آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » الأسئلة و إجاباتها » المعارف الإسلامية » ما المراد من الصلاة على محمد(ص) وآل محمد؟

ما المراد من الصلاة على محمد(ص) وآل محمد؟

الجواب:

قد جاء في المأثور كما عن الإمام الصادق عليه السلام أن الصلاة من الله رحمة ومن الملائكة تنزيه ومن الناس دعاء .

فإذا كانت الصلاة من الله رحمة والرحمة هي العطاء والفيض الإلهي وكانت الرحمة على نحوين رحمة واسعة مطلقة وهي الرحمانية التي عمت الخلائق طرا كلّا بحسبه وما يناسبه من فيض وعطاء حيث أن الله تعالى قد أفاض على الحبة بما يناسبها لتصبح شجرة مثمرة وهكذا الأمر فيضا من الذرة حتى المجرة فإنه على هذا الصعيد يُعلم ما هو فيضه على سيد الكائنات محمد (ص) الذي هو ظهور رحمته المطلقة وتجلي أسمائه وصفاته وكلمته التامة وظهور خُلُقه ومن أوتي جوامع الكلم و واسطة فيضه وإن الله تعالى هو الجواد ذو الفيض العظيم الذي صفاته عين ذاته من حيث اللانهاية وإن كان يتحدد الفيض بحسب المفاض عليه وإذا كان عطائه للذرة بما يناسبها وجودا و كذا بما يناسب عالم المادة من حيث أن الأمر فيه يتوقف على تحقق الأسباب والشرائط وإرتفاع الموانع وكان عطائه كذلك بما يناسب عالم التجرد في العالم الأعلى حيث الملائكة الكرام فإنه بتبع هذا البيان يتضح أمر صلاة الله تعالى على نبيه الكريم حيث يكون الفيض من لانهاية الحق تعالى على من لا يتصور في حقه قيد ولا شرط سوى محض إمكانه الذاتي فوق ما هو من شأن الملائكة حيث أنه كان بقدر و لو كانت من عالم التجرد إن لم نقل إن عالم النور الذي منه محمد وآله هو فوق عالم التجرد الملائكي ليكون بذلك هو الصادر الأول الذي هو مصداق الرحمة المطلقة الذاتية الإلهية, فمحمد (ص) هو الفيض الأول والرحمة الملطقة الفعلية و إلا فهو التعين الأول لهذه الرحمة المطلقة.

وأما الرحمة الثانية بالنسبة الى محمد (ص) فهي الرحمة الخاصة الرحيمية التي هي من خصائص اوليائه وهي رحمته تعالى به من حيث الولاية تكوينا وتشريعا وما هو من شأن القرب لطفا في دار الدنيا و كذلك ما هو من شأن رحمته بأوليائه في دار الآخرة التي لا يدركها عقل ولا يتوهمها خيال لما في النورانية والحب والقرب والرضوان من خصائص ولذائذ وعلى رأس هذه الرحمة هو محمد (ص) بما له من مقام الحبيب الذي هو فوق مقام الخليل حيث تبقى معه واقع الإثنينية بخلاف مقام الحب الذي هو اندكاك للهوية الشخصية للحاب في المحبوب كما تشير إلى ذلك الآية الشريفة (دنى فتدلى فكان قاب قوسين او أدنى) حيث إنتهت مراتب العابد و المعبود لتكون الخصائص للعبد و الهوية الشخصية بأزاء المعبود فانية حيث ذهول العاشقين عن خصائص الهوية بأزاء معشوقهم وليس ذلك كما يتوهم الجاهلون من الإتحاد او الوحدة او الحلول تعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيرا.

فرحمة الله تعالى بمحمد (ص) هي كونه القمة بمشيئة الله تعالى لواقع الرحمتين رحيمية و رحمانية ومن ثم آله الكرام عليهم السلام في جميع مراتب عالم الإمكان من حيث الفيض الأول حين كون الخلائق بكتم العدم محجوبة ومن حيث كونه (ص) على رأس جميع العوالم في عوالم سلوكها إلى ربها من عالم النور الى التجرد و البرزخ والمادة بما لها من سلوك نحو الغاية اللامتناهية مسايرة مع الأيام الربوبية بما لا وقفة فيه.

و أما صلاة الملائكة الكرام عليه (ص) التي هي التزكية فإنه لابد من التأمل في المراد منها هل هي مأخوذة من زكا زكاة بمعنى نما وازداد طيبا وصلُح فصار زاكيا ليكون المعنى أن الملائكة الكرام مأمورون من قبل ربهم أن يحققوا لمحمد (ص) جميع الأسباب التي بها القرب وتحقيق النعيم كما كان من مظاهر ذلك إنزال الوحي عليه بواسطة جبرائيل (ع) او ما كان منه من شأن العروج بما له من مقام رفيع حيث المسايرة مع الرسول من قبل جبرائيل عليه السلام إلى مقام سدرة المنتهى فيصبح المعنى أن الملائكة تسعى جاهدة لتحقيق جميع أسباب القرب والنعيم لمحمد ومن ثم لآله الكرام.

و إن كان المراد من التزكية التنزيه والتقديس من كل نقص في عالم الإمكان لأنه (ص) مظهر أسماء الله تعالى علما وعدلا وحكمة و…. فيكون المعنى أن الملائكة قد كشف الله لهم مكانة سيد الكائنات فهم كما يقدسون ربهم كذلك يقدسون وينزهون مظهر أسمائه وكلمته التامة لما يشاهدون فيها من أنوار ربوبية تكون سببا لمسعاهم الى ربهم بشهود أسمائه وصفاته فيه لأن محمدا أولى بذلك من آدم (ع).

كما سينكشف هذا المقام الرفيع تقديسا وتنزيها لجميع الكائنات يوم الحشر وما ورائه بالنسبة الى محمد وآله الكرام .

ثم يشير الحديث الشريف إلى أن الصلاة من الناس دعاء أي طلب من الله تعالى المزيد لمقام محمد و آله فإن قلنا إن ذلك من باب حسن الأدب ارشادا من الله تعالى لعباده أن يصلوا على محمد وآله تنبيها لهم لعظيم مقامهم حيث أن الكون كله بخالقه وملائكته يصلون عليه وأنتم أيها البشر إن كنتم عاجزين عن تحقيق واقع الصلاة بما هي من شأن الله فيضا وما هي من شأن الملائكة زكاة لكنكم قادرون على طلب الصلاة له والطلب من باب التعليم لحسن الأدب والشعور بالمكانة فإن ذلك مما لا مانع فيه.

فيصبح الحديث بمعنى أنه يجب عليكم أن تتأدبوا بهذا الأدب الربوبي بالنسبة الى محمد و آله لكن قد ننظر الى الأمر بمنظار آخر فنقول لعل المراد أيها الناس إشعروا القلب بحب محمد وآله الذين لهم في حقكم بعد الله تعالى حق شكر المنعم والمرشد والهادي ليعيش الإنسان روح الإحسان بأزاء الإحسان فمن عجز عن مقابلة الإحسان بالإحسان كان عليه أن يعيش روح الحب لمن أحسن إليه وروح إيصال الرحمة فمن لم يشكر المخلوق لا يشكر الخالق حتى لا يصبح الفرد من مصاديق إتقي شر من أحسنت إليه كما حدث ذلك من البعض بالنسبة الى ساحة قدس الرسول (ص) حينما قال إن الرجل ليهجر وما حصل بالنسبة لإبنته فاطمة عليها السلام بعد وفاته من أمة تزعم أنها من أمة الإسلام.

كما وأنه قد ننظر الى الحديث من ناحية أخرى فنقول إن هاهنا قد تحصل شبهة و هي أن طلب العالي للداني أمر معقول كأن يدعو محمد وآله لنا بالقرب والصلة لكن طلب الداني للعالي أمر غير معقول فكيف ندعوا نحن كبشر لمحمد وآله بالقرب وهم أولى بالدعاء لنا وما قيمة دعائنا بالنسبة إليهم إن أغمضنا الطرف عما تقدم بيانه من الأدب أو إشعار القلب بحب الخير للمحسن .

ولكن يمكن الجواب عن ذلك أولا : ليصبح الأمر يحمل أمرا وراء أصل الدعاء بأن الداعي للصلاة بمحمد وآله قد يصبح من جملة الأسباب لبلوغ العالي منازل علوه لأن العالم عالم أسباب فقد يكون في ميزان الله تعالى للدعاء أثر تكويني للمدعو له بإذن الله تعالى كما وأنه يمكن أن يقال إن العبد المؤمن بدعائه في دار الدنيا يجعل نفسه أهلا في دار القرار والخلود ليكون من موجبات القرب لمحمد وآله بحيث يصبح من أدواة خدمتهم وأسباب وصول نعيم الله إليهم حيث أن دار الحق فيها جميع الملائكة و المخلصون من عباد الله يسعون لتحقيق منازل القرب وتحقيق النعيم لمحمد وآله ليزدادوا هم بذلك شرفا وقربا لأنه لا سبيل لأحد في الكون إلى قرب ربه إلا من طريقهم وبقربهم يحصل القرب له ولعل الآية الشريفة (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) تشير إلى هذه الإستمرارية في الصلاة التي لا محل لها بتمام معنى الكلمة إلا في دار الآخرة من الله تعالى وملائكته ومن الأبرار والصالحين من عباده ليصبح الكون كله سعيا لتحقيق موجبات القرب.

فإذن قد شرف الله تعالى نبيه (ص) وآله الكرام بالصلاة عليهم لعظيم مقامهم وقد يقال إن صلاة الله على نبيه في الملأ الأعلى ذكره بأوصافه الرفيعة وعظيم خلقه , كما جاء نظيره في الكتاب المجيد (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) الأحزاب 43, أي يرحمكم ويثني عليكم وصلاة الله على نبيه مزيد رحمة وقرب وثناء لا نهاية له حيث أن الكلام بصيغة المضارع يكون دالا على الإستمرار ولا كمال مطلق إلا لله تعالى و لذا جاء (ربي زدني علما) حيث أن الكل طالب للكمال كل بحسبه من الذرة حتى سيد الكائنات والتسليم الوارد في الآية الشريفة الظاهر منه الأمر بالتسليم لأوامر النبي (ص) التي هي أوامر الله تعالى حيث أنه لا مبلغ للوصول إليها إلا عن طريقه (ص) وقال البعض المراد من (وسلموا تسليما) السلام على النبي بما يناسب مقامه الكريم.

وبالجملة (اللهم صلى على محمد وآله) أي اللهم زدهم شرفا على شرفهم وقربا على قربهم لأن طلب المزيد لا ينافي أصل وجود الشيء وهو وجود الصلة والقرب الحاصل بالفعل لهم .

والصلاة لغة هي الصلة بمعنى وصل شيء بشيء بواسطة وسبب وعليه فيكون الدعاء لهم طلب تحقيق الأسباب لقربهم إلى ربهم أكثر فأكثر او الدعاء طلب الرحمة والإستغفار والزكاة والصلاة بمعنى العطف والعناية الخاصة بما تحمل من الحب وحسن الثناء من الله تعالى على عبده وجمع الصلاة صلوات وصليت لفلان أي دعوت له.

وأما قول القائل بأن الصلاة على النبي وآله لا تعود عليهم بشيء لأنه تعالى أعطاهم كلما هو من شأن الكمال اللائق بهم فإن أراد أنه لا مقدرة لنا على إيصال القرب لهم إلا أن يشاء الله تعالى بجعلنا من وسائل القرب وأسباب إيصال النعيم إليهم فهو كلام متين و أما إن أراد أن الرسول قد حصل على كل الكمالات ولا مزيد بعد ذلك فهو كلام غير صحيح لأن الكمال المطلق شأن الله و الكل طالب من ربه المزيد على اختلاف مراتب الممكنات حيث أن الجميع يسير نحو الغاية اللامتناهية وهي الله تعالى بفيض وعطاء منه غير متناهٍ و أكثر الناس لمسا للفقر والحاجة الى المزيد هم عظماء الخلق.

نعم قد نقول إننا بطلبنا الكمال والقرب لهم نريد بتربية إلهية أن نقول يا إلهي إن بكمالهم نحن نتكامل ولو بالعوالم الأخرى لأنهم وسائط كمالنا إليك فنطلب لهم الكمال ليعود بالمآلي ذلك الكمال إلينا وإن كان أصل طلب القرب والكمال لهم يكون نابعا عن حسن الأدب والشعور بالإحسان لمن أحسن.

و كون الكلمة الواحدة وهي الصلاة تُفسّر من الله بالرحمة ومن الملائكة بالزكاة و طلب الرحمة ومن المؤمنين بالدعاء فإنه لا مانع من ذلك بلحاظ حال المتعَلَق حيث تكون الصلة من كل بما يناسبه من تحقيق هذا الواقع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

محاضرات في الفطرة

محاضرات في الفطرة لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني  المحاضرة الأولى: هل الحمض النووي او ما يسمى بالـ DNA هو الفطرة؟

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا