سلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شيخنا الكريم ما هي وظيفة المسلم الطالب للدين و التفقهه في الدين في ظل هذه الاختلافات حتى في أعلى مستويات الدينية هل قراءة كتب الحديث أو الاخلاق أو التاريخ وتقليد أحد المراجع العظام تكفي ليضمن المسلم سلامة دينة و ما تنصحوننا في هذا الشأن و أرجو الله أن يوفقكم لكل خير
الجواب: التفقه في الأحكام حسنه مرتهن بمعرفةٍ في بحور أصول الدين ولطافة أصول الدين وتأثيرها على الإنسان رهن زكاة النفس وزكاة النفس رهن معايشة حياة رسّام الشرع وهم الأنبياء وأوصياءهم الكرام أجل مَن ساير حياة العظماء الربانيين وسلاك خطاهم من العظماء كعمار وأبي ذر ومالك الأشتر وهشام بن الحكم وكثير من علماءنا الأبرار وتأمل في أعماق ألطاف سلوكهم بما تحملوا من أجل دين الله من الصعاب في مقابل الطواغيت ومن تلبسوا بلباس الدين سار في سبل الرشاد وليس المراد من قراءة سيرة الأنبياء والأوصياء أنهم متى ولدوا وفي أي سنة ماتوا وكم لهم من ا لولد والزوجات بل المراد مسايرة نتمكن بواسطتها من تمييز الحق عن الباطل وتشخيص مواطن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإقامة العدل والوقوف ضد الظلم والظالمين لا كما هو منهج الكثير من العلماء من تحجيم شرع الله في محالّ الأمر بالمعروف بمثل الصلاة والنهي عن المنكر بمثل الخمر حتى يعرف المؤمن كيف يعمل في مواطن مزالق الأقدام وكيف ينجو في محالّ مغريات الدنيا من متاهاتها ويعرف كيف وقف أولياء الله ثابتي القدم في كافة مجالات الحياة لبيان الحقائق وإقامة الحجة على البشرية فإذا قويت النفس بمسايرة حياة الابرار وطهرت للمس حقائق الأمر من كتاب الله تعالى ولطفت بالأذكار والأدعية والأحاديث للرسول (ص) والأئمة عليهم السلام وبكت على ضياع حياتها في متاهات الدنيا في خلوات الليالي حينما لم يرها أحد إلا الله عز سلطانه استعدت بعد الإصلاح ولو بقدر للسير في طريق النجاة وصارت محلا للألطاف الربوبية .
نعم أيها الأخ الكريم نحن نعيش في زمن ضاعت فيه المقاييس وكثر فيه الادعاء وقلّ العمل وازدادت الخلافات حتى على أعلى المستويات كما أشرتم ولاشك أن قراءة القرآن والتأمل في تفسيره وكتب الحديث والأخلاق والتأريخ وسيرة الصالحين وتتبع خطب المعصومين وسماع مواعظهم ومعرفة من هم المتقون في وصف المتقين للإمام علي عليه السلام له الأثر الكبير على تهذيب النفس وقوتها في مقابل مكاره الزمن وكذلك تقليد أحد المراجع الكرام مما له الأثر في هذا المقام لكن بعد السعي لمعرفة بقية شرائط التقليد المشار إليها في أحاديث أهل البيت عليهم السلام لأن مجرد العلم ليس كافيا ومن المؤسف أن التقليد بما عليه المتعارف اليوم بعد تجزأة الشرع أصبح لا يتجاوز حدود الأحكام بعيدا عن شريعة الحياة بواسع الكلمة الوارد في مواطن الأحاديث التي منها وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فقد جعل الأئمة العلماء الصالحين وسيلة للرشاد ومن المعلوم أن الحوادث ليست حكما شرعيا بل هي واقع حياة الأمة المبتلى به من حق في مقابل باطل وعدل في مقابل ظلم وغير ذلك من الأمور الهامة في مجتمعنا المسلم المهجورة من قبل أغلب العلماء من بعد ما أصبح شأن العلماء فقط بيان حكم وأخذ حق شرعي إلا ما ندر منهم من الأبرار فليس لهذه الأمة إلا تلك الطلعة البهية والراية المحمدية المنقذ للبشرية بعد إندراس السنن والشرايع وقد ورد عن الأئمة عليهم السلام في مسألة تقليد العلماء: (فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه وذلك لا يكون إلا لبعض فقهاء الشيعة لا لجميعهم فإن من يركب من القبائح والفواحش مركب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة لهم) وقد ورد عن الحجة عجل الله تعالى فرجه طرد بعض أكابر علماء الشيعة لأنهم ما طلبوا العلم إلا للرئاسة وهناك على الموقع في محاضرات سيرة الأنبياء بعض الكلام حول العلماء وبالأخص في المحاضرة رقم 7 ، وفقنا الله وإياكم لمعرفة الحق واتباعه لنعرف أهل الحق بالحق كما قال رسول الله (ص): (إعرفوا الحق تعرفوا أهله) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
0 تعليق