السلام عليكم شيخنا
عندي بعض الاسئلة من حضرتکم: وارجوا ان تجيبوا باسرع وقت ممکن.
-خلق الانسان من صلصال کلفخار){الرحمن14)
نعلم ان احد خصايل الفخار الانکسار fracture)فهل الاية تعني ايضاً انکسار العظم.؟
الجواب:
نستعرض أولاً كلمة الصلصال لغةً فقد ورد أنها الطين إذا خلط بالرمل ثم جفّ وإذا طبخ بالنار بعد ذلك يقال له الفخّار، وورد أيضاً أنه الطين اليابس أو كل ما جف من الطين وقيل هو الطين الذي إذا مطرت السماء فيبست الأرض حتى صار كأنه خزف رقاق وهناك احتمالات أخرفي معنى الصلصال أعرضنا عنها لأولوية هذه المعاني وبعد تلك المعاني عن المراد هاهنا.
الأمر الثاني: أنه لماذا وصف هذا الطين بالصلصال والصلصلة هي الصوت فقد قالوا لأن الطين اليابس تسمع له صلصلة وهو ذهاب الصوت ورجوعه ثم استعمل في ترديد الصوت في الأجسام الصلبة ثم أطلقت الكلمة على الطين اليابس الذي يخرج صوتاً أو الصلصال هو الصوت الشديد المتردد في الهواء كصوت الرعد أو الصلصال هو ترجيع الصوت أو هو صوت الحديد إذا حرّك كما يصوّت الخزف الجديد.
ومن بعد هذه المقدمة التي يفهم منها أن الصلصلة وصف للطين الذي خلق منه الإنسان لابد من ملاحظة أمرين:
الأمر الأول: هل المراد من تشبيهه بالفخار وهو الطين المطبوخ بما يكون له من الصوت للإشارة إلى مجرد تشبيه هذا الطين المصنوع منه الوجود الإنساني من حيث التصويت بالفخّار أي كما أن للفخار صوتاً فيه ترجيع أو أن له صوتاً شديداً فكذلك الطين الذي خلق منه الإنسان له هذه الصفة حتى يقع البحث فقط في مسألة الصوت وما المراد منه في كون طينة الوجود الإنساني تصوّت أو المراد من ذلك أن نتجاوز حدود التصويت أي حدود الأمر العرضي وهو الصوت على اختلاف أنواعه إلى تشبيه طينة الإنسان بالفخار نفسه حتى يقال ما هي أوصاف الفخّار حتى نعطيها للطينة الإنسانية مثلاً حتى يقال الظروف الفخارية سريعة الكسر فكذلك نستفيد منها لوجه الشبَه أن الإنسان أيضا سريع الإنكسار والتأثر بأزاء ما يتصادم معه من الأشياء الصلبة حتى نستفيد من ذلك الإشارة إلى ضعف الوجود الإنساني وأنه كالأوان الخزفية المفخورة ليكون الكلام عائداً لتأكيد ما أشارت إليه بعض الآيات كقوله تعالى (وخلق الإنسان ضعيفا) أو كما أشار علي عليه السلام بقوله (مسكين ابن آدم تقتله الشرقة).
فأظن أيها الأخ الكريم أن المراد من التشبيه هاهنا مجرد إلفات النظر إلى أن طينة الإنسان كالفخّار مصوّتة أي هو تشبيه صفة بصفة بمعنى أنه كما أن الفخّار يصوّت عند الإصطدام بالجسم الصلب كذلك الطينة الإنسانية والأمر لا يتجاوز هذا الحد إلى تشبيه ذات الطينة الإنسانية بذات الأواني أو الظروف التي هي مفخورة أي ليس المراد نسبة الذاتين الطينة الإنسانية بالذات للأواني المفخورة وعلى هذا لابد من ملاحظة أمر آخر في المقام فنقول :
الأمر الثاني: أن الآية الشريفة تريد تنبيه الإنسان إلى أن طينته من أوصافها الذاتية أنها قابلة للتصويت أو ترجيع الصوت ذهابا وإياباً عندما تصطدم مع غيرها من الأشياء.
وبتعبير آخر إن المفهوم من الآية الشريفة مجرد التشبيه لطينة الإنسان بالفخار من حيث حدوث الصوت أي كما أن الفخار لو ضربت عليه أو اصطدم بغيره يخرج منه صوت كأنه فيه ترجيع أي ذهاب وإياب كذلك هذه الطينة الإنسانية فالتشبيه بين صفة وصفة وهي الصوت وليس في أصل الوجود حتى يقال إذن إذا كان الفخار سريع الإنكسار لضعفه فكذلك هنا يستفاد من كلمة الصلصال سرعة تأثر الإنسان وإنكساره وضعفه بأزاء أي ضربة أو صدمة مع شيء آخر صلب، نعم قد نستفيد ضعف الإنسان كما تقدم من آية أو رواية أخرى.
وعليه فلابد من التأمل في التشبيه بالنسبة لهذا الأمر العرضي وهو الصوت الذي يحدث في الفخار وكون طينة الإنسان كذلك لها قابلية التصويت عند عروض أي طرق عليها .
إذن قد تلحظ مسألة التصويت أو شدة الصوت أو ترجيع الصوت أو كون طينة الإنسان خلطت بالرمل ثم بلّت ثم يبست فصارت تصوّت عند عروض الطرق عليها أو كون طينة الإنسان ذا صوت يتردد في الهواء كصوت الرعد أو كصوت الحديد إذا حرّق وإذا أصبح الكلام عن الصوت وكيفياته نقول لابد من التأمل في الغاية التي من أجلها جعل الله تعالى طينة الإنسان في سيرها التكاملي لابد أن تصل إلى مرحلة هذا التصويت فهنا احتمالات ان احببتم فسنشير إليها.
فكأنما الآية الشريفة تشير الى قابلية خاصة لهذه الطينة وهي التصويت او شدة الصوت او ترجيعه عندما يحصل اي تصادم بينه وبين جسم اخر او اي حدث و لولم يكن جسمانيا وهذا مما يدعو المتأمل الى وقفة عند كيفيات الصوت المختلفة واحتمال ارادتها مما تقدم من الكيفيات الصوتية كما و أنه يدعوا الباحث الى التأمل في أصل حدوث الصوت بما هو والغاية من الفات النظر اليه في الكتاب المجيد وبالجملة البحث يقع في مقامين اولا في كيفيات الصوت وما يجري في كل واحدة منها لو كانت مرادة وثانيا في أصل كون الطينة البشرية من أوصافها انها تصوت فلو شئتم ايها الاخ الكريم الإشارة الى بعض المحتملات فيما أتصور أنه قد يكون مرادا في الآية الشريفة فسيكون له جواب آخر إن شاءالله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
0 تعليق