اذا كانت الاشياء كلها قد اوجدها الله تعالى فمن هو موجد الله
سؤال من بنت صغيرة اسمها زهراء حكيم تسأل قائلة اذا كانت الاشياء جميعا قد خلقها الله تعالى فمن الذي قد خلق الله وكيف احتاجت الاشياء الى خالق وهو لم يحتج الى خالق؟!
الجواب:
نتكلم بما يتناسب وحال السائل بعيدا عن دقائق اجوبة العرفان و الفلسفة او ما هو ارفع منهما غورا مما يتعلق بمباحث التوحيد كتابا وسنة وما ورد في خطب المعصومين عليهم السلام في هذا المقام وكذلك بغض الطرف عن كون السؤال بنفسه على اطلاقه غير صحيح وذلك لأنه لا يصح القول بأنه كل شيء لابد له من علة بل القاعدة ان يقال كل ممكن محتاج الى العلة واحتياج الممكن الى العلة بديهي وإلا فلو قيل كل شيء لابد له من علة لكان الوجود بما هو وجود محتاجاالى علة ولا تفرض العلة حينئذ إلا ان تكون العدم والعدم محض لا شيئية فلا يعقل ان يكون علة لشيء .
ولكن مع كل هذا فتمشيا مع السؤال نأتي ونقول حيث ورد فيه لو كانت الاشياء مخلوقة لله تعالى فمن الذي خلق الله فنحن نسأل قبل الجواب أيضا من الذي خلق الذي خلق الله تعالى فلو قيل من خلق الله تعالى هو ألف لسألنا ثانية من الذي خلق الألف فان قيل الباء نسأل ثالثة من الذي خلق الباء وهكذا فلا يقف الامر عند حد وهذا ما يلفت نظر المتأمل إلى ان الوجود بما هو وجود لا يحتاج الى علة و إلا لكان العدم هو علته لأن من البديهي أن الوجود في مقابل العدم هو التحقق ولا يعطى إليه التحقق وإنما يعطى التحقق لمن كان بحسب ذاته لا تحقق له أي من كان مسبوقا بالعدم كالسماء والأرض والمجرات والانسان والشجر حيث أنه قد ثبت علميا ان كل هذه الامور حتى المجرات لها بداية ولو افترضت انها قبل مليارات السنين و للتقريب الذهني نقول لو سأل السائل ما هو مصدر العيون الجارية من الجبال او النابعة من الارض وكذا ما هو مصدر الانهر والشطوط والغيوم و الامطار لقيل له هي البحور وعندها يتوقف السؤال لرجوع الفروع الى اصولها ولا يقال ماء البحور يرجع الى أي ماء لأنه لا يعقل ان يرجع كل بحر الى غيره الى مالا نهاية له ولو فرض استمرار سؤال السائل بعد ذلك فإنه يصح ان يقال ماهو جوهر الماء فيجاب بانه مركب من عنصرين مثلا ولو استمر التسائل ماهو مصدر العنصرين لرجع الامر الى الوجود ولا يقال ماهو مصدر الوجود وماهي علته لأن الوجود هو علة العلل ولا يعقل أن يرجع الى العدم ومن المعلوم ان كل وجود كانت حيثيته و ذاته العدم ثم وجد فإنه محتاج الى علة ومثل هذا الوجود لا يكون اصيلا في مقابل العدم ولا يكون اصلا للوجودات لأنه نظيرها من حيث كونه ما كان ثم وجد لعلة من العلل ولا يعقل ان تكون كل الوجودات محتاجةالى علة و إلا لكان العدم مصدرا للوجود كما تقدم بل لابد وان ترجع كل الوجودات الحادثة اي التي ما كانت ثم وجدت الى علة لم تكتسب الوجود من غيرها وهذا الوجود القديم الذي هو الاصل لكل الوجودات هو ما يعبر عنه بالله او الموجد او الصانع .
0 تعليق