آخر الأخبار

Generic selectors
Exact matches only
....بحث
Search in content
Post Type Selectors

محاضرات مختارة

تهنئة لحلول شهر رمضان المبارك

الصفحة الرئيسية » الأسئلة و إجاباتها » المعارف الإسلامية » كيف يأتي الإمام الحسين (ع) بطفله للمعركة طالبا له الماء وهو يعلم قطعا أنه سيقتل؟

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول بعض الأخوة الكرام إن هناك تسائلات تطرح بنحو الإستفهام أو النقد العلمي على بعض المرويات التي تعتبر من المعتقد الشيعي والتي منها أنكم تقولون بأن الحسين عليه السلام يعلم الغيبَ وكان عالما بأنه إذا جاء بولده وطلب له ماءً سيرميه حرمة أو أنه سيقتل فكيفَ عرّض بطفلٍ صغير للقتل وقسوة كان عالما بها مسبقاً :

الجواب:

فنقول في الجواب مقدمةً لما نحنُ بصدد الحديث عنه وتمهيدا لبلوغ المراد بأن لله تعالى علماً أزلياً قطعياًوفوق كل قطعٍ ويقين وفوق حتى الأسباب والعلل والمشيئة لأنها منه وعائدةٌ إليه تعالى لكنه مع كل ذلك ما اعتبر هذا الواقعَ مما تترتب عليه الآثار وأخذ بالخلائق لعلمه الأزلي القطعي الذي لا ريب فيه إلى منازل الجنان أو النيران ولا حتى ما كان يعلمه من ملائكته الكرام وإبليس قبل الإختبار بأمرهم للسجود لآدم عليه السلام أو ما لا نعلمُ من أسرار الغيب الأخرى بل جعل تعالى الحقائق بمراتب كونها تابعةً للعلل والأسباب في واقع كونها الخارجي سعادة أو شقاءً وخيراً أو شراً ولذا اعتبر الحساب تابعاً للأعمال من بعد ما منح العقلاء العلم والقدرة والإرادة ليختاروا لأنفسهم مسالك الرضوان والجنان أو البعد والنيران وبالتأمل والتفكر في هذا الواقع أيها الأخ الكريم تحل الكثير من العقد والأسرار فعش هذا الواقع في بعض خلوات الأسحار تفكراً وفقك اللهُ وإيانا لمسالك الأبرار .

    وأما ثانياً: وهذا الجواب بعد الخلق وعالم الإمكان فنقول إن الله تعالى بعث أنبياءه الكرام وهو يعلمُ منهم صدق النية ويعلمُ مسبقاً كل ما سيكونُ منهم من عزيمة على فعل الخيرات على اختلاف مراتبهم كما يعلم من المنافقين والطغاة والجاحدين وأبناء الدنيا الضائعين ما سيؤول إليه أمرهم من العزيمة على الشرور أو العيش في وديان الجهالات والضلالات لكنه لم يرتب أثراً على ذلك ولم يقل لماذا أجعل أحبائي وأهل مودتي من الأنبياء والأئمة الصالحين والأبرار يعيشون العناء والأهوال والخوف والفقر والقتل والسجون والحرمان والتهجير ومرارة الصبر وكذلك لم يفعل بالأشقياء ما يناسبهم وبمنعهم من الجريمة والإيذاء وسلب قدراتهم وذلك لأن العلم بالواقع ولو كان علماً إلهياً ربوبيا قطعيا هو غير الواقع الخارجي الذي تترتب عليه الآثار بصيرورة الوجود الإمكاني أو النفس البشرية خيراً أو شراً بالفعل متجسدا في الخارج حينما يتلبس الوجود بواقع النور أو بواقع الظلمة والشرور كما وأن الله تعالى بلا ريبٍ أنه كان عالماً بما يؤول إليه أمر إبليس بعد ستة آلاف سنة من العبادة وأنه كان يعلمُ بأنه لو فتح له أبواب الإغواء والوسوسة سيضل أكثر الخلائق لكن لم يلقي باللائمة أحدٌ من الموحدين على الله تعالى بأنه لمَ ما منع إبليس من ذلك حيث أنها مشيئةُ الإختبار والإختيار قضاء وقدرا لتحل كل نفسٍ في ما يناسبها من المنزلة عدلا لا حيف فيه ولو فرضنا أن نتاج الحرب في صفين كانت خفيةً على مثل الإمام علي والحسن والحسين عليهم السلام أو بعض الصديقين كعمارٍ ومالك لكنهما بلا ريب كانت كالشمس واضحة المعالم بنتائجها لدى الله رب العالمين فلماذا تركها لتباد بها رجالات المسلمين حيث نعود ونقول أيضاً إن ترتب الآثار إنما هو على واقع الفعل الخارجي حسناً وقبحا لا على القطع والعلم سواء كان لدى الله تعالى أو عند أولياءه الكرام ولذا لم يؤخذ من كان مصمما على الزناء أو القتل أو السرقة بجريرة هذه الأعمال كفعلٍ مرتكَب إذا لم يفعلوها في الخارج وللنفوس عند ربها يوم تبلى السرائر منازل الأنوار أو الظلمات لكن لا على الفعل الخارجي الذي لم يرتكب بل على واقع تلبسها بالخير او الشر حيث قد جعل الله دار الدنيا دار بلاء واختيار وللنيات الحسنة أو السيئة أحكامها يوم الجزاء لكن لا يجلدُ أحدٌ لعزم على شرب خمر حتى ولو اشتراه ومات قبل شربه ولذا لا يحاسبُ حساب شربةَ الخمور عند ربه أيضا ولذا ما رتب الإمامُ علي عليه السلام على بن ملجم حكم القاتل ولا على خوارج النهروان الذين تحركوا ليلا للإلتحاق بأصحابهم في النهروان بل حتى ما منعهم من الإلتحاق بالخوارج وقال هم أحرار ما لم يشهروا علينا سيفا خلافا للحكام الذين يأخذون الناس بالظنة والتهمة خوفا على كراسيهم المهزوزة وكل ذلك لأن الأحكام لا تترتب إلا على من تلبس بالعلم خيرا كان أو شرا ولذا بعث محمد (ص) البعض كخالد بن الوليد إلى قومٍ ولم يرتب الأثر على علمه ولما ذهب خالد وقتل الناس لأحقاده الجاهلية قال رسول الله (ص) اللهم إني بريء إليك من فعلة خالد  وكانت البراءة حقاً لا طلبا للتبرءة بعد ذنب وكان الله تعالى عالما قبل كل شيء ولم يأمر محمداً (ص) بعدم بعثة خالد إلى القوم وكل ذلك لأن الأحكام لا تدور في دار الإختبار على واقع العلم بل على الواقع الخارجي والتلبس بالجريمة.

    ولذا كان يجب أن تجري الأمور بمجاريها في كربلاء وصفين وغيرهما لا على العلم الأزلي الإلهي ولا على علم نبي او إمام أو صدّيق حيث اللهُ تعالى يريد أن تبقى الدنيا مختبرا للعقول صدقا وكذبا وخيرا وشرا ولو مشت الأمور على البواطن والأسرار لا انتهى كون الدنيا دار محنة واختبار ولذا قد يكونُ الشخص في الباطن ملحدا او منافقا لا ربط له بالإسلام والمسلمين ولكن النبي كان يتعامل مع الناس بما هم عليه من المظاهر ولم يرتب الآثار على واقعهم الظلماني إلحادا أو نفاقا أو بما هم عليه من الشرك الباطني ولا أيضا تعامل معهم في المواريث كأناس غير مسلمين.

    ومن ذلك ما قاد الأنبياء أممهم وهم كانوا يعلمون ان الحق في مقابل الباطل يسوق إلى حروبٍ نتاجها الأيتام والأرامل وإن وقفةً لأبوين ستؤدي إلى قتلهما بأبشع قتلة وبالأخص بالنسبة إلى ما حصل إلى أم عمار بن ياسر ولكن ترك الله الأمور تجري بمجاريها لتكونَ أحداثها اختبارا وعبرة للأجيال وهو تعالى العالم بمآئل الأمور ولو أخبر محمدا (ص) بأمر لينصح به ام عمار لما جرى بالنسبة إليها ما جرى من حدث حتى ولو ترددنا بعلم محمد (ص) لكننا لا نتردد بعلم الله الأزلي كل ذلك لتجري الدنيا بمجاريها في مسالك الخير والشر ولتكون سبيلا لمن شاء الخير او الشر ولتروي مسالك الأبرار طرق القرب ومسالك الأشرار طرق النيران ليعرف من شاء إلى ربه سبيلا كم كان هؤلاء في كربلاء قساة مجرمين حتى لا يقول قائل جهلاً بأنهم قتلوا الحسين مثلا خوفا على الكراسي بل ليعلم السالك مسالك ربه أن الجريمة والظلمات كانت واقع نفوسهم حتى ولو لم تكن سبيلا لعرش او مال بمثل قتلهم حتى للأطفال أوالنساء  وحرقهم للخيام بعد التمكن من نهبها أو التوقف على قتل الحسين وأصحابه دون التمثيل ورض الأجساد الطاهرة بالخيل او غير ذلك مما ارتكب في كربلاء مما كان ينبئ عن سقوط أخلاقي وخروج من زي الإنسانية فضلا عن الدين والتقوى ليكون ماثلا أمام الأجيال بما قام به الحسين عليه السلام من نبل او ما ارتكبه القوم من خسةٍ.

    وثالثا نقول إن العلم ولو كان قطعيا ببعض الأمور ككبريات يعلمها نبي او إمام إلا أن الحكمة الإلهية قد تقتضي لسنة الإختبار التي تعم الناس جميعا أن تخفى مواطن الإنطباق والجزئيات الخارجية حتى تبقى الحياة اختبارا بالنسبة للجميع حتى الأنبياء والأئمة عليهم السلام ليختبروا في حكمتهم في مواطن السلوك والربوبية وصبرهم وغير ذلك من مواطن الإختبار ولذا ما كان ليبلغ الإمام الحسين عليه السلام ما بلغ من درجة لو لا كربلاء بما حملت من عظيم أمر وتضحيات جسام وأهوال وثبات وصبر راح ليقدم فيه الحسين عليه السلام أول قتيل بإرادة ورغبة قبل أي شهيد في كربلاء ولده عليا الأكبر شبيه رسول الله (ص) ثم يأذن لإخوته وأهل بيته وأصحابه بالقتال بعد ذلك.

    وكذلك كانت حقائق الإختبار في حياة الأنبياء حتى ولو كانوا يعلمون علما قطعيا اجماليا بالكبريات ونتائج الأعمال إلا أن الجزئيات كانت من مواطن الإخفاء للإختبار وعليه فنقول إن علم الإمام الحسين عليه السلام بواقع قسوة القوم وعدم دينهم هو أمر غير تحققها في الخارج منهم ولذا نرى القرآن المجيد يشير بعد علم الأنبياء بالنصر إلى زلزال عظيم قد مر حتى على الأنبياء أنفسهم اختبارا للنفوس فضلا عن أصحابهم الكرام حيث يقول تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) ولهذا الواقع يخرج النبي او الإمام الى الحرب وهو قد وطّن النفس مرضاة لربه إلى جميع التضحيات حتى الشهادة .

    وبالجملة العلم بالكبريات شيء ككون الحسين عليه السلام سيستشهد واخفاء مواطن الجزئيات حتى عليه او على الأنبياء والصالحين بالإختبار لأنفسهم شيء آخر فهم كغيرهم في ميزان عدل الله اختباراً بما يناسبهم فنحن لو كنا مع الإمام علي عليه السلام وقد علمنا بنتائج حرب صفين قبل البدء بها لضعفت العزيمة منا في القتال لكن ذلك لعلم علي عليه السلام بما يريد الله تعالى اختبارا لعباده لا يضعفه في القتال وجهاد المنافقين وليس كما يتصور البعض أن العلم بواقع نصر الحق لدى الأنبياء والأئمة الكرام أو بعض الصالحين هو علمٌ بتفاصيل القضايا الجزئية ولذا ورد بالنسبة إلى الإمام علي عليه السلام حين خروجه من بيته ليلة استشهاده أنه قال والله كأنها هي الليلة ولكنه لم يرتب الأثر على ذلك كمصداق خارجي جزئي هو من كبريات علم بواقع أمر لا ريب فيه من أنه سيستشهد وفي الكوفة أيضاً.

    ورابعاً: نقول إن كون طفلٍ من أطفال الإمام الحسين عليه السلام كان قد قتل يوم كربلاء حاكيا عن بشاعة معركة وقسوة قومٍ وعدم دينهم ومدى سعيهم لإظهار الخلوص لأسيادهم وكون الإمام الحسين كان طفله عطشانا فجاء به إلى ساحة المعركة مع علمه بشقاء هؤلاء المجرمين طالبا له ماءً وهو يعلمُ علم اليقين أنهم سيقتلونه شيء آخر يحتاج إلى دليل قاطع في المقام وذلك غير موجود فلعل الطفل قد قتل بعد المعركة حين الهجوم على الخيام والنساء بسهمٍ طائش أوبقصد أو قتل أثناء المعركة لهجوم بعض المجرمين حينما أصبح الإمام الحسين عليه السلام لا ناصر يردع أحدا من الإقتراب من الخيام وهناك الف احتمال واحتمال آخر وكون خطيبٍ لرواية او لتحريك دمعةٍ راح ليقول بمقالٍ فأصبح من المسلمات ومن المشهور الذي لا تردد فيه لدى عامة الشيعة فإن ذلك لا يكون دليلا قطعيا وعلميا تترتب عليه الآثار لنورد عليه بعض الإشكالات استفهاما او نقدا في المقام هدانا الله وإياكم إلى الصواب إنه ولي التوفيق لمن كان يريد معرفة الحقيقة والتأمل فيها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار

محاضرات في الفطرة

محاضرات في الفطرة لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني  المحاضرة الأولى: هل الحمض النووي او ما يسمى بالـ DNA هو الفطرة؟

أين كانت الجنة التي أخرجَ منها آدم عليه السلام؟

بسم الله الرحمن الرحيم  أين كانت الجنة التي أخرجَ منها آدم عليه السلام؟ بسم الله الرحمن الرحيم وبعد فقد ورد سؤال من بعض الإخوة الكرام يقول فيه أين كانت الجنة التي أنزل منها آدم (ع) فهل هي جنة الخلد التي ستكون مقراً للأنبياء والصالحين بعد هذه الحياة الدنيا أم هي جنة في...

سؤال حول مسألة التطبير

سؤال حول مسألة التطبير بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله الطاهرين. و بعد فجوابا لسؤال قد ورد من قبل بعض المؤمنين حول مسألة التطبير في ما يتعلق بعزاء الإمام الحسين عليه السلام من أن ذلك هل هو من إحياء أمرهم او أنه من...

أسئلة عقائدية

تابعنا على صفحاتنا