آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » تفسير القرآن الكريم » تفسير القرآن الكريم (المحاضرات الكتابية) » المحاضرة الثالثة تفسير الرحمانية و الرحيمية

المحاضرة الثالثة في تفسير القرآن

تنبيه هام وتفسير الرحمانية والرحيمية

أما التنبيه فإنه قد يقال إن القرآن المجيد لعظيم مقامه لا يُفهم منه حتى ما كان ظاهرا لكن كيف يمكن القول بذلك وهو كتاب الله المبين الذي أراده هداية للعالمين وهو القائل تعالى :(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وهو القائل أيضا :(ولقد يسرنا القرآن للذكر) و أيضا :(إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) وأيضا: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليتدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب), فكيف يكون بعد كل هذا لا يُفهم منه شيء أو أنه ليس بحجة حتى بما له من الظواهر وقد رغّب النبي (ص) في كثير مما ورد عنه في الرجوع الى القرآن عند مدلهمات الأمور فإذا كان بيانا حتى عند مدلهمات الأمور فكيف لا يكون ناطقا فيما هو ظاهر من الكلمات وقد قال النبي (ص) أيضا : (إذا إلتبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن) فهو أيضا دليل و مرشد حتى فيما هو من صعاب الأمور وعميقها وقد قال علي عليه السلام :(ألا لا خير في قراءة لا تدبر فيها) و هناك المتواتر من الأخبار الدالة على الرجوع الى القرآن إبتداءا لعرض الآخبار عليه وكذلك فيما لو تعارضت الأخبار حيث أنه الأصل في كل الأمور وذلك خير شاهد على إمكان فهمه وجعله معيارا لجميع الأمور سواء كانت في السنة او السيرة التي تنسب الى المعصومين عليهم السلام ومن هذه الأحاديث ما ورد عن النبي أيضا (ص) : (أيها الناس ما جائكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جائكم يخالف كتاب الله فلم أقله) و أما ما ورد عن الأئمة عليهم السلام بلزوم العرض على الكتاب إبتداءا او عند تعارض الأحاديث فهي روايات لم تغب عن أحد لكثرتها ولأنها في موارد علم الأصول من مسالك الفقهاء والعلماء حينما ترد عليهم الأخبار .

نسبة لا صحة لها

نُسب الى جماعة من الإخباريين ذهابهم الى رفع حجية الكتاب المجيد وهي نسبة غير صحيحة إذ لم يذهب الى ذلك أحد من الفقهاء قديما ولا حديثا ولا لمسنا في كتبهم ذلك ولو فرضنا أحدا من علماء الإخباريين كانت ظواهر كلماته يُفهم منها ذلك فإن إطلاق القول بأنهم يقولون بذلك فيه شيء من عدم التثبت وعدم التورع وربما كان من أشد علماء الإخباريين إلتزاما بمسالك الإخبارية هو المولى محمد أمين الإسترابادي ومع ذلك كله ليس في كلامه ما ينص على ذلك ومن جملة ما قال : (الصواب عندي مذهب قدمائنا الإخباريين وطريقتهم أما مذهبهم فهو أن كلما تحتاج إليه الأمة الى يوم القيامة عليه دلالة قطعية من قوله تعالى وأن كل ذلك مخزون عند الأئمة وأن القرآن في الأكثر ورد على وجه التعمية بالنسبة الى أذهان الرعية وكذلك في كثير من السنن النبوية وأنه لا سبيل لنا فيما لا نعلمه من الأحكام النظرية الشرعية أصلية كانت او فرعية إلا السماع من الصادقين عليهم السلام و أنه لا يجوز إستنباط الأحكام النظرية من ظواهر الكتاب ولا ظواهر السنن النبوية مالم يُعلم من جهة أهل الذكر عليهم السلام بل يجب التوقف والاحتياط فيها) ولا يُفهم من كلامه هذا إلا أن هناك دلالات قطعية في أحاديث أهل البيت تُعين على فهم الكتاب وأن الكلام فيمالا يعلم من الأحكام النظرية الشرعية في موارد الإستنباط لا فيما هو من الظواهر وأن الأخذ بالظواهر قبل الرجوع الى الأئمة والفحص عن الأحاديث ضرب من التسارع في الحكم لا أن القرآن لا ظهور له أو أن ظهوره ليس بحجة فليس في كلامه ولا كلام غيره من أكابر الإخباريين وبالأخص الشيخ صاحب الحدائق ما يدل على صحة هذه النسبة التي معناها إسقاط القرآن المجيد من الأثر مطلقا بحيث يصبح بركة في البيوت لا يمكن الإستفادة منه حتى على صعيد أخذ استخارة ويصبح قراءة القرآن المجيد مجرد لقلقة لسان كعربي يقرأ كتابا باللغة الصينية في حين أنه لا شك أن القرآن بإتفاق الجميع إخباريين كانوا او اصوليين هو الأصل في كل شيء وإنما يرجع في التفاصيل الى الأحاديث الشريفة في كل مورد إحتاج الأمر الى ذلك وهذا هو مراد المولى الإستيرابادي حينما قال من أنه لا يجوز الحكم في مواطن الإستنباط إلا بعد الفحص عن الأحاديث واليأس عن وجود المخصص او المبين او المقيد على ما يُستفاد من كلامه .

وكذا ما هو المستفاد من المولى الحر العاملي في فوائده الطوسية وفي كتاب القضاء من كتاب وسائل الشيعة حيث يُستفاد من كلامه أنه لا يعلم المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والعام والخاص وغير ذلك إلا الأئمة عليهم السلام وأنه يجب الرجوع إليهم في مواطن الإستنباط للحكم الشرعي حيث أنه لا يعلم القرآن كما أنزل غيرهم وأنه لكثرة الإحتمالات والوجوه في الكتاب المجيد قد يحتج به كل محق ومبطل وذلك أيضا ما يُفهم من كلام أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الحجة من الكافي من أنه لم يجمع القرآن كله ولم يحط به علما بظاهره وباطنه سوى الأئمة عليهم السلام لأن علم المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ وما إلى ذلك عندهم ومجيء كلمة ظاهر لا تدل على ما يدعى في المقام لأنها للإشارة الى مواطن الإستنباط وكناية عن تمام الفهم ودفع المؤمن للحيطة وعدم التسارع في الحكم ما لم ييأس من البيان الوارد من قبلهم عليهم السلام حيث أن كلامهم هو البيان والشرح لما أجمل او ابهم من القرآن المجيد وذلك كلام لا ريب فيه لكن ليس معناه أن القرآن لا ظهور فيه او أن ظهوره ليس بحجة وكذا ما يستفاد من كلام السيد نعمة الله الجزائري وهو أيضا من أكابر علماء الإخباريين فقد قال : (ذهب المجتهدون رضوان الله عليهم الى جواز أخذ الأحكام من القرآن وبالفعل أخذوا بالأحكام منه وطرحوا ما ظاهره المنافاة او أوّلوه ومن ثم دونوا كتبا في شأن آيات الأحكام واستنبطوا منها ما هداهم إليه إمارات الإستنباط و أما الإخباريون فذهبوا الى أن القرآن كله متشابه بالنسبة إلينا وأنه لا يجوز أخذ حكم منه إلا من دلالة الأخبار على بيانه وظاهر كلامه أيضا أن الحديث في مواطن الإستنباط للأحكام الشرعية لا ماهو ظاهر من الدلالات في مواطن الظهورات).

وأما كلام صاحب الحدائق فهو واضح الدلالة جدا حيث ذكر أولا كلام الشخص الطوسي وجعله القول الفصل بعد نقل الروايات المتعارضة ثم اختار ما عليه الشيخ الطوسي في المقام من جمع الأخبار ومن المعلوم أن صاحب الحدائق من اكابر علماء الإخباريين وهاهو يوافق الشيخ الطوسي حيث يستفاد من كلماتهم جميعا أنهم يريدون القول بأنه لا يجوز الإستقلال بالعمل بالقرآن في موارد الشبه وآيات الأحكام إلا بعد الرجوع الى أحاديث أهل البيت عليهم السلام لأن روايات أهل البيت هي عدل القرآن وأنها الثقل الأصغر ولكن ليس معنى ذلك أنه لا دلالة للقرآن الكريم ولو بحسب ظواهره.

ومن أضاف الى ذلك حديث الثقلين الذي جعل الأخبار الواردة عنهم الثقل الاصغر وكذلك ما ورد من الأخبار المتواترة الآمرة بالعرض على كتاب الله وهي روايات لم تبعد عن ناظر أحد من العلماء إخباريين كانوا او أصوليين فإنه بعد ذلك كله لا يبقى لأي شخص أدنى تأمل على أنهم لا يريدون إلا ما قلناه في المقام حيث أنه يستفاد من حديث الثقلين والروايات الآمرة بالعرض على الكتاب أنه لابد من التمسك بالأمرين في عرض واحد لأن بذلك سبيل النجاة.

ومن المعلوم أن الكلام عن التفسير وهو لا يشمل موارد الظهورات حتى تكون محلا للبحث ومن المعلوم أن المراد من التفسير كشف مراد الله تعالى من الفاظ الكتاب المجيد بجمع آياته أو بالاستعانة بالأحاديث او العقل وموازين العلم بقدر الطاقة البشرية وأين هذا من القول بعدم حجية ظواهر الكتاب أو عدم ظهورات له فإذا لا ريب أن ظواهر القرآن حجة كأي ظواهر أخرى.

وإن التسارع في إلقاء التُهم بدون تورع وشهود لقوله تعالى : (وقفوهم إنهم مسؤولون) وبالأخص إذا كان هذا التسارع في إلقاء التهم يرجع الى أكابر علمائنا وكأن المتكلم يتكلم عن جهّال وربما لا يكون مستحقا أن يكون أحد طلابهم سواء كانت مثل هذه التهم النابعة عن البساطة تنسب الى علمائنا الإخباريين او الأصوليين عصمنا الله وإياكم من مثل هذه التسارعات ولا جعل خصمائنا يوم القيامة أكابر علماء الشيعة الذين خدموا الشريعة وتحملوا أشد الظروف صعوبة وخطرا في ظلمات الدهور وجور الزمان من أجل إعلاء كلمة لا إله الا الله , محمد رسول الله و ولاية أهل البيت عليهم السلام.

وهب أنه على الفرض والتقدير قد ثبت أن أحد علماء الإخباريين يقول بعدم ظهور للقرآن او بعدم حجية ظهوره فكيف يجوز إطلاق الكلمات بالنسبة الى كافة الإخباريين.

تفسير آية البسملة

بسم الله الرحمن الرحيم

البسملة جزء من القرآن من كل سورة إلا سورة البراءة خلافاً لأبناء العامة الذين أرادوا القرآن جميعا أن يكون بحكم سورة البراءة وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام : (سرقوا أكرم أية في كتاب الله وهي بسم الله الرحمن الرحيم ) وعن الصادق عليه السلام أنه قال : (ما لهم قاتلهم الله عمدوا الى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهي بسم الله الرحمن الرحيم)

(الرحمن) على وزن فعلان صيغة مبالغة تدل على الكثرة فهي تناسب الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء وعمّت عالم الإمكان طرّا بما فيه من نعم و جود على البشرية أيضا.

و (الرحيم) على وزن فعيل صفة مشبه تدل على الثبات والبقاء والدوام ولذا ناسبت الرحمة الخاصة التي هي من حق الصالحين من عباد الله وهي النعمة الدائمة الباقية التي هي من شأن المؤمن وتفاض عليه دنيا بالتوفيق والإرشاد وجعل المؤهلات ورفع الموانع وأخرى وهي النعيم والقرب والرضوان الإلهي ولذا كانت من شأن المتقين لأنها من الألطاف الإلهية على كل مؤمن ومؤمنة بما لكل من مقام بحسب عقله وطهره وعلمه وخلوص نيته وقيامه بالعمل الصالح في دار الدنيا بحسن الإختيار حيث يأخذ به إلى منازل الرضوان وليس هذا الإختلاف في الجود من قبل الجواد المفيض بل لوجود المانع من قبل القابل إذا تحققت الحجب بينه وبين ربه والضياع الذي يمنع من نزول الألطاف الإلهية وإلا لأصبحت الرحمة الرحيمية كالرحمانية عامة لجميع الجن والإنس أيضا , وما ورد عن النبي عيسى عليه السلام من أن الرحمن رحمان الدنيا و الرحيم رحيم الآخرة لا يحدد الرحمة الرحيمية بالآخرة لأن توفيق الدنيا بالمتقين بالرحيمية هو الذي يجعلهم أهلا لها في دار الآخرة وأي رحمة هي أعظم من هذه فهي إذن بلحاظ كونها في الأمور الأخروية نتاجا وفي الدنيوية توفيقا ليحصل النعيم في دار الآخرة والقرب.

و(الرحمة) لغة من رحم رحمة أي رقّ له وشفق عليه وتعطف عليه وغفر له وهي رقة القلب المفضية للإحسان والمغفرة والرحمن والرحيم من يرحم فهي صفة إنفعالية وتأثر خاص يلمّ بالقلب عند مشاهدة من يُفقد او يحتاج الى ما يتم به أمره فيبعث الناس الى تتميم نقصه ورفع حاجته إلا أن هذا المعنى بحسب التحليل يرجع الى الإعطاء والإفاضة لرفع الحاجة وبهذا المعنى يتصف به الله تعالى.

أجل رزق كل موجود بما به قوام وجوده وكماله اللائق به فالرحمة الرحمانية تعم جميع الموجودات وتشمل كل النعم وأما الرحمة الرحيمية فهي من خصائص المتقين من التوفيق والوحي والإلهام حتى تصل الى إرسال الملائكة للأنبياء وتحقيق المعارج ومن ثم ما كتب الله لأولياءه من نعيم و رضوان و قرب في جنات الخلود.

وعبر آخر بلسان عرفاني بأن الرحمن هو المفيض للوجود بحسب ما تقتضيه الحكمة وتحتمل القوابل على وجه البداية فهي عامة وسعت كل شيء ممكن والرحيم هو المفيض للكمالات المعنوية المخصوصة بالنوع الإنساني بحسب الآخرة ولذا قيل رحمن الدنيا و رحيم الآخرة بالصورة الإنسانية الكاملة التي هي مظهر الذات الإلهية والإسم الأعظم كما ورد في الحديث إن الله خلق آدم على صورته.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

المحاضرة السابعة عشر تفسير قوله تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب)

المحاضرة السابعة عشر تفسير قوله تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب) من بعد ما تكلم الله تعالى عن المتقين جاء ليبن خصائصهم حتى يُعرف بسيماهم لدى من عرف الحق لا بألقاب قد تُفدى للرجال لزخارف الأقدار كحكم قد يهب طاغية عنوان أمير المؤمنين ومكرا قد يهب دجالا صفة الأولياء...

المحاضرة الخامسة عشر تفسير : (ذلك الكتاب لا ريب فيه)

المحاضرة الخامسة عشر تفسير : (ذلك الكتاب لا ريب فيه) كلمة ذلك يؤتى بها للإشارة الى البعيد في حين أن الكتاب المجيد بأيدي الناس ينظرون إليه ويشاهدونه فكيف يؤتى للقريب بما هو من شأن البعيد؟ فنقول إن ذلك واضح لدى أهل الأدب والمعرفة حيث أن المراد بالإشارة للبعيد في المقام...

المحاضرة الرابعة عشر بداية عرض الأخبار الأمرة بالعرض على الكتاب المجيد ثم تفسير (ألم)

المحاضرة الرابعة عشر بداية عرض الأخبار الأمرة بالعرض على الكتاب المجيد ثم تفسير (ألم) سورة البقرة مدنية كلها إلا آية واحدة كما قيل. قبل الدخول في تفسير سورة البقرة لا بأس بذكر الأحاديث الآمرة بلزوم العرض على كتاب الله تعالى ليعرف القاريء الكريم أن الأساس في كل شيء هو...

المحاضرة الرابعة عشر تفسير قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين

المحاضرة الرابعة عشر تفسير قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين من بعد أن طلب العبد المؤمن من ربه أن يوفقه ليصبح من الذين أنعم الله عليهم أرشده تعالى الى أن يدعو أيضا بألا يصبح من المغضوب عليهم ولا الضالين إما من باب التأكيد أو لأن العبد قد يظن نفسه من الذين...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا