قصيدة هل لا تزال تعيش النخلة الرطبا
بقلم و صوت الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
هل لا تزال تعيش النخلة الرطبا أم أصبح الجذع منها للردى حطبا
و هل تعيش ديار الوصل مزهرة أم أصبحت بعد خلان الوفى عطبا
و كيف أمسى الذي قد كان منتظراً عدلاً يصيّر أسوار الحمى طربا
هل بات يشرب من كأس الهوى قدحاً و يقطف الورد و الريحان و العنبا
و هل تبيت كما كانت شواطئنا تغازل السحب أم صار الندى لهبا
و كيف حال أناس خلتهم علماً يعانق البدر و العلياء و الشهبا
هل حققت لهم أحلام عزهم ُ أهل المواعظ أم كان التُقى كذباً
و هل هم اليوم في أوطانهم نغم أم صيّر الجور أحلام الهوى كُرَبا
قل لي أيا طيف ماذا حل في وطن من بعدما صرت للأهوال مغتربا
فخاطبتني من الأوطان أفئدة وجدتها للأسى الأحزان و الغضبا
و قال لي من بطون الكوخ قائله إنا قضينا الليالي للدُجى عجبا
لم يبق في الكوخ إلا بعض أمتعة تكاد تُصبح من فتك الشقى عطبا
و كل ما عندنا من خير مائدة أمست لقرصنة الغربان مُنتهبا
حتى كأن الألى في الكوخ قد دُفنوا بغياً بلا حدث قد أوجب السببا
حتى إذا ما أفاقوا من سباتهم عاشوا الحقيقة في جوف الدجى تعبا
فاستيقنوا أنهم كانوا على خطأ و أن من فسر الأديان قد كذبا
ففسرت للهوى الآيات قاطبة ليصبح الدين من بعد العُلى خُطبا
يُقال من فوق أعواد الردى شططاً ليخدم الجهل و الحكام و النسبا
صبراً على حمم البلوى أيا وطناً تركته لسياط الحقد منتحبا
في ظل قوم وجدت الجور سيرتهم و النهب و الغدر و التهجير و الكذبا
قد صيروا الدين للأهواء ملعبة ليهلكوا الشعب و الأشجار و القصبا
نشكوا إلى الله ما قد حل في وطن أضحى سليبا يعاني الفقر و اللهبا
حتى كأن سلام الحق من كدر قد بات للشر و الأهوال منتسبا
و راح يلبس أثواب التُقى صلفاً من كان بالأمس للأشرار مقتربا
يمثل الزهد أسفاراً مقدسة و الحسن و الحلم و الإيمان و الأدبا
بمثل ذا قد أضيعت للهدى صحف و أصبح العدل من بعد الندى سغبا
حيث النفاق بما للبغي من سقم قد كان للمكر في شرع الضلال أبا
حتى إذا ما تولى الأمر في وطن أضحى يمزق منه الصدر و العصبا
و ينتف الريش من أعضائه شرها و كلما فيه حتى الظفر و الهدبا
و يجعل الناس في أكواخهم ضرماً يعانق البؤس و الأهوال و النصبا
و من أبى الذل عاش العمر مضطهدا يسير للجور في جوف الدجى هربا
و قد تراه لسوء الحظ متهما بكل موبقة من بعدما صُلبا
فهكذا هم رعاة الحق في وطن أصيب بالذُعر مما صار مرتكبا
بسم السلام أبيدت كل قائمة من واقع السلم حتى أصبحت كُربا
فأصبح الدين في كف الشقى خبرا يقال من أجل أن يمسي الهُدى لعبا
و صار للمكر عدل الله مجزرة بها يباد الذي للحق قد طلبا
0 تعليق