سلام علیکم
من الادعیه المرویه عن الامام الصادق علیه السلام انه کان یدعو فی کل لیله من شهر رمضان بدعا المعروف بدعا الحج و فی الدعا یسئل من الله ان یکرمه بهوان من شاء من خلقه. السئوال هو انه لماذا الامام یسئل ان یکرمه بهوان من شاء من خلقه اما کان من الافضل ان یسئله الکرامه لنفسه بغیر ان یهن الاخرین؟
وروى الكليني في الكافي عن أبي بصير قال : كان الصّادق (عليه السلام) يدعو بهذا الدّعاء في شهر رمضان :
اَللّـهُمَّ اِنّي بِكَ وَمِنْكَ اَطْلُبُ حاجَتي، وَمَنْ طَلَبَ حاجَةً اِليَ النّاسِ فَاِنّي لا اَطْلُبُ حاجَتي إلاّ مِنْكَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وَاَساَلُكَ بِفَضْلِكَ وَرِضْوانِكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وأهْلِ بَيْتِهِ، وَاَنْ تَجْعَلَ لي في عامي هذ اِلى بَيْتِكَ الْحَرامِ سَبيلاً حِجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقبَّلَةً زاكِيَةً خالِصَةً، لَكَ تَقَرُّ بِها عَيْني، وَتَرْفَعُ بِها دَرَجَتي، وَتَرْزُقَني اَنْ اَغُضَّ بَصَري، وَاَنْ اَحْفَظَ فرْجي، وَاَنْ اَكُفَّ بِها عَنْ جَميعِ مَحارِمَكَ، حَتّى لايَكُونَ شَيءٌ آثَرَ عِنْدي مِنْ طاعَتِكَ وَخَشْيَتِكَ، وَالْعَمَلِ بِما اَحْبَبْتَ، وَالتَّرْكِ لِما كَرِهْتَ وَنَهَيْتَ عَنْهُ، وَاجْعَلْ ذلِكَ في يُسْر ويسار عافِيَة وَما اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَاَساَلُكَ اَنْ تَجْعَلَ وَفاتي قَتْلاً في سَبيلِكَ، تَحْتَ رايَةِ نَبِيِّكَ مَعَ اَوْلِيائِكَ، وَاَسْاَلُكَ اَنْ تَقْتُلَ بي اَعْداءَكَ وَاَعْداءَ رَسُولِكَ، وَاَسْاَلُكَ اَنْ تُكْرِمَني بِهَوانِ مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَلا تُهِنّي بِكَرامَةِ اَحَد مِنْ اَوْلِياءِكَ اَللّـهُمَّ اجْعَلْ لي مَعَ الرَّسُولِ سَبيلاً، حَسْبِيَ اللهُ ما شاءَ اللهُ
الجواب:
مقدمة لمحل البحث لابد من ملاحظة أمر وهو أنه يجب الإلتفات الى معنى الكلمات بحسب مفهومها اللغوي اولا لأنه قد يفهم الإنسان من كلمة في آية أو رواية او دعاء شيئا هو غير مراد بحسب المفهوم لمفردات الكلمات او الجمل وما يحوطها من الدلالات.
فكلمة هوانا وهونا يراد منها الذل والتحقير و المهانة و الإذلال و الخزي فيكون المراد هاهنا من طلب الإمام عليه السلام من ربه هو أن لا يستبدل به غيره من عباده في إذلال أعداء الدين من الطواغيت والظالمين و أن يوفقه من التمكن من الوقوف ضد الظالمين كما و أنه طلب من ربه ان لا يكرم أحدا من أوليائه بإذلاله لأنه لا يهان على يد الأولياء إلا من كان ظالما فهو اذن يطلب أن لا يكون من الظالمين حتى يستحق الإذلال على يد أولياء الله تعالى كما و أنه يطلب من ربه أن يكون من الاولياء الذين بهم يكون إذلال وإهانة أعداء الله تعالى و هذه هي الغاية من خلق الإنسان على وجه الأرض لتحقيق الحق و إماتة الباطل حيث يقول تعالى (ليقوم الناس بالقسط ) ولا قسط ولا عدل يمكن تحقيقه تحت ظل سلطان الظالمين فطلب الإمام من ربه أن يوفقه لهوان أي إذلال من شاء من المردة الظالمين و أن يكون أداة لنصر الحق ضد الباطل وهذا من أعلى غايات و أمنيات المؤمنين منذ خلق الله تعالى الإنسان على وجه الأرض وليس هناك من نبي او ولي من أولياء الله تعالى إلا وهو قد تمنى من ربه أن ينصر به دينه و أن يستشهد في سبيله لينال عظيم مقام الشهداء عند ربه.
فهناك سبل حق وباطل ولاحق أحقّ بالطلب من التوفيق للوقوف لجانب الحق ضد الباطل بأن يهين الله تعالى على يد أوليائه أعداءه و أي غاية أرفع من أن يوفق الله تعالى العبد لنصر الحق و البلوغ الى قمم غايات الحق لايكون الا بالوقوف ضد الباطل و إذلال الظالمين على يد المؤمنين ليعيش عباد الله المؤمنون والمظلومون و البائسون حياة الكرامة والشرف والعز .
إذن ليس المقام من باب طلب او تمنى إهانة الآخرين بل من باب طلب التوفيق لردع عدوان الظالمين الذين إن تمكنوا يهلكون الحرث والنسل ويحرفون سنن المرسلين او يحاولون انكارها و عليه فلا يقال أما كان من الأولى أن يطلب الإمام عليه السلام من ربه علو المقام والكرامة لنفسه بدلا من إهانة الآخرين و ذلك لأنه لا كرامة إلا بالوقوف ضد الباطل والظالمين ولا يكون المؤمن مؤمنا بمجرد القيام بالصلاة والصوم مالم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويكون سدا أمام الباطل فتمنى الثبات و التوفيق للوقوف ضد الباطل و الظالمين هو ما يتمناه كل تقي بأن يستعمله الله ضد اعداء الدين والإنسانية الذين تعلقت وتتعلق المشيئة الإلهية بإذلالهم لإعلاء كلمة لا إله الا الله على وجه الأرض تحقيقا للعلم في مقابل الجهل وللحق في مقابل الباطل وللعدل في مقابل الظلم و إلا فأولياء الله تعالى لا يقابلون الإساءة بالإساءة ( واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) وإذا تمكنوا من رقاب أعدائهم كان العفو والصفح من شيمهم فضلا من أن يتمنى الواحد منهم إهانة أحد من الخلق.
وخلاصة الكلام إن الإمام عليه السلام كان يطلب من ربه ان يمكنه و يوفقه أن يذل تعالى بواسطته أعداء الحق و العدل فالقول بأنه اما كان الأفضل ان يسأله الكرامة لنفسه بغير ان يهين الآخرين أمر غير معقول لإن بإهانة و إذلال الظالمين نصر الحق والعدل لكون الحق والباطل ضدان لا يجتمعان ولا ينتهي النزاع بينهما إلا اذا ظهرت أشراط الساعة مقدمة للحضور أمام محكمة العدل الإلهي يوم الحساب وفقنا الله تعالى و إياكم لنصر دينه و جعلنا ممن ينتصر به لإعلاء كلمة لا إله الا الله لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
0 تعليق