سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني(وفقه الله وسدده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال.
سماحة الشيخ ،بوصفكم من أهل الخبره من هم المراجع المعاصرين اللذين يجوز الرجوع اليهم في التقليد وتبرأ الذمه بتقليدهم.
فكما تعلمون ان أدعياء المرجعيه كثيرون وكل يدعي وصلا بليلى كما يقولون.
ولا كاشف للحقيقه الا أهل الخبره و أنتم بالطبع منهم.

الجواب:

ما سألتم عنه أيها الأخ الفاضل الكريم إن كان المراد منه ما يكون على صعيد الأعلمية فإن ثبوتها في زيد او عمرو من أشكل الأمور كما و أنه من الصعب جدا أن يلقى الإنسان بها ربه إن ثبت كون الأعلمية شرطا في التقليد و ذلك لأن تلامذة كل فقيه يرون الأعلمية لأستاذهم في حين أنهم لم يحضروا على يد غيره من الفقهاء في الغالب حتى في نفس بلادهم فضلا عن سائر البلدان وقد أصبحت مسألة الأعلمية في كثير من الموارد تثبت بالشهرات و بتبع البلدان التي اعتاد الناس أن ينظروا إليها وبتبع تأييد الوكلاء ومشاهير الخطباء في حين أن تشخيص الأعلمية يحتاج الى مناقشات و بحوث علمية بين الأعلام أنفسهم الذين تتردد فيما بنيهم إحتمالية الأعلمية ثم الإقرار والإعتراف بالأعلمية لأحدهم و هذا الأمر وإن كان من الممكنات ذاتا لكن شبه ممتنع وقوعا وبالأخص في مثل زماننا هذا الذي كثر فيه إدعاء الأعلمية فضلا عن أصل الفقاهة في حين إن أهل الخبرة قد يترددون في أصل ثبوت فقاهة بعض من يُدّعىَ ما يدعى في حقه من العلم .

وأما لو جئنا لنتكلم عن أصل الفقاهة مع غض الطرف عن كثرة الإدعاء فيها فإنه لابد من ملاحظة ما ورد عن الإمام الحجة (عج) أيضا حيث يقول : (وأما الحوداث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا) ومن المعلوم أن الحوادث ليست مجرد استنباط لحكم شرعي بل هي ما يعيشه الناس في واقع حياتهم إرشادا إلى أن الفقيه الذي يجب أن يرجع إليه الناس من يعيش حياة الأمة ومأساتها في ظلمات الدهور ليأخذ بيد الأمة إلى بر الأمان و الرشد آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر على صعيد الشريعة بتمامها بلاتجزئة لها في أبواب خاصة من الفقه وما يبتلي به الناس عموما وبالأخص في مقابل الظالمين و المفترسين لهذه الأمة من الحكام و المضللين لمنهج الأنبياء من وعاظ السلاطين وقد قال علي (ع) : (قد أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم) وقال رسول الله (ص) : ( من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) فهؤلاء من العلماء هم أمناء الرسل و خلفاء الأئمة الأطهار و سيرة هؤلاء العظماء الذين ساروا على منهج الرسول (ص) والأئمة (ع) واضحة لمن تتبع سيرة أبي ذر و مالك الأشتر و عمار و هشام بن الحكم و بمعرفة الحق يعرف أهل الحق الذين هم منار هدىً للناس عند ظلمات الدهور ومن المؤسف أن نكون في عصر تكون فيه من علائم الزهد والتقوى السكوت عن هموم الأمة و مأساتها و ظلم الظالمين و لذا أستبيحكم عذرا إذا قلت لحضرتكم من الصعب جدا أن أجيبكم على ما سألتم عنه هدانا الله و إياكم الى الصواب بمعرفة الحق المتجلي بالكتاب والسنة و سيرة الرسول (ص) و أهل بيته الكرام (ع) ومن كان من سلّاك طريقهم كما أشرنا كأبي ذر وعمار و مالك الأشتر و قد قال رسول الله (ص) : (إعرفوا الحق تعرفوا أهله ) وقال علي (ع) : (إن الحق لا يعرف بالرجال إعرفوا الحق تعرفوا أهله) فبمعرفة الحق يعرف الرجال الذين نسترشد بهديهم ولا شك أن الأرض لا تخلو من عباد الله الصالحين الذين جعلهم الله تعالى بعد الأنبياء والأوصياء حجج حق على خلقه ليوم الحساب يعرفهم المتتبع لمعرفة الحق بحسن سيرتهم دمتم موفقين و مسددين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.