بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من قبل شباب الأهواز محبي المرجعية
هل يجوز لنا أن نلعن الخلفاء الثلاثة و الحال أن الأهواز ليس فيها أحد من الوهابية ولا مجال للتقية هناك لأن الخوف ليس موجودا وثانيا هؤلاء وامثالهم كعائشة وحفظة هل يجوز سبهم او لا يجوز وهل اثبات الزنى لعائشة من كتب أهل السنة والجماعة يجوز او لا؟ والحمدلله
في الضمن نحن نتبع المرجعية على أي إجابة إن شاء الله
الجواب :
بعد التحية والسلام اعرض بخدمتكم أنه من الواجب على كل طالب حق لكي لا تختلط عليه الموازين فتوجب له التباسا بين الحق والباطل وكذا بين ما هو من عظيم ادب الشرع وجماله وما يظنه البعض صراحة و صلابة إيمان فإنه يكون من اللازم أن يعرف الإنسان معالم دينه حتى يتمكن من تمييز حدود الشرع القويم عما هو ليس منه ومن تلك المعالم الحقة إنه لابد و أن يعرف كل مسلم أنه بحكم العقل والشرع وما قامت عليه السنن الإلهية من آدم إلى الخاتم عليهم السلام أنه بعد جميع الأنبياء الذين تجاوز عددهم المائة و أربعة وعشرين ألف نبي وكان منهم خمسة من اولي العزم فإن هذا الكم الهائل من الأنبياء إنما كانوا في الحقيقة اوصياء لأولي العزم من الرسل ولذا يقول تعالى في كتابه المجيد (و آمن له لوط) أي لإبراهيم عليه السلام في حين أن لوطا (ع) كان نبيا من الأنبياء وما أوصياء الرسل إلا شرّاح رسالات السماء للأمم بعد أنبيائها لتصبح الرسالة حضارة للأمم لا حكما يفترض عليهم بالقوة والأوصياء هم المجسدون للشريعة بسيرتهم بعد الأنبياء التي هي سيرة العلم والعدل و الإحسان حيث أن هذه القيم الرفيعة لا يؤتمن عليها حكام الجور أبناء الدنيا وكذلك من يدور في فلكهم من وعاظ السلاطين وقد بنيت الشرايع طرا على حب الله تعالى وحب أوليائه الصالحين والتبري من أعداء الدين وقد أكد ذلك القرآن المجيد بلعن الطواغيت والمعاندين مشيرا بذلك إلى بعدهم عن ساحة رحمة الله تعالى ولذا بني التشيع على التولي لأوصياء النبيين والتبري من أعدائهم ولا يحيد عن ذلك إلا من غالط نفسه فوجد في وجوه الحكام أنوار الملكوت وتجليات رسالات السماء بأبعاد الحق والعدل والإحسان وشاهد الحكّام الظالمين مصاديق لأمر الله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) مدعين أن الله تعالى يأمر بطاعة الحكام ولو كانوا فسقة ظالمين وأن الرسول (ص) أمر بطاعتهم ولو سلبوا الناس أموالهم وجلدوهم على ظهورهم ثم راحوا ليفتروا أكثر من ذلك بأن إدعوا قيام إجماع الأمة على طاعتهم وأن الخارج عليهم يكون باغيا و أن الحكام ورثة الأنبياء و أنهم اولياء الأمر بعد الرسل و أن الحديث المتفق عليه بين المسلمين شيعة وسنة وهو قول الرسول (ص) : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) المراد من إمام الزمان الحكام أي أن من مات ولم يعرف حكّام المسلمين بما لهم من الحق و وجوب الطاعة مات ميتة جاهلية وإنه مما لا شك ولا ريب فيه أن حكام اليوم ليسوا إلا نسخة بدل من حكام الأمس الذين هم مظاهر الجهل والفسق والظلم والطغيان والكبر, فكيف راحت العقول بمنظار أبناء الدنيا لترى في هؤلاء الحكام موازين الحق والعدل والإحسان ثم كيف راحت الأسماع لتعيش الصمم عن حديث آخر متفق عليه بين المسلمين كافة وهو ما روي عن النبي (ص) : (الخلفاء او الأئمة من بعدي إثنا عشر كلهم من قريش) وما اشرنا من الاحاديث ليس إلا نقطة في بحر مما هو موجود في صحاح ابناء العامة والجماعة.
وبعد هذه المقدمة أقول : للحق موازينه و من حاد عن موازين الحق غالط نفسه بتبع الهوى وإن موازين الحق تلزم صاحبها بعد المعرفة بالإعتقاد بها إعتقادا راسخا يدعوه الى حب الله و اوليائه والتبري من أعداء الدين لكن هذه القيم الرفيعة وقرارة القلب الباطنية بحب الاولياء والتبري من الأعداء ليس معناه سبابا ولا شتما لأحد في العالمين فإن الدين خُلق و قد وصف الله تعالى نبيه الكريم قائلا : (وإنك لعلى خلق عظيم) وقد قال علي عليه السلام في صفين حينما سمع أن بعض أصحابه يشتم معاوية وأهل الشام (لاتكونوا سبابين لكن بينوا أعمالهم و أدعوا الله بحقن الدماء ) فالمذهب الشيعي بعيد كل البعد عن مثل هذه المسالك أدبا بما يدعوا إليه من الخلق الكريم و ثانيا قد أراد الله تعالى أن تكون الدنيا دار اختبار واختيار ليمتحن عباده وفسح لهم المجال قائلا (لا إكراه في الدين) ومن ذا هو اغير على دين الله من الله تعالى فقد بني الإسلام ومذهب أهل البيت عليهم السلام على حضارة الخلق والتعايش للتعارف والتآلف وتكريم حرية الرأي وقد جعل الله تعالى الناس أحرارا فيما يختارون لأنفسهم وهو المحاسب يوم الجزاء و أشار إلى أنه لابصيرة إلا لمن كان مصداقا لقوله تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) فالسعي لمعرفة الحق وتمييزه عن الباطل و تعميق معالم التوحيد خير من اللعن باللسان والشتم والعدوان لأن المؤمن الحقيقي يعيش بُعد المعرفة والحب لله و لأوليائه والبراءة من أعداء الله وهذا ليس شتما ولا لعنا باللسان لأحد.
والتقية حكم عقل لدفع الأضرار حينما يكون بيان الحق ضررا لا نفع فيه وليس معناه أنه حين عدم تحقق الضرر وعدم تحقق شرائط التقية أن نعيش السباب والشتم للآخرين فالأديان فوق هذه المستويات مكانة.
وأعود وأقول إن التبري من أعداء الله ميثاق قلبي تحمله نفوس الاولياء واللعن بيان لكون الملعون مطرودا من الرحمة الإلهية وليس معنى ذلك الشتم و السباب .
فإزدادوا أيها الشباب المحترم بالعلم وزكاة النفس إيمانا وحبا لأولياء الله فهو خير لكم من اللعن والسباب وما هدى الأنبياء الأمم إلا بالخلق الكريم ومعالم التوحيد.
وأما ما أشرتم إليه من أمر عائشة فأقول لكم نحن الشيعة ما جئنا لنختلف في عائشة مع القوم للدخول في مثل هذه المسالك فحاشا لله رب العالمين وحاشا لمن ندعي اتباع منهجهم وهم مثال الكرامة والخلق العظيم و إنما أخذنا عليها مآخذ ترتبط بخلافها مع إمام زمانها إمام المتقين علي عليه السلام وما قامت به أيضا من فعل أدى الى سفك دماء المسلمين وصار مدعاة لمعاوية واضرابه للتمرد لبلوغ غاياتهم للوصول الى الحكم كما وأنّا أخذنا عليها الكثير من روايات راحت لترويها عن الرسول (ص) حتى أصبح بعضها يستقبح ذكره وهناك الكثير من نساء الرسول (ص) ما سمعنا منهن ما هو من شأن الزوج و زوجته كما و أخذنا عليها ايضا فتياها التي هي بعيدة عن العقل والشرع بل عن العفة والكرامة الإنسانية التي منها رضاع الكبير وغير ذلك كثير كثير لمن تتبع فتيا عايشة في كتب الأحاديث والتاريخ وما ترويه من روايات عن الرسول (ص).
هذا ما وجدته لازما من بيان للحق والخلق الكريم و إنه يحسن بالسائل المحترم إن كان حقا يريد الفتوى ومعرفة ما يجب عليه من الحكم هو الرجوع الى من يرجع إليه بالتقليد إن كان الأمر يعود الى من هو من أتباع المرجعية و إني لست ممن يتصدى لأمثال هذه الأمور.
وبالجملة بيان الحق خير من اللعن لفظا لأن المراد من اللعن الوارد في الكتاب إنما هو بيان البعد عن رحمة الله وإن تعويد اللسان على الشتم والسباب ليس من شأن شريعة السلام بل يجب على المؤمن ان يزداد علما وخلقا كريما لتترسخ معالم التوحيد ومناهج الربوبية في نفسه حيث ان صلابة الإيمان وبُعد المعرفة وخلوص النية يدفع بصاحبه إلى الثبات وحب الله و أولياءه والإبتعاد عن أعداء الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
0 تعليق