بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي سماحتكم بالتصفيق في مواليد اهل البيت عليهم السلام في الحسينيات
الجواب:
الإسلام شرع الحياة لا الممنوعات ورب حيطة أورثت بليّة .
فإنه ليس بخفي على أهل الفن في العلوم الشرعية أن النهي و إن كان ظاهره التحريم إلا أنه في واقع الأمر هو أعم من ذلك حيث يدخل تحت إطاره المحرم و المكروه و المرجوح بما هو مرجوح و ما هو منهي عنه بنحو الإرشاد أو المولوية او لمجرد التحلي بالخلق الكريم كما و أنه قد يكون النهي ليس بنحو العموم لجميع الأفراد بل قد يختلف بإختلاف الناس فرب عمل كان من شخص مما يخالف المروءة كالأكل في الشارع لو صدر من ذي المكانة العلمية والدينية او القاضي الشرعي للبلاد فإنه قد يدخل تحت عنوان مخالفة المروءة ويستوجب سقوط العدالة منه لأن هذا العمل يحط من كرامته وهيبته اللازمة لعمله ومكانته الإجتماعية حيث يراد منه ان يكون ذا تأثير في حكمه و أمره بالعروف ونهيه عن المنكر في حين ان عشرات الآلاف من سائر الناس لو فعلوا ذلك لا يستوجب سقوط العدالة بالنسبة إليهم حتى ولو افترضنا الأمر مرجوحا.
فالنهي إذن قد يدخل تحت اطاره عشرات الموارد المختلفة من المحرم الى ما يكون نهيا تنزيهيا او ارشاديا او اخلاقيا او تربويا او …….. وقد يختلف باختلاف الأفراد و الأمكنة والأزمنة فيكون متعلقه محرما في زمان او مكان دون زمان ومكان آخر لكن لما كان النهي بحسب ظهوره يستدعي الحرمة كما هو معلوم في علم الأصول و ربما راح ليضاف إليه مصاديق كثيرة اخرى من قبل بعض الأعلام في مواطن الإحتياط راح ليأخذ بالسواد الأعظم من الناس الى الضيق و يجعل من الشريعة الإسلامية السمحاء شرعا قائما على منع اكثر الأمور.
فأقول إنه لا دليل يستوجب القول بالحرمة بالنسبة الى التصفيق و إن امكن ان يقال ان التصفيق لو حصل من قبل بعض اكابر الأعلام كرجال الدين مثلا في بعض مجتمعاتنا على ما هي عليه من حضارتها التي قد ترى ذلك غير مناسب لمكانة رجال الدين فإنه بذلك قد يصبح من المحرمات على بعض الأفراد بلحاظ هذه الخصوصيات والشرائط وبلحاظ الأزمنة والأمكنة الخاصة و ان كان التصفيق بما هو هو ليس من المحرمات فتكون الحرمة عارضة عليه بعنوان ثانوي بالنسبة الى بعض الأفراد و إن كان هو من المباحات لأنه من مظاهر الفرح والسرور والقول بأنه لا يجوز لو كان مناسبا لمجالس اللهو و الفسق والفجور عنوان آخر لا ربط له بما نحن فيه لأن كون الشيء قد يصبح محرما بعنوان ثانوي لا خصوصية له بالتصفيق كما و أن بعض الأدوات التي لا مانع من استخدامها قد تدخل لعنوان ثانوي تحت اطار المنع و التحريم كما لو استخدم الشخص الورق الذي يلعب به البعض للتفريح أحيانا للقمار فإن اللعب به يصبح محرما كما و ان الورق لو صار من مصاديق اللهو المضيع للحياة و الداعي الى الغفلة لكثرة اللعب به يكون محرما كما لو راح شخص ليجعل بيته محلا للعب بالورق ليل نهار و بادخال أصدقاء السوء على عائلته و نسيان التزاماته تجاه زوجته و أطفاله فإنه يصبح من المحرمات أيضا .
وبالجملة ليس هناك من دليل على حرمة التصفيق او أي أمر آخر من مظاهر الفرح والسرور في الأعراس و غيرها ما لم تصبح داخلة تحت عنوان ثانوي من المحرمات.
و إدخال التصفيق تحت عنوان اللهو من قبل بعض الأعلام ليس بحكم شرعي لأن تشخيص المصاديق ليس مما يرجع فيه الى الفقيه و إنما هو أمر عرفي و شأن الفقيه إنما هو الحكم والفتوى وكذلك ما هو من مصاديق القمار والتقية يكون تشخيصه من قبل أهل الخبرة ومن يبتلى بالتقية إلا ان يكون الشارع المقدس بيّن بعض المصاديق جاعلا إياها من المحرمات فإنه يجب عند ذلك الإلتزام بما عيّنه الشارع مصداقا للهو او القمار وكون التصفيق لا يتناسب مع جلالة ومكانة بعض اكابر الرجال و النساء و العلماء و بالأخص الدينيين منهم في المحافل والمجالس العامة لا يعطي مبررا للحكم عليه بالمنع فإن شدة التضييق على المجتمع و بالأخص على الشباب والشابات و لو بشبهة الإحتياط قد يدفع بالناس الى ما لا يستحسن عقباه كما هو المشاهد في كثير من المجتمعات المتشددة حيث راح ليدفع بالناس الى الابتعاد عن الدين الذي هو شرع الحياة ودين الفطرة حيث راحت بعض التشددات لتصبغ الشرع بشريعة الممنوعات هدانا الله و إياكم الى الصواب و الإعتدال و الإبتعاد عن الإفراط والتفريط إنه ولي التوفيق
0 تعليق