آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » تفسير القرآن الكريم » تفسير القرآن الكريم (المحاضرات الكتابية) » المحاضرة الخامسة تفسير (الحمدلله) من سورة الفاتحة

المحاضرة الخامسة

تفسير (الحمدلله) من سورة الفاتحة

(الحمدلله) :

كلمة الحمد بجذورها و مشتقاتها وردت في القرآن المجيد ثلاثة وستين مرة والألف واللام للجنس و الإستغراق بمعنى ان كل حمد هو عائد لله تعالى و لا حمد حقيقة لغيره لأن كل حمد لغيره بالدقة والمآل عائد إليه فهو المالك لجميع الحمد وحقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية للمحمود بقصد التعظيم فيكون الحامد يعيش التسبيح والسير والسلوك في مدارج الكمال في الذات والصفات والفعل الإلهي بما فيه من عظيم الصنع و إن كانت حقيقة الحمد بإطلاق الكلمة لا تكون إلا من الله تعالى لنفسه ثم في عالم الإمكان بتمام واقعها الممكن من سيد الكائنات محمد (ص) لربه لأنه الكلمة التامة لظهور الحمد والحمد إنما هو بأزاء الفعل الجميل الإختياري والله تعالى قد خلق كل شيء بعلم واختيار بما فيه من النعم والصنع الجميل فيحمد على ذلك ولو بنحو الإجمال لعجز البشر وكل كائن عن حمده على نعمه تفصيلا لأن نعمه لا تحصى لأنها تابعة لله تعالى اللامتناهي ذاتا وغاية وهو تعالى كل يوم في شأن جديد بما له من الأيام الربوبية وثانيا لأن الإنسان غير قادر علما على معرفتها بما لها من النعم الظاهرة والباطنة وبما عليه الإنسان من العلم المحدود لأنه ما أوتي من العلم ليس إلا قليلا ونقطة في بحر جود الحق تعالى.

إذن الحمد هو الثناء على وجه التعظيم لله تعالى اما الجميل الذي لا صنع للشخص فيه فالثناء به يسمى مدحا لا حمدا كمن يمدح إمرأة لجمالها او لؤلؤة كذلك.

وفي الحمد إشارة الى توحيد الذات والصفات والأفعال فهو إظهار صفات الكمال بما فيها بقصد التعظيم فيكون الحامد يعيش تسبيحا في منازل الجمال والجلال والحمد يكون قوليا وفعليا بإشعار الضمير بالمدح والثناء لمن له واقع الحمد والحمد لله تعالى لشكر المنعم واجب والعقل حاكم بذلك على قدر سعة كل عاقل وسيد الحامدين هو محمد (ص) لكن حقيقة الحمد ممتنعة على الممكنات والحمد يتوقف على أمرين على عبد أدرك بعقله عظم الحق تعالى فجاء بعد طهارة النفس ليقف بين يدي مولاه خاضعا يحمل روح التعظيم والإجلال والتقديس ليسير مسبحا في مراتب الذات والصفات والفعل بما هو من شأن المولى تعالى.

والتأكيد على كون الحمد لله تعالى حصريا فيه تعريض لردع الحامدين للأصنام والأوثان او أرباب الأنواع بناءا على انها ليست الملائكة المدبرات أمرا بإذن الله تعالى إذا نظر إليها العبد بنحو من الإستقلالية او أي محمود لوحظ بنحو الإستقلال لا بنحو محض التبعية حيث ان ذلك لا مانع منه لو أعتبر سببا بإذن الله تعالى ولو كان الملحوظ بنحو الاستقلال حاكما بل ولو كان نبيا فإنه ايضا من المحرمات فضلا عن كونه وثنا او صنما ومن المعلوم أن الألف واللام تدل على الحصر.

وبالجملة المدح ذكر المحاسن وهو لا يستلزم المحبة للممدوح وهو أعم من الحمد فيقال حمدت فلانا لو مدحته لكرمه ويقال مدحت الؤلؤة فالانسان قد يمدح من لم يستفد منه لمكانته و قد يمدح شكلا للإعجاب به و قد يمدح من لا يحب كما قلنا ككثير من الشعراء والعلماء المتملقين المتزلفين للأمراء والسلاطين وقلوبهم خالية من الحب لهم, يمدحونهم لرجاء نعمة كما وأنه قد يكون المدح لدفع الضرر خوفا منهم.

وأما الشكر الذي هو واجب عقلا فإنما هو بأزاء النعم الواصلة للشخص نفسه وبهذا اللحاظ هو اخص من المدح والشكر إنما هو بأزاء النعم لا الصفات فنحن لا نشكر زيدا لأنه يتصف بالعلم ولذا يقال الشكر خاص والحمد عام حيث قد يُثني الأنسان على من أنعم عليه او على من له من النعم ولو على غيره وما نحن فيه من الحمد إنما هو بأزاء النعم التي لا تحصى سواء كانت عائدة الينا او لغيرنا ولذا يكون مورده أعم من الشكر ويقال إن تكرار الحمد يقال له ثناء.

الشكر والحمد في الأخرة:

قد يقال كيف يكون ذلك والآخرة ليست دار تكليف؟

فنقول أولا الآيات في ذلك كثيرة و واضحة (قالوا الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن) (وآخر دعواهم أن الحمدلله رب العالمين) وثانيا التكليف مأخوذ من الكلفة والثقل وهناك أي في دار الآخرة الحمد للهيام والشوق لمزيد من الكمال والسعي للعروج والقرب بلا حجب ظلمانية نحو الكمال اللامتناهي بحجب نورية فإذا تجاوز الإنسان حجابا دفع به ذلك للشوق الى ما هو أقرب منه ولذا تكون العوالم الأخرى اولى بتحقق الحمد فيها لتجلي الحق تعالى لأولياءه بلا أي حجب ظلمانية حيث يكون السلوك هياما وغراما وشوقا نحو اللانهايات.

(رب العالمين) :

(الرب) هو المربي والمدبر للأمر و(العالمين) جمع عالم على اختلاف مراتب العوالم الطولية من عالم النور الى عالم العقل والملائكة الى عالم المثال والبرزخ الى عالم الشهادة والطبيعة كما وأن كل عالم أيضا يكون عوالم متعددة فيقال في عالم الشهادة وهو عالمنا المادي عالم الانسان وعالم الحيوان وعالم النبات.

وهاهنا أي في مسألة الربوبية مزالق الأقدام حيث أن منكري الفطرة على طول التأريخ هم قلائل من البشر الذين انكروا مثلا أصل الصانع او الملكية او دعوا الى عدم الزواج او إلى إنكار أي امر فطري آخر حيث أن من أنكر فطرة هي واقع الكيان الإنساني حكم على نفسه بالهلاك قبل أن يحكم عليه بذلك من قبل غيره كالشيوعيين العقائديين الذين أنكروا وجود الصانع أي المبدأ وأنكروا الملكية مثلا وإدعوا أنها ناشئة من الحضارات وأنهم سيسيرون بالبشرية سيرا يأخذ بهم أولا الى الاشتراكية و من ثم الى الشيوعية ليعيش الناس كل شيء لكل أحد مبشرين الأمم بحسب دعواهم بفردوس ما برحوا يبشرون به في عالم أوهامهم ونوم غفلتهم حتى وجدوا أنفسهم هالكين فإنهاروا في كل مكان بتبع انهيار سيوفهم الدموية وضعفها وتكذيب انفسهم بأنفسهم حينما وجدتهم الشعوب بعد السلطة يعيشون القصور الحمر والناس تعيش الفقر والمأساة وأن الحزب قد أصبح مالكا والشعب قد اصبح أداة ذليلا بأيديهم وهكذا النصارى حينما ادعى البعض منهم أن الزهادة والرقي المعنوي انما يتحقق بترك الزواج فساقوا بذلك حتى كنائسهم الى الانحراف فضلا من دعوة الآخرين للطهر حينما انكروا فطرة هي في أعماق الضمير حينما كان قوام البشرية وأنسها وسكنها واستمرار بقائها على الزواج وكون النساء شقائق الرجال يكمل بعضهم بعضا ولذا لم تكرس الشرايع السماوية على الهجمة على منكري الفطرة لأنهم قبل ان يبدوا خطأهم او زيفهم للآخرين هم من الداخل يحكمون على انفسهم بالهلاك وانما أكدت الأديان على ردع المنحرفين عن الفطرة حيث يكون وقوع الشبهات هاهنا وهاهنا تكمن الضلالة والغواية التي تجد لها الكثير من الأسماع الصاغية لمصلحة او جهل كالقول بتعدد الأرباب والشرك كما أصيب به بعض الفلاسفة والكثير من الامم التي راحت لتعبد الاوثان و الأصنام وربما اشركت من حيث لا تعلم كالذين أشركوا مع الله تعالى ذاتا او صفة غيره فطلبوا منهم السعادة والجاه والمقام فعبدوهم من حيث لا يشعرون وان كانوا هم من الموحدين وذلك أنه حتى ولو كان الشخص يتبع عالم دين بلا عقل ولا معرفة فإنه يكون قد عبده كما قال تعالى بالنسبة الى عوام اليهود والنصارى (اتخدوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله) التوبة 31, وكذلك هو حكم عوام الشيعة والسنة اذا اتبعوا علمائهم بلا وعي ولا معرفة وهكذا هم أغلب الناس حيث أن هذا قد عبد المال و آخر قد عبد الجاه والمقام.

فالله تعالى في هذه السورة يؤكد على الانسان المؤمن الذي يقرأ هذه السورة كرارا في كل يوم بأنه هو رب العالمين الذي بيده مقاليد الأمور تعريضا بالمشركين حيث أن الانحراف قد يسوق الى هذا الحضيض والحال أن الشخص ربما كان يرى نفسه يعيش صوابا فإن مشركي قريش كانوا يرون أنفسهم على ما هم عليه من الضلال والغواية من اتباع شيخ الانبياء ابراهيم عليه السلام الذي كان صرخة ضد الوثنية وعبادة الاصنام واذ بمن ينسبون انفسهم اليه اصبحوا عبدة أوثان وأصنام فهذه قاعدة عامة تشمل جميع البسطاء من البشر ولو كانوا من اتباع محمد (ص) و إلا فاليهود والنصارى ما عبدوا علمائهم و إنما انقادوا لهم جهلا لتهاون في دين وهو شأن كل من لم يتأمل في قوله (ص) :(إعرفوا الحق تعرفوا أهله) وقول الإمام علي عليه السلام :(إن الحق لا يعرف بالرجال إعرفوا الحق تعرفوا أهله) حيث يحصل الإنحراف عن منهج الأنبياء شيئا بعد شيء حتى تبتدع الأمم لأنفسها مذاهب هي عين الشرك وهي تظن أنها تعيش واقع الشرايع السماوية وقد ورد في الأحاديث حتى بالنسبة الى اتباع آل محمد (ص) الذي هو مذهب الحق فضلا عن المنقلبين على الأعقاب من اتباع بقية المذاهب الإسلامية أنه إذا جاء الحجة (عج) يقول له الكثير من الناس (يبن رسول الله هل جئت بدين جديد؟) كل ذلك لإنحراف الأمم عن مناهج أنبيائها لتهاون في الدين وذلك واضح فإن الناس يطلبون دنياهم في كل يوم اكثر من ثمانية الى عشر ساعات في حين أنهم لا يجعلون لأنفسهم حتى في أيام العطلة ساعة او ساعتين لمعرفة المناهج الربوبية كتابا وسنة وسيرة للرسول وآله و الأولياء الصالحين حيث ينبيء ذلك على أن الناس وإن إدعوا وتظاهروا بالدين أن الغاية الحقيقية المتبعة أساسا هي الدنيا ولذا بذلت لها الأعوام وتبذل وان الآخرة بما فيها من النعم غاية بالتبع وربما كانت غاية وهمية لدى البعض لم تكن قرارة نفس كل ذلك تصديقا لما قال الإمام الحسين عليه السلام :(الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم) هكذا هو واقع الأمم وإن إختلفت العناوين بالانتساب الى إبراهيم او موسى او عيسى او يحيى او محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام , داعين الله أن يخرجنا من نوم الغفلة قبل لقائه إنه ارحم الراحمين.

 

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

المحاضرة السابعة عشر تفسير قوله تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب)

المحاضرة السابعة عشر تفسير قوله تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب) من بعد ما تكلم الله تعالى عن المتقين جاء ليبن خصائصهم حتى يُعرف بسيماهم لدى من عرف الحق لا بألقاب قد تُفدى للرجال لزخارف الأقدار كحكم قد يهب طاغية عنوان أمير المؤمنين ومكرا قد يهب دجالا صفة الأولياء...

المحاضرة الخامسة عشر تفسير : (ذلك الكتاب لا ريب فيه)

المحاضرة الخامسة عشر تفسير : (ذلك الكتاب لا ريب فيه) كلمة ذلك يؤتى بها للإشارة الى البعيد في حين أن الكتاب المجيد بأيدي الناس ينظرون إليه ويشاهدونه فكيف يؤتى للقريب بما هو من شأن البعيد؟ فنقول إن ذلك واضح لدى أهل الأدب والمعرفة حيث أن المراد بالإشارة للبعيد في المقام...

المحاضرة الرابعة عشر بداية عرض الأخبار الأمرة بالعرض على الكتاب المجيد ثم تفسير (ألم)

المحاضرة الرابعة عشر بداية عرض الأخبار الأمرة بالعرض على الكتاب المجيد ثم تفسير (ألم) سورة البقرة مدنية كلها إلا آية واحدة كما قيل. قبل الدخول في تفسير سورة البقرة لا بأس بذكر الأحاديث الآمرة بلزوم العرض على كتاب الله تعالى ليعرف القاريء الكريم أن الأساس في كل شيء هو...

المحاضرة الرابعة عشر تفسير قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين

المحاضرة الرابعة عشر تفسير قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين من بعد أن طلب العبد المؤمن من ربه أن يوفقه ليصبح من الذين أنعم الله عليهم أرشده تعالى الى أن يدعو أيضا بألا يصبح من المغضوب عليهم ولا الضالين إما من باب التأكيد أو لأن العبد قد يظن نفسه من الذين...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا