحلة من مراحل عالم الإمكان لأنه ميزان عدلها، فإذن عن أي حجاب تتكلم هذه الروايات.
أولا: كلمة سبع وكلمة سبعين وما شاكلها من الكلمات الواردة في الكتاب المجيد أو في الروايات المختلفة لا يراد بها العدد المعين وإنما يراد بكلمة سبع وسبعين بحسب اللغة العربية الشيء اللامتناهي كفيض الله اللامتناهي أو المراد منها ما يكون قائلا للإزدياد اللامتناهي كالعدد، كلمة السبع والسبعين الواردة المراد منها الإشارة إلى اللامتناهي أو إلى القابل للإزدياد اللامتناهي.
فإذن بعد هذه المقدمات نأتي لنقول إن الله تعالى بوجوده اللامتناهي هو كل يوم في شأن جديد والعالم متغير تبعا لفيض الله سبحانه وتعالى ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، الله عزوجل سيبدل السماوات والأرضين خلقا خلقا لمقطع من مقاطع الأيام الربوبية الإلهية وسيغير العالم وينقل البشرية أو العالم بأكمله إلى سماوات وأرضين أخرى غير هذه السماوات والأرضين وستبدل الجنان والنيران تبعا للانهاية فيض الله سبحانه وتعالى وهو الغاية التي تتبعها جميع الكائنات وإذا كانت الغاية هي الله لجميع الممكنات في عالم الإمكان فلابد وأن يكون السير إلى الله تعالى سيرا لامتناهيا بحسب الأيام الربوبية.
إذا كان الله تعالى كل يوم بشأن جديد وعطاء جديد وتغير لكل عالم الإمكان أن العالم بكل أبعاده ينتقل من مرحلة إلى مرحلة ويعرج إلى الله تعالى على اختلاف العروج وعلى اختلاف الممكنات فلابد وأن يكون الفيض من الله غير متناه.
السبع المشار إليها هي حجاب في واقعها ولا تخرج عن كونها حجابا لكن كيف يكون نور الله في مرتبة المعراج بنوره اللدني بعد سدرة المنتهى وفوقها في عالم الإمكان حجابا.
فالله تعالى تجلى لعظيم الخلق والإنسان الكامل وهو الرسول الأعظم (ص) ليلة المعراج بسبعين ألف حجاب من النور، هذه حجب تمنع مراتب أعلى منها وهي فيض الله المستمر إلى أبد الآبدين الذي يسايره رسول الله (ص)، سايره في عالم الدنيا ثم يسايره في عالم البرزخ ثم يسايره في العوالم المختلفة فالنور يكون حجابا لأن الإنسان يبقى محجوبا عن لانهاية الحق ولو كان سيد الكائنات والحق تعالى يفيض الإفاضات على قدر هياكل الممكنات.
وهناك اخواني في قضية المعراج موضوع لابد من الإلتفات إليه حتى لا نكون تابعين لكل كلمة تطلق في كل مكان، تقدم فيما مضى على أن رسول الله (ص) يستعين بخديجة وورقة بن نوفل ليميز بين نداء الحق ونداء الشيطان مثل هذا النبي ليس نبيا لنا، هذا نبي القوم الذين قالوا في حقه إنه حامل بريد فليتمكن يوم القيامة مثلي ومثلك أن يخلص رقبته من العذاب والنار.
الرسول الكريم لما نزل من المعراج إلى السماء التي كان فيها موسى (ع) سأله موسى (ع) ماذا أمرك ربك فأخذ لينتقل موسى (ع) ما أمره الله تعالى به حتى وصل إلى مسألة الصلاة فقال له أمرني ربي أن أخبر الناس على أنه يجب عليهم كذا صلاة في كل يوم تقول الروايات كانت سبعين أو أقل أو اكثر من ذلك فقال له موسى (ع) يا رسول الله إن قومي قلت لهم بأقل من ذلك من أوامر الله تعالى ولم يطيعوا ولم يلتفتوا فارجع إلى ربك وأخبره أن الناس لا قدرة لهم على مثل هذه العبادات فرجع إلى ربه فالله تعالى خفف عليه وعلى أمته فأنزل من السبعين إلى الستين ثم جاء إلى موسى فنصحه مرة ثانية وعاد إلى ربه وهكذا أخذ نازلا صاعدا في السماوات أن يخفف على أمته حتى وصلت الصلوات إلى خمس فرائض في اليوم، مثل هذه الكلمات ومثل هذه العقليات ومثل هذه المنازعات بين الله تعالى وبين رسوله ومثل هذه الإرشادات من موسى (ع) على جلالة قدره لسيد الكائنات محمد (ص) هذه من الثغرات فتحت علينا من طريق بعض من فتح هذه الثغرات وأدخل اليهود ليتكلموا لنا بكثير من الأحاديث، مثل هذه النبوات لا أظنها تتناسب مع عقلية شيعي تتلمذ على أيدي أهل البيت عليهم السلام.
وهناك الكثير في مسألة المعراج ولكن لابد من الإشارة إلى مسألة نتكلم عنه بقدر ما في هذه الليلة وهي مسألة الحجة (عج)، هناك أمر لابد من الإلتفات إليه وهو ربما تصوره الكثير من الناس، أنه إذا ظهر سيكون الدم إلى الركب وأن الشعار له ولأصحابه يالثارات الحسين (ع) فراح البعض منا يتصور أن هذا الشعار يدعوا إلى روح الإنتقام والتصفيات العامة فظن البعض ولو كان من أتباع آل محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه عند الظهور ستحصل مجازر وستصفى الكثير من الناس والحال أنه (عج) لا يأتي إلا بسنة رسول الله (ص) سنة الرحمة للعالمين وقد ورد (السلام عليك أيتها الرحمة الواسعة) الرحمة الواسعة ومن جاء لإحياء سنة رسول الله (ص) ومن جاء ليطبق شرع السلام لايمكن أن يتصور في حقه متصور على أنه يصفي الناس بمثل هذه التصفيات حاشا لله، فهو ما يأتي إلا بسنة رسول الله (ص) بعد اندراسها واضمحلالها وبعد تشويهها وتغييرها وتفسيرها بتبع الأهواء والأغراض حتى تصبح شريعة رسول الله (ص) شبه المندرسة إلا في اطارها العام فيأتي لإحياء تلك السنة النبوية سنة الرحمة والسلام والإحسان وليس من المعقول أن يتصور الإنسان أنه يأتي لجوامع روح الإنتقام كما يتصور البعض الإنتقام لا يتناسب مع سنة رسول الله (ص) وهو القائل ما أوذي نبي مثل ما أوذيت وإذ به يدخل مكة المكرمة بعد كل ما ارتكبته قريش من الجرائم فيقول لهم إذهبوا فأنتم الطلقاء، هذه هي سنة رسول الله (ص) فمن الدروس التي يجب أن نلتفت إليها حتى لا نقع في الأخطاء أن كل حديث ولو صح فضلا عن كونه ضعيفا أو قابلا للتفسير لابد وأن يعرض على كتاب الله فما ناسب كتاب الله أخذنا به وما خالف كتاب الله وجب علينا أن نضرب به عرض الجدار، فلو فرضنا أن أحاديث وردت تقول بأن قيام الحجة (عج) سيكون قياما دمويا لتصفية الحسابات بتفسير يالثارات الحسين بمثل هذا التفسير لوجب أن نؤول الحديث أو أن نضرب به عرض الجدار فكيف يمكن أن يتصور متصور على أنه يأتي بمثل هذه الأمور لكن هناك أمر لابد من الإلتفات إليه بأزاء كل دعوة إلى الحق هناك هناك سدود لا يمكن أن تنتشر الدعوة على وجه الأرض وتضرب أركانها وأوتادها مع وجود تلك السدود وهذا من سنن الله سبحانه وتعالى، ماتمكن عيسى (ع) ولا موسى (ع) ولا بقية الأنبياء والمرسلين أن ينشروا دعوة الحق إلا بهلاك نمرود وفرعون، وكذلك الرسول الكريم لم يتمكن إلا عندما دعى على مشيخة قريش فأهلكم الله تعالى فنحن لا ننكر سنة إلهية ثابتة ولا شك ولا ريب فيها إذا وجد الله تعالى سواعد المؤمنين سيوفهم قلة عن المجرمين المصرّين على العناد على وجه الأرض ينصر الله دينه ولو بدعوة من رسول الله (ص) حينما ترعض لتهديد من قبل كسرى فدعى عليه رسول الله فقتل بواسطة ولده، نحن لا ننكر أن الله تعالى من جملة سننه أنه لابد وأن يرفع السدود أمام الدعوة ولا يمكن أن يجعل الدعوة تقف بأزاء سدود لا يمكن أن تعالج بحالة، هناك إنسان يعالج بالمال ولو كان حاقدا وهناك من جاءوا بالدليل والبرهان وهناك من المضطرين من جاءوا إلى رسول الله (ص) ليخلّصهم من العبودية والإضطهاد فقبلوا شريعة رسول الله (ص).
كل إنسان على وجه الأرض له منهج وطريق يمكن بواسطته أن يأتي إلى شرع الله تعالى لكن هناك من الناس من هو جرثومة فساد على وجه الأرض لا يمكن أن يصانع بسيف ولا مال ولابدليل ولا برهان ولا يمكن أن يصانع بأية طريقة لأنه يحمل الحقد والخباثة والكبر الشيطاني، فهؤلاء لابد وأن يصفّوا حتى تتمكن الشرائع أن تضرب أركانها على وجه الأرض، مثل أبي جهل وهو ساقط على الأرض يسهل الركبان والناس لمن الدائرة لنا أم لمحمد (ص)، الإنسان يكون بهذه الحالة وهو يصر على العناد وعلى مقاومة السلام كأبي جهل هذا تجاوز فرعون حين الغرق فقال آمنت برب موسى هذا الإنسان المتكبر الذي يصيح لمن الدائرة ثم يقول لإبن مسعود أطلب منك طلبا وهو أن يقتلني ويحز رأسي أحد الكبار المحترمين كمحمد أو علي أو … هذا الإنسان المتعالى حتى عند الموت، حتى لا أظن أنه يصلح بكلام حق أو يصلح ولو بسجن حتى يعود إلى الحق بعد فترة من الزمن وهؤلاء لابد وأن يصفيهم الله تعالى وهم قلائل شواذ من البشر لا يصلحون إلا بالموت ومن أبرز هؤلاء أعداء آل محمد (ص) ولا أريد بأعداء آل محمد (ص) المذاهب الإسلامية، المذاهب الإسلامية لأعداء لها مع آل محمد بما هو هو وإن أخطأوا في كثير من مفاهيمهم لمسألة آل محمد وللقربى وللمحبة ولما شاكل هذه الأمور، هؤلاء ضالون عن الطريق، نحن نتكلم عن أعداء آل محمد (ص) هؤلاء حاقدون ومظاهرهم في العراق واضحة، بحزام ناسف ينتحر ظانا ذلك قربة إلى الله تعالى وليس بغريب أمثال هؤلاء الجهال المجرمون، إذا كان هناك من الناس من يتقرب إلى الله تعالى بقتل علي (ع) كإبن ملجم فلا نستغرب اليوم أن يتقرب جاهل مجرم يرتكب الجريمة بنظره يتقرب إلى الله تعالى بقتل شيعي، مثل هذه العقول الحاقدة والمتحجرة التي ما عرفت من الشريعة والدين إلا حقدا ظنته دينا وشريعة،لابد وأن تصفى حتى يتمكن الحجة (عج) من بسط الشريعة وبيانها وتوضيحها على وجه الأرض وأن هؤلاء سدود لابد من رفعهم بواسطة الحجة عجل الله تعالى فرجه.
ونشير إلى مطلب إخواني في المقام: لكل عمل غاية، الإنسان يدخل إلى المدرسة وغايته العلم أو غايته أن يحصل على شهادة حتى يعمل من خلالها والإنسان يتحرك من هنا ويذهب إلى بيت الله الحرام لغاية معينة قربة إلى الله تعالى أو لأي غاية أخرى وهكذا كل إنسان في كل عمل لابد وأن تكون له غاية والله تعالى ما خلق السماوات والأرض إلا لغاية ولا يكون عبثا ومال بالبعث إلا بعض البعيدين عن المعارف، فنتساءل هاهنا أمة تدّعي ما تدّعي من المعارف والتأسي برسول الله (ص) والقرب منه وأنها جاءت لتحي سنة رسول الله (ص) من بعده، نتساءل هاهنا حينما وقف علي (ع) وقال سلوني قبل أن تفقدوني، هل سألت هذه الأمة عن بطون القرآن اللامتناهي، عن معارفها وأحكامها أو عن السماوات والأرض هل سألت هذه الأمة عن أبعاد الحجب النورية أم قام جاهلها ليقول كم شعرة في لحيتي، هذا نمط من أفراد هذه الأمة لو كان من شذاذها لما تمكن أن يقابل عليا ويقف في المسجد مخاطبا لعلي (ع) وهو أمير المؤمنين فإذن لمثل هذا أشباه، هذا ظهر والكثير مثله ما ظهر، ومن قبل ذلك وقف رسول الله (ص) في آخر أيام حياته يخاطب الناس أيها الناس سلوني عما بدا لكم قبل الساعة فيقوم إليه رجل يقول له يا رسول الله أسألك هل أنا ابن أبي في الجاهلية أو أن أمي ارتكبت أمرا، ويقف رجل ثاني لا أريد أن أذكر اسمه فيقول له يارسول الله لا تفضحنا بما ارتكبنا أيام الجاهلية، ظن أن رسول الله (ص) يريد أن يودع الدنيا بفضيحة الناس والمجتمع ويبين ما كانوا يرتكبونه أيام الجاهلية وهم يعدون العدة لرقي الخلائق، هكذا كان رسول الله (ص) يعيش مع المسلمين فنتساءل عندها إن كانت النخبة في عهد رسول الله (ص) تسئل عن الأمهات في زمن الجاهلية ويسئل آخر أن لا يفضحه رسول الله (ص) بما ارتكب في الجاهلية وهو من كبار القوم ويقول ثالث كم شعرة في لحيتي يا علي، أتظنون أن بهذا المستوى كانت الأرضية مؤهلة لشرح بطون الرسالة وأبعاد رسالة محمد (ص) التي هي تبيان لكل شيء وياليتها كانت فلتة بعد فلتة حتى أصبحت الشريعة شريعة الفلتات على عقلية قوم فهل من المعقول أن يترك الله تعالى دينه بما ذكر في كتابه وجعله تبيانا لكل شيء أن يترك كتابه غير مفهوم بأبعاده يفسره المفسرون طبقا لأهواءهم إلى قيام يوم الدين ولم يقم عليهم الحجة البالغة على أنكم كنتم عن الحق تصدون وكنتم غافلين ولذا ما فهمتم شرع الله ولذا قال الإمام الصادق (ع) :عرفنا ما كان وما يكون من كتاب الله تعالى، ببصيرة يعرف من القرآن المجيد ما كان وما يكون وما ببصيرة قوم آخرين، ياليتهم تركوا الأبعاد والبطون وفهموا الظواهر لكتاب الله فالكتاب الذي تركته هذه الأمة ولم تفهم حتى أبعاده أو ظواهره فضلا عن بطونه لا يمكن أن يتركه الله تعالى إلى الأبد غير مبين،فسنبين إن شاء الله عند الظهور للحجة لابد وأن تشرح بطون الرسالة سبعة وسبعين بعدها ولابد أن يحقق (عج) كما ورد من كلام في الكتاب المجيد من إحياء الموتى وخلق السماوات والأرض في ستة أيام وتكلم القرآن الكريم عن كون السماوات والأرض سبعة، هذه الأمور لا يمكن أن يتركها الله تعالى إلى يوم القيامة بل لابد وأن يثبت أن القرآن المجيد جاء بأمور وإدّعاها وتكلم عنها كانت حقا وسيبينها الحجة (عج) سنتكلم إن شاء الله عن غاية الظهور وأن الظهور هو غاية بعثة الأنبياء ولا يمكن بدون عدل وبدون رجل عظيم يطبق كل شرع الله من زمن آدم (ع) إلى الخاتم أن يترك الله البشرية حتى تتخطى بدون أن يحدث التخطيط السليم حتى تقام الحجة على الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين أنهم كانوا عن شرع الله غافلين.والحمد لله رب العالمين.
0 تعليق